تطرح الحرب بين إسرائيل وإيران والتي انتهت بوقف إطلاق النار في 24 يونيو الماضي، تساؤلات بشأن استعدادات الجانبين لاحتمالية نشوب صراع مفتوح جديد في المستقبل.
ولطالما استعد الجيش الإسرائيلي، لاحتمال اندلاع أعمال عدائية شاملة مع إيران، من خلال الاستثمار في مقاتلات الجيل الخامس من طراز F-35 المُعدلة بشكل كبير، وترسانات ضخمة من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية المحلية، ومؤخراً شراء مقاتلات F-15EX الثقيلة المثالية للعمليات بعيدة المدى. وتأثرت جميعها بالتحديات المتوقعة لمواجهة القوات المسلحة الإيرانية، وذلك وفق مجلة Military Watch.
وظلت قدرات الحرس الثوري الإيراني على توجيه ضربات صاروخية باليستية، أحد التحديات الرئيسية في الانخراط في أعمال عدائية مفتوحة مع إيران، والتي كانت على قدر التوقعات بقدرتها على توجيه قوة مدمرة ضد أهداف في جميع أنحاء إسرائيل.
وبعد أقل من أسبوع من اندلاع الحرب، سارعت مصادر غربية، بما في ذلك مسؤولون أميركيون، إلى لفت الانتباه للنقص المتزايد في صواريخ أرض-جو التي تستخدمها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، وتحديداً نظام Arrow المضاد للصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى نظامي “مقلاع داود”، و”باراك 8”.
وتفاقمت هذه المخاوف مع بدء إيران في المراحل الأخيرة من الصراع في إطلاق صواريخ باليستية متعددة الرؤوس الحربية، ما يشكل تحديات جديدة كبيرة ويتطلب عدة أضعاف عدد الصواريخ الاعتراضية لتحييدها.
وتزايدت أزمة نقص الصواريخ الاعتراضية في إسرائيل، بسبب اعتماد البلاد على أنظمة الدفاع الجوي المحلية، والتي لا تزال فريدة من نوعها بالنسبة للبلاد، وبالتالي لا يمكن تجديدها من قبل الشركاء الاستراتيجيين في الخارج خلال أوقات التوترات العالية.
ويتناقض هذا مع أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية مثل Patriot وTHAAD وAegis، والتي يمكن لمشغليها رؤية مخزونات الصواريخ تتجدد بسرعة على حساب القوات الأميركية أو عملاء آخرين.
وعلى الرغم من أن أنظمة THAAD التابعة للجيش الأميركي، ومدمرات Aegis التابعة للبحرية مستنفدة؛ كونها منتشرة للمساهمة في الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية، إلا أنه يمكن تجديد ترساناتها من الإمدادات العالمية من الصواريخ أرض-جو، ومن خطوط إنتاج أكبر بكثير.
وقد تتفاقم صعوبات إسرائيل في تخزين الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية وفي تجديد الترسانات المستنفدة، بسبب الضربات المستقبلية على المنشآت التي تساهم في إنتاج هذه الصواريخ، أو بسبب الهجمات على منصات الإطلاق نفسها كما كان الحال في العديد من العمليات الناجحة المبلغ عنها بواسطة جماعة “حزب الله” اللبنانية في عام 2024.
بديل ناجح
في ضوء اعتماد إيران على الصواريخ الباليستية للدفاع عن أمنها، فإن نهج إسرائيل المتمثل في الاعتماد بشكل شبه كامل على الأنظمة المحلية أصبح موضع تساؤل بشكل متزايد، مع ظهور حجج قوية مفادها أن شراء أنظمة تستخدم صواريخ اعتراضية مشتركة مع القوات الأميركية سيكون مفيداً للغاية.
وعلى الرغم من أن نظام Patriot أظهر مراراً أوجه قصور خطيرة في الماضي، بالإضافة إلى أن نظام THAAD لديه قيود في تنوعه ولا يستخدمه الجيش الأميركي إلا بأعداد محدودة للغاية، فإن نظام Aegis يمثل بديلاً أكثر جاذبية.
ورغم أن نية إسرائيل تقديم نفسها كقائدة في تكنولوجيات الدفاع الصاروخي، من أجل تصدير أنظمتها المحلية إلى مجموعة متزايدة من العملاء، قد تجعل المشتريات الأجنبية غير مواتية، فإن الفوائد التي قد تعود على الوضع الأمني في البلاد من شراء النظام الأميركي يمكن أن تكون هائلة.
وجرى دمج نظام AEGIS حالياً عبر أكثر من 110 مدمرة وطراد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 74 مدمرة من فئة Arleigh Burke التابعة للبحرية الأميركية، ومدمرتان من فئة Zumwalt، و9 طرادات من فئة Ticonderoga، بالإضافة إلى العديد من المدمرات اليابانية والكورية الجنوبية التي تجهز الأنظمة للدفاع الصاروخي الباليستي.
وذلك بالمقارنة مع سبعة أنظمة THAAD فقط في الجيش الأميركي وواحد في الخدمة في الخارج.
ويدمج نظام AEGIS صواريخ SM-3 وSM-6 المضادة للصواريخ الباليستية الجديدة، والتي تعتبر من بين الأكثر قدرة في العالم، وكلاهما حقق نتائج أكثر إثارة للإعجاب أثناء الاختبار من نظامي Patriot وTHAAD.
وجرى تطوير نسخة برية من النظام تحت مسمى AEGIS Ashore، مع غرفة القيادة، ورادار AN/SPY-1، ونظام الإطلاق الرأسي Mark 41 الموجود على مدمرات فئة Arleigh Burke، ما يسمح للدول التي لا تمتلك أساطيل مدمرات بنشر SM-3 وSM-6 للدفاع الصاروخي.
وعلى الرغم من افتقاره لحركة المدمرات، قد يكون النظام البري الأمثل لإسرائيل نظراً لصغر مساحتها وافتقارها لقدرة على نشر قوتها البحرية.
فوائد AEGIS
وبشراء نظام AEGIS Ashore، ستتمكن إسرائيل من تجديد ترساناتها من الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية بسرعة من الولايات المتحدة، وربما أيضاً من شمال شرق آسيا، ما يوفر لها إمداداً صاروخياً أكثر متانة لتجنب الاعتماد الحصري على الأنظمة المطورة محلياً.
ويعتبر من بين فوائد حصول إسرائيل على نظام AEGIS Ashore، أن الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية ستكون قادرة على الاستفادة بشكل أسرع من التقنيات الجديدة التي تم تطويرها في الولايات المتحدة، لمواجهة أنواع جديدة من التهديدات الصاروخية، إذ تعد المركبات الانزلاقية الأسرع من الصوت مثالاً بارزاً.
وتم تسليط الضوء على التهديد الذي تشكله هذه المركبات عندما تم استخدام الفئة الأولى من الصواريخ الباليستية الأسرع من الصوت التابعة للحرس الثوري الإيراني، فتاح، للاشتباك مع أهداف إسرائيلية لأول مرة في الساعات الأولى من 18 يونيو الماضي.
وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن إيران لم تستخدم سوى جزء صغير من ترسانتها من صواريخ “فتاح”، وأنها حدت من استخدامها بما يتماشى مع نطاق الأعمال العدائية المقيد، فمن المتوقع أن يستمر عدد هذه الصواريخ في النمو، مع وجود احتمال كبير بأن يتم دمج المركبات الانزلاقية الأسرع من الصوت في المزيد من فئات الصواريخ الباليستية في المستقبل.
وقد يشمل ذلك الصواريخ القادرة على حمل مركبات انزلاقية متعددة، مثل الصاروخ الروسي الجديد Oreshnik.
وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تُقدم أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية والأميركية، بما في ذلك نظام AEGIS Ashore، نظام اعتراض صاروخي جديد قادر على تشكيل تحد خطير للهجمات الصاروخية الأسرع من الصوت في المستقبل القريب، إلا أنه في حال تطوير هذه الفئة من الصواريخ، فمن المرجح أن تكون متاحة للأنظمة الأميركية أولاً، وذلك استناداً إلى النطاق الأوسع بكثير للبحث والتطوير الجاري في الولايات المتحدة.
وبالتالي، قد يسمح الحصول على نظام AEGIS Ashore للجيش الإسرائيلي، بالاستفادة من تقنيات الدفاع الصاروخي الأميركية الجديدة بسرعة وسلاسة أكبر، ودون صعوبات التفاوض على اتفاقيات نقل التكنولوجيا.
وقد يكون هذا أمراً حيوياً بشكل خاص في ضوء التحديات الخطيرة التي أظهرتها أنظمة إسرائيل الحالية مؤخراً في مواجهة الهجمات الإيرانية.