نظّم مركز «إرادة» للعلاج والتأهيل في دبي رحلة لمتعافٍ من الإدمان إلى قمة جبل كلمنجارو، أعلى قمة جبل مستقل في العالم، التي يبلغ ارتفاعها 5859 متراً، في إطار برامج المركز المجتمعية الهادفة إلى التخفيف من الوصمة المجتمعية ضد مرض الإدمان، وتعزيز التمكين النفسي والاجتماعي للمتعافين، ودعم مسيرتهم نحو الاندماج الإيجابي في المجتمع.
وقال المدير التنفيذي لمركز إرادة للعلاج والتأهيل، عبدالرزاق أميري: «نؤمن أن التعافي لا ينتهي عند العلاج، بل تبدأ بعده رحلة جديدة تكمن فيها معاني القوة والتغيير، وتسهم مثل هذه المبادرات في بناء الثقة، وإبراز قدرات المتعافين، وتوجيه رسالة إيجابية بأن التعافي ممكن، وأن الدعم المجتمعي يصنع فرقاً حقيقياً»، ورافق المتعافي في الرحلة التي حبست الأنفاس، مدير إدارة التوعية والدعم الاجتماعي بمركز إرادة، الدكتور عبدالله الأنصاري، الذي أشار إلى أن الرحلة كانت تجربة لا تُنسى حمل خلالها المتعافي رسالة إلى المجتمع بأن «الإدمان مرض، والعلاج هو الحل».
وقال الأنصاري لـ«الإمارات اليوم»، على هامش فعالية شرطة دبي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، إن المركز اختار متعافياً استكمل سبعة أشهر في العلاج، وتم تدريبه وتأهيله بدنياً وعلمياً لمدة ثلاثة أشهر من خلال القيام برحلات في الجبال الموجودة بالدولة في الفجيرة وخورفكان وحتا، وتم إجراء فحص له بهيئة الصحة في دبي واستكملت ترتيبات سفره مع موظف آخر من المركز.
وأضاف أنهم انطلقوا سوياً من مطار دبي إلى مطار أديس أبابا، ومنها إلى مطار كلمنجارو، وهناك تلقوا تعليمات الصعود في الرحلة التي تستمر لمدة خمسة أيام.
وتابع أن الرحلة لها ثلاثة أهداف، الأول رسالة من إمارة دبي إلى تعزيز الأمل من خلال الرياضة وترسيخ التوعية بشأن القدرة على العلاج من الإدمان، وأشار إلى أن الهدف الثاني هو تحقيق رغبة قوية لدى متعافٍ عبّر عن حاجته إلى تحقيق إنجاز يُعيد له الثقة بنفسه ويفخر به أمام أطفاله، والهدف الثالث أن تصل قصة النجاح إلى أكبر عدد ممكن من خلال تجربة لا تُنسى، تؤكد أن أصحاب الإرادة قادرون على تجاوز مراحل العلاج، وتم رفع علم الدولة هناك، إلى جانب شعار المركز، في إشارة إلى أن العلاج متاح، وفي انتظار من يملك الشجاعة لطلبه.
وأوضح أن البطل المتعافي من إمارة دبي، ورغم أنه لم يكن رياضياً وكان وزنه يقارب 100 كيلوغرام، فإنه تمتع بالعزيمة، وعمل المركز على تأهيله حتى خسر نحو 15 كيلوغراماً ليتمكن من خوض التجربة.
بدوره، قال صاحب الإرادة، المتعافي الذي خاض الرحلة الصعبة: «لم يكن صعودي إلى قمة كلمنجارو تحدياً جسدياً فحسب، بل كان صعوداً من وادٍ عميق من الألم نحو أفق من النور»، لافتاً إلى أنه كان يستحضر الماضي في كل خطوة، ليثبت لنفسه وللعالم أن التعافي ممكن، وأن السقوط في الإدمان لا يعني النهاية.
وأضاف: «على ارتفاع آلاف الأمتار، ومع كل نفسٍ يثقل بنقص الأوكسجين، شعرت بأنفاسي تكتسب معنى جديداً.. هناك هواء نقي من وصمة الماضي، ومساحة خالية من الأحكام مملوءة بالإرادة، وقفت هناك على القمة، ورفعت علم بلادي، وشعار المركز، ورفعت معه رسالة لكل من يعاني: أنت لست وحدك، وهناك يدٌ تمتد إليك إن قررت أن تبدأ».
وتابع: «أنا مجرد صوت من أصوات كثيرة خرجت من العتمة، لكن ما أوصلني إلى هنا لم يكن فقط العلاج، بل الثقة التي مُنحت لي، والمساحة التي وفرها لي مركز إرادة لأعيد اكتشاف نفسي، وأثبت أن التعافي ليس مجرد انتهاء ألم.. بل بداية حقيقية لحياة تستحق أن تُعاش».
وقال: «كل خطوة على الجبل كانت تذكرني بخطوة على طريق التعافي.. أول خطوة للعلاج، أول اعتراف، أول لحظة صدق مع النفس، واليوم من أعلى نقطة على جبل كلمنجارو، أقول لكل شخص يعاني بصمت: لا تخجل، لا تستسلم.. أنت تستحق حياة جديدة، والتعافي ممكن»، وأكد أنه لا أحد ينجو بمفرده، وأن ما حققه لم يكن ليحدث لولا احتضان مركز إرادة، والدعم الصادق من فريق آمن بأن كل إنسان يستحق فرصة جديدة، مهما كانت العثرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news