رغم الشعبية المتزايدة التي تحظى بها رياضة “التنس” عالميًا، لا تزال هذه اللعبة تعاني من ضعف الحضور والدعم داخل سوريا، سواء على مستوى البنية التحتية أو الرعاية المؤسسية.
وفي ظل قلة الملاعب المجهزة، وغياب برامج التأهيل والاحتضان للمواهب الشابة، يواجه لاعبو “التنس” السوريون تحديات تعوق تطورهم، وتمنع مشاركتهم الفعالة في المحافل الإقليمية والدولية.
وبينما تتجه الأنظار عالميًا نحو بطولات “التنس” الكبرى، تبقى الجهود الفردية لبعض اللاعبين والمدربين في سوريا المحرك الأساسي لبقاء هذه الرياضة حية، في غياب استراتيجية واضحة لدعمها أو تطويرها.
بنية تحتية غائبة
تعاني رياضة “التنس” في سوريا من ضعف واضح في البنية التحتية وغياب الدعم المالي الكافي، الأمر الذي ينعكس سلبًا على مستوى اللاعبين واستعداداتهم للمشاركات الخارجية.
وتُعد “التنس” من الرياضات المكلفة نسبيًا، إذ تشير لاعبة المنتخب السوري، لامار البدوي، إلى أن تكلفة أبسط المعدات الأساسية تشكل عبئًا كبيرًا على اللاعبين، حيث يبلغ سعر علبة الكرات (3 كرات) نحو 10 دولارات أمريكية، في حين تبدأ أسعار المضارب من 250 دولارًا، أما الحذاء الرياضي المخصص لـ”التنس” فيبدأ سعره من 50 دولارًا أمريكيًا.
وفي سياق استعدادها للمشاركة في تصفيات بطولة سريلانكا، التي كانت مقررة في 16 من حزيران الحالي وتم إلغاؤها بسبب الصراع الإسرائيلي- الإيراني مؤخرًا، أوضحت البدوي أن الفريق المكوّن من أربع لاعبات واجه تحديًا كبيرًا تمثل في عدم توفر ملاعب تدريبية مشابهة لتلك التي ستُقام عليها البطولة، وأضافت أن ملاعب سريلانكا ذات أرضية رملية، في حين لم تتوفر أي ملاعب مماثلة في سوريا، مما شكل عائقًا أمام جاهزية اللاعبات، نظرًا للاختلاف الكبير في أسلوب اللعب والتعامل مع أنواع الأرضيات، وهو ما قد ينعكس على أدائهن ونتائجهن في المنافسات.
ماذا عن واقع البطولات
شهد واقع بطولات “التنس” في سوريا تراجعًا ملحوظًا يُنذر بمزيد من التهميش لهذه الرياضة، وسط غياب برامج التطوير الفعّالة وضعف البنية التنافسية اللازمة لصقل مهارات اللاعبين. وفي هذا السياق، أكد أحد لاعبي “التنس” (فضّل عدم الكشف عن اسمه)، أن عدد البطولات والمعسكرات التدريبية المخصصة لهذه الرياضة لا يكفي لرفع المستوى الفني أو الإعداد الجيد للمشاركات الخارجية.
وأوضح اللاعب أن التحضير لأي بطولة خارجية يقتصر غالبًا على إقامة معسكر تدريبي واحد فقط قبل موعد السفر، في ظل غياب برامج تدريب منتظمة أو دورية. أما على الصعيد المحلي، فأشار إلى أن عدد البطولات السنوية لا يتجاوز ثلاث بطولات فقط، وهو رقم وصفه بـ”غير الكافي تمامًا لتطوير الأداء الفردي أو خلق بيئة تنافسية حقيقية”.
وعن الجانب المادي، أوضح أن الدعم المخصص للاعبين يكاد يكون معدومًا، مشيرًا إلى أن الجوائز المالية في بعض البطولات لا تتجاوز مكافآت رمزية تُمنح للفائزين بالمركزين الأول والثاني، دون أي تعويضات تُذكر لبقية المشاركين.
أما بشأن فرص المشاركة في البطولات الدولية، فأكد أن لاعبي “التنس” السوريين لا يحظون بفرص منتظمة، إذ تقتصر المشاركة الخارجية، في أفضل الأحوال، على بطولة واحدة في العام لكل لاعب، ما يحدّ من فرص الاحتكاك الدولي وتطوير المستوى الفني مقارنة بنظرائهم في دول الجوار.
الرياضات الفردية خارج الاهتمام
أكد أحد لاعبي “التنس” السوريين أن تجاهل الرياضات الفردية بات يشكّل عائقًا كبيرًا أمام تطورها، في ظل التركيز الإعلامي والدعم المادي واللوجستي الموجّه بشكل شبه حصري نحو الرياضات الجماعية.
وقال اللاعب، “لسنا ضد الاهتمام الكبير بالرياضات الجماعية، لكن هذا لا يعني أن تُهمّش الرياضات الفردية بالكامل”، في إشارة إلى التباين الواضح في الدعم بين الطرفين، وتُعد رياضات مثل “التنس” والريشة وكرة اليد من الألعاب التي تعاني في سوريا من ضعف التغطية الإعلامية وشح الموارد، وهو ما ينعكس سلبًا على مستوى النتائج والمشاركات الدولية.
ويعزو اللاعبون هذا التراجع إلى غياب التخطيط والدعم المؤسسي، مؤكدين أن جهودهم الفردية ومحاولاتهم المستمرة لإيصال صورة مشرّفة عن “التنس” السوري غالبًا ما تُقابل بالإهمال، مما يحبط الطموحات ويُقوّض فرص النجاح.
ويأمل رياضيو “التنس” في سوريا أن يُعاد النظر في آلية توزيع الدعم، بما يضمن بيئة عادلة لجميع الألعاب الرياضية، ويسهم في بناء جيل قادر على تمثيل البلاد في المحافل الدولية بكفاءة.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي