وصل أول فوج من الأكاديميين الأميركيين الهاربين من “أمريكا دونالد ترمب” إلى فرنسا، حسبما ذكرت “بوليتيكو”.
وقدّمت جامعة “إيكس مرسيليا” الأسبوع الماضي، 8 باحثين أميركيين كانوا في المرحلة النهائية من الانضمام إلى برنامج “مكان آمن للعلم”، الذي يهدف إلى استقطاب الباحثين الذين واجهوا أو يخشون تقليص التمويل البحثي تحت إدارة ترمب.
ورغم أن كلاً من فرنسا والاتحاد الأوروبي أطلقا خططاً بملايين اليوروهات لاستقطاب الباحثين من الجانب الآخر من المحيط الأطلسي منذ أن تولى ترمب الرئاسة في يناير، فإن مبادرة جامعة “إيكس مرسيليا” كانت الأولى من نوعها في البلاد، ما يجعل هؤلاء الباحثين الثمانية أول “لاجئين أكاديميين” يخططون للانتقال من الولايات المتحدة إلى فرنسا.
وتحدث رئيس الجامعة، إيريك بيرتون، من مختبر الفيزياء الفلكية، وشبّه الوضع الحالي بحال الأكاديميين الأوروبيين، الذين فروا من الاضطهاد النازي قبل وأثناء الحرب العالمية الثانية.
وقال: “ما يحدث اليوم ليس بعيداً عمّا شهدناه في فترة مظلمة أخرى من تاريخنا”. ودافع بيرتون، إلى جانب الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، عن إنشاء وضع قانوني يُعرف بـ”اللاجئ العلمي”.
وذكرت “بوليتيكو”، أن “معظم الباحثين الحاضرين لخطاب بيرتون لم يوقّعوا بعد عقودهم مع الجامعة، هو ما دفعهم إلى طلب عدم الكشف عن أسمائهم حفاظاً على مواقعهم البحثية في الولايات المتحدة في حال لم يتم قبولهم أو قرروا عدم الانتقال.
تحديات مطروحة
ومن بين المتقدمين “جيمس”، وعالم مناخ في جامعة بحثية مرموقة، وزوجته التي تدرس تقاطع الأنظمة القضائية والديمقراطيات. وقال جيمس إنهما قدّما طلباً لأنهما “يعملان في مجالات مستهدفة” ومعرضة لخفض التمويل.
ورغم أن جيمس، الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل، لا يرى نفسه وزملاءه كـ”لاجئين”، فإنه أعرب عن قلق عميق بشأن مستقبل البحث الأكاديمي في ظل إدارة ترمب.
أما براين ساندبرج، أستاذ التاريخ في جامعة إلينوي الشمالية، والذي يدرس تغير المناخ في فترة العصر الجليدي الصغير (من القرن 16 إلى 19)، فكان قد خطط بالفعل لقضاء عام في مرسيليا كأستاذ زائر. وخلال مشاركته في ورشة بالمدينة في مارس، علم ببرنامج الجامعة وقرر التقدم.
وقال ساندبرج: “النظام بأكمله للبحث والتعليم في الولايات المتحدة يتعرض لهجوم فعلي”.
وأوضحت جامعة “إيكس مرسيليا”، أن 298 باحثاً من جامعات مرموقة مثل ستانفورد وييل تقدّموا، رغم أن الجامعة لا تحظى بنفس الشهرة خارج فرنسا مقارنةً ببعض نظيراتها في باريس.
وأكد بيرتون، أن العدد الكبير للمتقدمين يعكس “مدى الإلحاح” الذي يشعر به الباحثون في الجانب الآخر من الأطلسي.
ورصدت الجامعة بالفعل 15 مليون يورو لتمويل البرنامج، وتضغط على الحكومة الفرنسية لمطابقة هذا المبلغ، مما سيسمح لها بزيادة عدد التعيينات المخطط لها من 20 إلى 39.
لكن الانتقال إلى بلد جديد لا تُعتمد فيه اللغة الإنجليزية كلغة رسمية يبقى خطوة كبيرة. وهناك أيضاً مسألة الرواتب، التي تكون أقل في فرنسا مقارنةً بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى أن تمويل الأبحاث أقل كذلك.
وقالت باحثة شابة في الأنثروبولوجيا البيولوجية، إنها لا تزال تنتظر تفاصيل عقدها من الجامعة قبل التوقيع، بسبب فروقات الرواتب، لكنها أشارت إلى أن انخفاض تكاليف المعيشة في فرنسا، خاصة أن تعليم طفليها سيكون مجانيا، يمثل عاملاً مشجعاً، مضيفة أن الطفلين متحمسان للاستقرار في مرسيليا.
وفي السياق، تُكثّف المؤسسات العلمية في بريطانيا، خططها الاستثمارية، في أعقاب قيود إدارة ترمب على الجامعات وتمويل الأبحاث، كاشفةً عن ضمانات تمويل رسمية لمدة 10 سنوات، وزمالات متاحة للعلماء والباحثين الفارين من الولايات المتحدة.
وستعزز المبادرات التي ستكشف عنها الحكومة البريطانية والجمعية الملكية والأكاديمية الملكية للهندسة، الجهود المبذولة لاستقطاب الكفاءات الدولية، وتوفير استقرار مالي إضافي للمشروعات طويلة الأجل في مجالات سريعة التطور مثل الحوسبة الكمومية ومقاومة البكتيريا.
وتُمثّل هذه الإجراءات، جهداً لحماية العلوم البريطانية من سياسات ترمب، في مواجهة التخفيضات المفاجئة في التمويل والقمع الأيديولوجي للأبحاث الذي تشهده الولايات المتحدة.