أفاد موقع “أكسيوس” الإخباري، نقلاً عن 4 مصادر، الأربعاء، بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعتزم تقييد مشاركة المعلومات الاستخباراتية السرية مع الكونجرس، وذلك عقب تسريب تقييم سري يشير إلى أن الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية لم تكن بالنجاح الذي صوّره ترمب.

وذكرت المصادر أن مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI فتح تحقيقاً بشأن التسريب، الذي أثار غضب الرئيس ومسؤولي إدارته، معتبرين أن نشر التقييم الاستخباراتي الأولي يهدف إلى تقويض تصريحات ترمب التي أكدت أن المواقع النووية الإيرانية قد “دُمِّرت بالكامل”.

ونشرت وسائل إعلام أميركية تقييماً استخباراتياً أعدته وكالة استخبارات الدفاع، ذراع الاستخبارات الرئيسية لوزارة الدفاع “البنتاجون”، يشكك في نجاح الضربات الأميركية التي استهدفت 3 منشآت نووية، الأحد الماضي، في تدمير برنامج إيران النووي بالكامل.

وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض للموقع: “نعلن الحرب على المسربين”، مشيراً إلى أن الاستخبارات تعمل حالياً على تشديد إجراءاتها لمنع من وصفهم بـ”عناصر الدولة العميقة” من تسريب تقارير ذات مستوى ثقة منخفض إلى وسائل الإعلام.

ولم يقدم المسؤول تفاصيل حول كيفية تنفيذ هذا التقييد. يُذكر أن لأعضاء الكونجرس صلاحية قانونية للاطلاع على المعلومات السرية في إطار مهامهم التشريعية والرقابية، ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستواجه اعتراضاً من جانب المشرعين، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”. 

 نظام CAPNET

ووفقاً للمصادر، تعتزم الإدارة الأميركية الحد من نشر المعلومات الحساسة على نظام CAPNET، وهو منصة مخصصة لمشاركة المعلومات المصنفة سرّية مع الكونجرس.

وكان تقييم وكالة الاستخبارات الدفاعية بشأن حجم أضرار القصف على إيران قد أُدرج على CAPNET مساء الاثنين، لكن بحلول عصر الثلاثاء، كانت وسائل إعلام مثل CNN وصحيفة “نيويورك تايمز” قد بدأت بنشر مقتطفات منه.

وأظهرت التقارير الإعلامية، أن برنامج إيران النووي تراجع لعدة أشهر فقط، وليس كما أعلن ترمب بأنه “دُمِّر بالكامل”.

وكان الديمقراطيون في الكونجرس أصلاً غاضبين من رفض إدارة ترمب إطلاع بعض الأعضاء على تفاصيل الضربات قبل تنفيذها، ويُتوقع أن تؤدي الخطط الجديدة لتقييد المعلومات إلى زيادة التوتر والانتقادات.

لكن مسؤولي الإدارة بدوا غير مكترثين، إذ قال أحدهم: “من الواضح أنه ما إن نضع المعلومات على CAPNET، حتى تتسرب.. لا يوجد مبرر لتكرار ذلك”، بحسب “أكسيوس”.

وأشارت المصادر، إلى أن التقييم المسرب كان أولياً، وأُعد خلال 24 ساعة فقط بعد الضربات، استناداً إلى صور الأقمار الاصطناعية، دون أي تحقق ميداني للأضرار.

كما أن التقرير كان مجرد “لقطة أولية” صادرة عن واحدة فقط من بين 18 وكالة استخباراتية أميركية، وذُكر فيه صراحة أن مستوى الثقة في البيانات “منخفض”، وأن الهدف منه كان مساعدة الإدارة على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان ينبغي تنفيذ ضربات إضافية.

وفي المقابل، أشار تقييم أولي للاستخبارات الإسرائيلية، إلى أن الضربات الأميركية والإسرائيلية تسببت في “أضرار بالغة جداً” للمواقع النووية الإيرانية.

أزمة ثقة مستمرة

وتأتي هذه التطورات لتعزز من شعور ترمب المتزايد بالارتياب تجاه أجهزة الاستخبارات الأميركية، وهو شعور رافقه منذ حملته الانتخابية الأولى عام 2016، على خلفية التحقيق في علاقاته مع روسيا.

وقال أحد مستشاري الرئيس الأميركي، إن “ترمب يدرك أن أجهزة الاستخبارات مليئة بأشخاص يكرهونه”.

وخلال مؤتمر صحافي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في لاهاي، هاجم ترمب التسريبات وحجم التغطيات الإعلامية لها، وهو الموقف ذاته الذي تبناه وزير الدفاع بيت هيجسيث ووزير الخارجية ماركو روبيو المكلف بمنصب مستشار الأمن القومي. 

وأكدوا أن الضربات الأميركية استهدفت 3 منشآت نووية إيرانية باستخدام صواريخ “توماهوك” وقنابل خارقة للتحصينات، ما أدى إلى إلحاق ضرر بالغ بالبرنامج النووي الإيراني، مستشهدين أيضاً بتقييم الوكالة الدولية للطاقة الذرية. 

وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، الاثنين الماضي، إن القصف الأميركي ربما ألحق أضراراً “جسيمة” بأجزاء من منشأة “فوردو” الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، المقامة أسفل جبل، غير أنه ليس بوسع أحد حتى الآن تحديد مدى هذه الأضرار.

وأسقطت الولايات المتحدة أكبر قنابل تقليدية في ترسانتها على منشآت نووية إيرانية، الأحد الماضي، وذلك في أول استخداماتها لتلك الذخائر الخارقة للتحصينات في القتال سعياً للقضاء على مواقع تشمل منشأة “فوردو” لتخصيب اليورانيوم.

وقال جروسي في بيان خلال اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة، إنه “من المتوقع حدوث أضرار جسيمة بالنظر إلى الحمولة المتفجرة المستخدمة وطبيعة أجهزة الطرد المركزي شديدة الحساسية للاهتزاز”.

شاركها.