قال رئيس المحاكم الابتدائية في دبي، القاضي خالد الحوسني، إن تخيير الابن بين الحاضنين، حين يبلغ الـ15 من عمره، وفق قانون الأحوال الشخصية الجديد، ليس إلزامياً، فربما لا يصب قراره في مصلحته، إذ قد يميل إلى الطرف الذي يلبي له رغباته.
وأكد أن هناك آباء يحرصون على المحافظة على الطفل وحمايته وتقويم سلوكياته ومراعاة مستقبله، وآخرين لا يطلبون رؤية أبنائهم لسنوات.
وتفصيلاً، ذكر الحوسني أن لجنة الاحتضان التي أنشأتها محاكم دبي، أسهمت في حل كثير من الإشكاليات، في ظل تشكيل عضويتها من اختصاصيين في هيئة تنمية المجتمع بدبي، وشرطة دبي، وهيئة الصحة بدبي، ما جعلها عيناً للقاضي في البيوت، وسبيلاً لاختيار الأصلح للحضانة، لافتاً إلى أن 99% من الأحكام الصادرة في هذا الشأن استندت إلى تقارير لجنة الاحتضان.
وأفاد بأن ثمة تغييرات في أحكام الحضانة بقانون الأحوال الشخصية الجديد، منها زيادة سن انتهاء الحضانة ببلوغ المحضون 18 سنة ميلادية، وتوحيدها للذكر والأنثى (القانون السابق حدد انتهاء حضانة النساء ببلوغ الذكر 11 عاماً والأنثى 13 عاماً).
كما استُحدث حكم يمنح المحضون الحق في اختيار الإقامة لدى أي من والديه بإتمامه 15 عاماً من عمره. وأعيد النظر في حال كانت الحاضنة أُماً على غير دين المحضون، بحيث يرجع الحكم لتقدير المحكمة وفقاً لما تقتضيه مصلحة المحضون، فيما نص القانون السابق على انتهاء حضانة الأم غير المسلمة عند إتمام المحضون خمس سنوات.
وأوضح أن «الحضانة، عموماً، مسألة تقديرية ومحل اجتهاد، واختلف فيها الفقهاء مع تغير الظروف والزمان، فهناك من يرى أن مشاركة الأبوين فيها أفضل لتحقيق العدالة ومصلحة الطفل، وتنص على ذلك القوانين الأجنبية، فيما يرى الفقهاء ضرورة بقاء الأنثى مع أمها إلى أن تتزوج، بينما يجب أن يكون الابن تحت ظل أبيه حتى يتحلى بأخلاق الرجال، ويتحمل المسؤولية، وهذا فهم عميق».
وأشار إلى واحد من الإشكاليات المتكررة وهو قصر ساعات الرؤية وحق الأب في مبيت المحضون لديه، مضيفاً: «حسناً فعل المشرع بعدم تحديد المدة، وجواز مبيت الطفل مع والده إذا لم يكن هناك أي ضرر عليه، كأن يكون رضيعاً في حاجة مستمرة لرعاية أمه».
وتابع أن «منع المبيت حسب المذاهب السابقة ربما كان يناسب زمناً معيناً، حين كان الأبوان يعيشان في محيط سكني واحد، قبل أن تنمو الدول ويتباعد الناس»، لافتاً إلى صعوبة أن يكون الابن مع والده في إمارة ويجبر على إعادته في اليوم نفسه إلى الأم التي تعيش في إمارة أخرى.
وحول مسألة تخيير المحضون حين يبلغ الـ15 من عمره حسب القانون الجديد، قال الحوسني إن هذا ليس إلزامياً، لأن الطفل أو المراهق في هذه السن قد يميل إلى الطرف الذي يسعى إلى تدليله ويلبي رغباته، أو لا يستطيع السيطرة عليه، ومن هنا تأتي أهمية لجنة الاحتضان في دبي، التي تدرس ظروف كل طرف وحال الأسرة وأخلاق الأبوين، فإذا رصدت أن المصلحة وجوده مع الأب، لأنه أقدر على تربيته وحمايته وتقويم سلوكياته، فستحكم المحكمة بذلك، ولو كان ضد رغبة المحضون، لأن مصلحته تمثل الأولوية في القرار.
وأضاف أن لجنة الاحتضان التي أنشأتها محاكم دبي بموجب قانون «وديمة» حلت كثيراً من الإشكالات المتعلقة بالحضانة، في ظل تشكيلها من اختصاصيين ذوي خبرات كبيرة ومتنوعة، من هيئة تنمية المجتمع، وهيئة الصحة، وشرطة دبي، وبها موجهون أسريون من المحاكم، فيدرس الأطراف الأربعة حال الطفل، ومَن الأصلح للحضانة، وبيئة كل منهما، فيغطي ذلك الجوانب النفسية والأمنية والصحية والاجتماعية.
وتابع أن «اللجنة أصبحت عيناً للقاضي في المنازل، فمن خلال المتخصصين يمكن الكشف عما ما إذا كان الأب متعاطياً أو متورطاً في قضايا تمس أمن الطفل. وينطبق ذلك على الأم»، مشيراً إلى أن 99% من أحكام الحضانة التي أصدرتها محكمة الأحوال الشخصية استندت إلى تقارير لجنة الاحتضان، فيما أن النسبة المتبقية شهدت خلافات في الرأي بين أعضاء اللجنة، فلم يتفقوا على ترجيح طرف على حساب الآخر، في عدد يراوح من ثلاث إلى أربع قضايا.
وشرح الحوسني أن الحضانة تتضمن ثلاثة حقوق، الأول للصغير، وهو المقدم، والآخران للأب والأم، فإذا تبين للقاضي أن مصلحة المحضون مع الأم يحكم بذلك، ولو اختلف مع النص. وإذا تبين أن وجوده معها يمثل ضرراً عليه، يحكم بالعكس، كأن تكون مريضة أو مقعدة.
وكشف أن هناك حالات لم يسقط فيها حق الحضانة عن الأم، على الرغم من زواجها من أجنبي، كأن يكون الأب مدمناً، أو غير ملتزم بالإنفاق والرؤية، لافتاً إلى أن هناك حالات لآباء لا يرون أبناءهم لسنوات، وحين تتزوج الأم يطلبون إسقاط الحضانة عنها، فكيف نقبل ذلك وهو لا يبالي ولا يهتم، وليس الطفل من أولوياته، لكنه يريد التنكيل بها فقط.
ولفت إلى أن دعاوى إسقاط الحضانة التي نظرها راعى فيها بيئة الزوجين، وقال إن «امرأة أجنبية كانت ترتاد ملهى، وترقص مع شخص أجنبي، وتشرب الخمر، واستند زوجها على ذلك لأخذ الأطفال منها، لكن المحكمة لم تسقط حضانتها، لأن هذه هي البيئة التي كان يعيش فيها معها، ولم تفعل شيئاً مغايراً لسلوكياتها أو روتين حياتها معه. فيما أسقطت الحضانة عن امرأة أخرى لمجرد تحدثها هاتفياً مع شخص أجنبي، لأن هذا مغاير لثقافتها وبيئتها والمجتمع الذي تعيش فيه مع زوجها».
وتابع أن من «يقارن بين القضيتين يعتقد أن هناك تناقضاً بين الحكمين، لكن الحقيقة أن القاضي يراعي البيئة والظروف».
وأضاف: «في قضية أخرى، جاء رجل إلى المحكمة شاكياً هروب زوجته بالأطفال مع شخص آخر إلى خارج الدولة، واستقرت في دولة لا يوجد معها اتفاقية تسليم، ما حال دون تنفيذ حكم إسقاط الحضانة، فلام الزوج المحكمة على ذلك، وكان الرد عليه: أين كنت حين اخترتها زوجة لك؟».
وأكد الحوسني أن من حق الأبناء على والدهم حسن اختيار الأم، لذا قبل أن يلوم أي طرف يجب أن يدقق جيداً في اختياره.
وأشار إلى أن هناك تبايناً في هذه القضايا بحكم تنوع الثقافات في الدولة، ووجود جنسيات أجنبية لها ثقافاتها وعاداتها.
• من حق الأبناء على والدهم حسن اختيار الأم، لذا قبل أن يلوم الزوج أي طرف يجب أن يدقق جيداً في اختياره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news