فيما يبدو أن العراق يواجه اليوم امتحانا قاسيا بين حماية أرضه وسيادته، وبين صراع قوى متشابكة لا ترحم. يضع بغداد في مفترق طرق بين الحاضر المضطرب ومستقبل يطمح إلى السلام والاستقرار.
فبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدنة بين إيران وإسرائيل، والعراق يشهد هجمات متكررة إما بالمسيرات أو الصواريخ، وفي وقت أن الحكومة العـراقية أكدت أنها فتحت تحقيقات في الحوادث المتكررة إلا أن عدم إعلانها النتائج يثير تساؤلات كثيرة حول الجهة التي تقف خلفها.
وحول سبب استمرار الهجمات بالمسيرات على محافظات عراقية عدة، يقول الخبير السياسي ومدير مركز الإعلام العراقي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن نزار حيدر لوكالة ستيب الإخبارية، إن ذلك “دليل على أن الدولة ما زالت ضعيفة لدرجة أنها لا تكتشف حتى مصدر هذه المسيرات والصواريخ”.
ويضيف: “لذلك الحكومة مدعوة لإعادة النظر بكل خطبها الأمنية والعسكرية وخاصة الاستخباراتية حتى تقوي جانب المعلوماتية في الدولة، لأن المعلوماتية هي التي تكتشف الخطر قبل وقوعه، أما الجانبين الأمني والعسكري فإنهما يتعاملان مع الخطر بعد وقوعه”، مضيفا” نحن لا نريد أن تتكرر مثل هذه الأعمال الإرهابية والإجرامية”.
لماذا لم تعلن بغداد نتائج التحقيقات؟
وعن سبب عدم إعلان نتائج التحقيقات إلى الآن، يقول الخبير السياسي: “طبعا الحكومة العـراقية للأسف الشديد ليس بإمكانها أن تعلن عن نتائج التحقيقات”.
ويزيد: ” أنا دائما أقول بأن الهجمات التي تكتشف الحكومة العـراقية بأن ورائها فصائل عادة ما تتحاشى الإعلان عن نتائجها، وعندما تكون الهجمات إرهابية أو من أعداء العـراق يعلنون بشكل مباشر”.
ويتابع: ” ولأن الفصائل التي هي جزء من الدولة العميقة تخشاها الحكومة، وهذا بات أمرا واضحاً في كل مرة عندما يشهد العراق مثل هذه الأعمال الفضوية التي تمس أمن البلد وسيادته وتتجاوز على صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة، عادة لا تكشف عن تفاصيلها وهذا ما رأيناه حتى منذ اختطاف الباحثة الإسرائيلية الروسية إليزابيث تسوركوف، فعلى الرغم من أن السوداني أعلن حينها أن عملية الاختطاف تضر بسمعة العـراق الأمنية و الاستخباراتية في العالم وشكل لجنة للكشف عن ملابسات القضية لكن لحد الآن لم يتم الكشف عن أي شيء حتى عن هوية الخاطفين”.
وبحسب وسائل إعلام عبرية وغريبة فإن تسوركوف اختُطفت في العـراق في مارس 2023 أثناء إجرائها بحثا أكاديميا في بغداد، ويُعتقد أنها محتجزة لدى ميليشيا كتائب حزب الله، وهناك تكهنات بأنها قد تُستخدم كورقة مساومة في صفقة تبادل أسرى مستقبلية.
ويرى مدير مركز الإعلام العراقي للدراسات الاستراتيجية في واشنطن نزار حيدر، أن الهجمات الأخيرة هي على نوعان: “النوع الأول وهي التي دمرت الرادارات العراقية، وكانت الصواريخ التي تم استهدافها إيرانية الصنع بعيدة المدى، انطلقت من الأراضي الإيرانية لكن التي نفذته هي الدولة العميقة التي أسسها الموساد الإسرائيلي في جسد الدولة في إيران”.
ويضيف: “أما الهجمات التي حصلت في كركوك وصلاح الدين وغير ذلك، يقع خلفها فصائل مسلحة متمردة على الدولة وعلى إيران وكل شيء”.
حيدر واصل كلامه: ” بعض المعلومات تقول إن هذه الفصائل مرتبطة بالموساد الإسرائيلي، لكنها تتستر باسم الحشد والمقاومة وما أشبه”.
وبحسب الخبير السياسي فإنه إذا استمر هذا النوع من الهجمات يعني أن العراق “مقبل على تطورات خطيرة جدا، وقد ينجر إلى مصير بقية الساحات والتي هي غزة ولبنان وسوريا واليمن وأخيرا إيران، لذلك بعض المصادر تقول إن الغرض من تدمير الرادارت من قبل الإسرائيليين هي من أجل تنظيف الأجواء العـراقية من أجل البدء بعمليات التصفية لبعض زعماء الميليشيات الذين شاركوا في توجيه المقذوفات النارية على الأراضي الفلسطينية خلال السنتين الماضيتين”.
هذا ويرى حيدر أنه من واجب الحكومة العـراقية أن توقف هذه الهجمات، لأن هناك أكثر من طرف ربما يستغل هذه التطورات وبالتالي يدخل العراق في أزمة أمنية خطيرة.
ويتابع: “ولا ننسى أن داعش الذي لا يزال يحتفظ بالكثير من خلاياه النائمة يمكن كذلك أن يوظف مثل هذا الانفلات الأمني وخاصة إذا تصاعدت هذه العمليات، بالإضافة إلى إسرائيل التي ما زلت تفكر بتصفية قيادات الميليشيات التي ساهمت فيما كان يعرف بنظرية وحدة الساحات”.
ستيب نيوز: سامية لاوند

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية