أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن إدارته ستبدأ في إرسال خطابات إلى الدول، على الأرجح اعتباراً من الجمعة، لتحديد معدلات الرسوم الجمركية التي ستفرضها على الواردات إلى الولايات المتحدة.

وأعرب ترمب مجدداً للصحافيين، عن رغبته في اعتماد إجراءات مبسطة بدلاً من الدخول مفاوضات معقدة، وذلك قبل 5 أيام فقط من انتهاء المهلة التي حددها لإبرام اتفاقيات تجارية، موضحاً أن قرابة 10 أو 12 رسالة ستُرسل، الجمعة، كما ستبعث رسائل إضافية خلال “الأيام القليلة المقبلة”.

وأضاف: “بحلول التاسع من الشهر الجاري، ستكون جميع الدول مشمولة بهذه الإجراءات”، مشيراً إلى أن نسبة الرسوم الجديدة ستكون ما بين 10% و70%، دون أن يذكر الدول التي ستُفرض عليها النسب الأعلى.

وبلغت المحادثات بين الولايات المتحدة وعدد من الشركاء التجاريين من بينهم إندونيسيا وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي وسويسرا، مراحل حاسمة، إذ تُناقش القضايا الأكثر خلافية، بحسب “بلومبرغ”.

وتتماشى تهديدات ترمب الأخيرة، التي تتبع نمطه المعتاد في إصدار إنذارات لكسر جمود المفاوضات، مع تصريحاته السابقة بأن بعض الدول “لن يكون لها رأي” في تحديد مستوى الرسوم التي ستُفرض عليها.

التأثيرات الاقتصادية

وإذا جرى تطبيق النطاق الأعلى من الرسوم الجديدة، فسيكون أعلى من النسب التي أعلنها ترمب سابقاً خلال ما سماه “يوم التحرير” في مطلع أبريل الماضي، والتي تراوحت حينها بين 10% كحد أدنى، و50% كحد أقصى.

وبينما من المقرر أن ينتهي العمل بالتخفيض المؤقت للرسوم الجمركية في الأول من أغسطس المقبل، قال ترمب، إن “الأموال ستبدأ بالتدفق إلى الولايات المتحدة في الأول من أغسطس”.

وعادةً ما يدفع المستورد أو وسيط نيابةً عنه الرسوم الجمركية، لكن في كثير من الحالات يتحمل المستهلك النهائي العبء الأكبر لهذه التكاليف.

وشهدت أسواق الأسهم في آسيا وأوروبا تراجعاً إلى جانب انخفاض قيمة الدولار، في حين أُغلقت أسواق الأسهم الأميركية وسندات الخزينة بمناسبة عطلة الرابع من يوليو الجاري.

وأثار الأثر المتأخر للرسوم الجمركية على التضخم مخاوف لدى بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، الذين أحجموا حتى الآن عن خفض أسعار الفائدة هذا العام، رغم الضغوط المكثفة من ترمب، بانتظار تقييم ما إذا كانت زيادات الأسعار الناجمة عن الرسوم قد تتحول إلى ضغوط تضخمية أكثر استدامة.

ولطالما هدد ترمب، بأنه إذا لم تتوصل الدول إلى اتفاقيات مع واشنطن قبل الموعد النهائي في الأسبوع المقبل، فسيفرض ببساطة الرسوم عليها، ما يُصعد الضغوط على الشركاء التجاريين الذين يسارعون لإبرام اتفاقات مع إدارته.

وكان ترمب أعلن رسومه “التبادلية” العالية لأول مرة في 2 أبريل الماضي، لكنه علق تطبيقها مؤقتاً لمدة 90 يوماً من أجل إتاحة الفرصة للمفاوضات، مكتفياً خلال تلك الفترة بفرض رسوم نسبتها 10%.

وقدّرت “بلومبيرغ إيكونوميكس”، أنه في حال رفعت جميع الرسوم التبادلية إلى المستويات المهددة في 9 يوليو، فإن متوسط الرسوم على جميع واردات الولايات المتحدة قد يرتفع إلى قرابة 20% مقارنةً بنحو 3% قبل تولي ترمب منصبه في يناير الماضي.

وستُضيف هذه الإجراءات مخاطر على النمو الاقتصادي والتضخم في الولايات المتحدة.

وحتى الآن، أعلنت إدارة ترمب التوصل إلى اتفاقيات مع بريطانيا وفيتنام، كما اتفقت مع الصين على تهدئة التصعيد المتبادل في الرسوم الجمركية، وتخفيف القيود على الصادرات.

اتفاقيات جديدة محتملة

وعند سؤاله، الخميس، عما إذا كانت هناك اتفاقات أخرى قادمة، قال ترمب: “لدينا عدة اتفاقيات أخرى، لكن، كما تعلمون، أميل إلى إرسال الرسائل ببساطة، وتحديد الرسوم التي سيدفعونها، فهذا أسهل بكثير”، مضيفاً: “أٌفضل صفقة بسيطة يمكن الحفاظ عليها والتحكم بها”.

وأعلن ترمب، الأربعاء الماضي، أن الولايات المتحدة ستفرض رسوماً نسبتها 20% على صادرات فيتنام إلى السوق الأميركية، و40% على السلع التي يُعتقد أنها أُعيد تصديرها عبر فيتنام، في إشارة إلى ممارسة تمرير منتجات من الصين أو دول أخرى عبر دول ثالثة باتجاه الولايات المتحدة.

ورغم أن هذه الرسوم أقل من نسبة الـ46% التي فرضها ترمب في البداية على فيتنام، إلا أنها أعلى من نسبة الـ10% الموحدة. في المقابل، قالت فيتنام إن المفاوضات لا تزال جارية.

أما إندونيسيا فأعربت عن ثقتها بأنها باتت قريبة من إبرام “اتفاق جريء” مع أميركا يشمل المعادن الاستراتيجية والطاقة والتعاون الدفاعي والوصول إلى الأسواق، وذلك قبل حلول الموعد النهائي للرسوم.

من جهتها، قالت الحكومة الكمبودية، الجمعة، إنها توصلت إلى “اتفاق إطاري” مع الولايات المتحدة بشأن التجارة التبادلية، سيُعلن عنه قريباً، مع التزام بمواصلة التعاون الوثيق.

وكانت كمبوديا من بين الدول التي تواجه أعلى الرسوم المهددة من ترمب بنسبة بلغت 49%.

وما زال العديد من كبار الشركاء التجاريين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، يسابقون الزمن لإتمام اتفاقاتهم مع واشنطن.

ووفقاً لمصادر “بلومبرغ”، تدفع بعض شركات السيارات الأوروبية وعواصم التكتل الأوروبي، باتجاه التوصل لاتفاق يسمح بتقليل نسب الرسوم مقابل زيادة الاستثمارات في الولايات المتحدة.

وسيتوجه كبير المفاوضين التجاريين في كوريا الجنوبية إلى واشنطن هذا الأسبوع، حاملاً مقترحات جديدة في محاولة أخيرة لتجنب الرسوم المرتفعة المقررة.

أما الهند، فأعرب ترمب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق معها، في حين شدد لهجته تجاه اليابان، واصفاً الأخيرة بأنها “شريك تفاوض صعب”.

وعاد الرئيس الأميركي وكثّف انتقاداته هذا الأسبوع، قائلاً، إن اليابان يجب أن تُجبر على “دفع 30% أو 35% أو أي نسبة نُحددها”.

وفي سياق متصل، نفى الرئيس الأميركي، الثلاثاء الماضي، نيته تمديد المهلة المقبلة.

وعندما سُئل وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الخميس، عما إذا كانت المفاوضات قد تُمدد، أجاب بأن القرار النهائي بيد ترمب.

وأضاف: “سنفعل ما يريده الرئيس، وسيكون هو من يقرر ما إذا كانوا يتفاوضون بحسن نية أم لا”.

شاركها.