– وسيم العدوي

أسهم مشروع “إيواء” الذي يقدمه “المجلس الدنماركي للاجئين” (DRC) للمهجرين في سوريا، في رسم الابتسامة على وجوه أفراد عائلات أكثر من مئة مهجر من مدينة بصرى الشام في محافظة درعا جنوبي سوريا، هذه العائلات التي هربت من مناطقها في عامي 2011 و2012 جراء استهداف الطيران المروحي للنظام السابق المدينة بالبراميل المتفجرة.

رئيس المجلس المحلي في بصرى الشام، عبد الله المقداد، ذكر لعنب بدي أن المشروع يتضمن تنفيذ عمليات إكساء وترميم 103 منازل متضررة في المدينة أغلبيتها بالأحياء الشرقية، التي نالت نصيبًا أكبر من غيرها بالبراميل المتفجرة كونها ثارت قبل غيرها ضد النظام السابق، على حد قوله.

وأضاف المقداد أن الهدف من المشروع هو تأمين سكن لائق للعائلات المهجرة التي بدأت بالعودة من مخيمات اللجوء ودول الجوار إلى بصرى بداية 2025، بعد تحرير البلاد من النظام السابق، وأشار إلى أن “المشروع تضمن في مرحلته الأولى ترميم 50 منزلًا في عدة أحياء، منها مبرك الناقة والجهير ورصيف غصم، وسيتم البدء خلال أسبوع بالمرحلة الثانية عبر إكساء 53 منزلًا آخر.

وتتم عمليات ترميم المنازل حسب كل حالة (الطينة، تمديدات الكهرباء، تركيب اللمبات، التمديدات الصحية، الأبواب الداخلية والخارجية والشبابيك وخزان المياه والسخان، والأرضية من بلاط أو سيراميك وفقًا لاحتياجات كل شقة)، مع تركيب مواد متوسطة الجودة لتأمين كرامة المهجر وحياة مستقرة لعائلته، وإبعاد الخطر عن أطفاله عبر بناء جدران حماية على الشرفات، إذا كان المنزل في الطوابق العليا، أو في أرض مكشوفة.

ونفذت الفرق الهندسية والفنية للمجلس الدنماركي مسبقًا عمليات كشف على البيوت المتضررة قبل البدء بالترميم، لتحديد المتضرر منها بشكل جزئي والقابل للإصلاح والمتضرر منها بشكل كلي وغير القابل للإصلاح.

ويشرف المجلس المحلي على أعمال الإكساء والترميم من قبل المتعهدين للشقق المتضررة، وتسليمها لأصحابها المهجرين، بالتعاون مع فرق المجلس الدنماركي والجهات الخدمية المعنية بالمدينة، إذ بلغ عدد المنازل التي تحتاج إلى ترميم نحو 450 منزلًا من ضمنها 20 منزلًا في أحياء المدينة القديمة، وفقًا للمقداد.

شروط يجب توفرها

ذكرت مصادر في المجلس الدنماركي للاجئين (DRC) ل أن مشروع “إيواء” انطلق في سوريا بتمويل من عدة متبرعين من مختلف دول العالم في عام 2018، وتجاوز عدد المنازل التي تم ترميمها منذ ذلك الوقت 1200 منزل، علمًا أن هناك ثلاث مراحل للمشروع هي “التقييم والمناقصة والتنفيذ”.

وقبل البدء بتنفيذ مشروع الإيواء في بصرى الشام تم تنفيذ مشاريع مماثلة خلال السنوات الماضية في بلدات النعيمة وعتمان ودرعا البلد ومنطقة السد ونوى والشيخ مسكين وخربة غزالة بأرياف درعا.

وفي بصرى الشام تم الكشف بداية على 150 منزلًا من أكثر المنازل تضررًا بشكل جزئي، وتم اختيار 103 منازل منها حسب نقاط الأفضلية.

وتستغرق عملية تقييم المنازل والكشف عليها في كل بلدة شهرين بالحد الأقصى، وهناك شروط يجب توفرها في المنزل للموافقة على ترميمه، وهي أن يكون سليمًا إنشائيًا ومتضررًا جراء الحرب وضمن المنطقة التنظيمية، ثم يتم رسم مخطط المنزل وتصويره لتحديد حالته بدقة، وتقييم وضع العائلة العائدة من بلاد اللجوء وهل فيها نساء معيلات أو كبار في السن، أو عجز لدى الأب والأم، أو أطفال فقدوا والديهم أو أحدهما جراء الحرب، وحسب عدد نقاط هذه البيانات يتم اختيار المنازل التي سيتم ترميمها.

وفي المرحلة الثانية، تقول المصادر، إنه يتم رصد القيمة المالية لتكاليف ترميم كل منزل حسب حالته، وطرح المشروع للمناقصة مع المتعهدين بناء على الكميات التقديرية، وبعد انعقاد المناقصة تباشر فرق المجلس الدنماركي زيارات دورية للكشف على تنفيذ الأعمال في المنازل التي تم اختيارها للترميم ومدى مطابقتها للمواصفات المتفق عليها مع المتعهد بإشراف المجلس المحلي، وذلك خلال مدة أقصاها شهران، وبعد ذلك يتم تسليم الشقة للبلدية ثم لصاحب العلاقة.

وأكدت المصادر أن مشروع “إيواء” ليس المساعدة الوحيدة التي يقدمها المجلس الدنماركي للاجئين، فهناك خطة حالية سيتم البدء بتنفيذها لتمويل مشاريع صغيرة وتأمين دخول إضافية للعائلات الفقيرة والمهمشة، ويقيم المجلس أيضًا دورات تدريبية مثل مهن الحدادة والحلاقة، وفي بصرى الشام إلى جانب مشروع “إيواء” يتم العمل على تزويد إحدى آبار مياه الشرب بألواح طاقة شمسية لتوليد الكهرباء لتشغيل البئر ورفع المياه، إضافة إلى استبدال شبكة المياه المهترئة أو التي بحاجة للإصلاح.

مواطنون أسعفهم “إيواء”

“حملت ابني الصغير المصاب بشظية في عينه، وهربت من منزلي في بصرى الشام برفقة زوجتي وأبنائي الأربعة قبل نحو 13 عامًا، خوفًا من البراميل المتفجرة التي كانت تلقيها مروحيات النظام آنذاك على الأحياء الآمنة”، بهذه العبارات روى هايل الشحمة (أبو نايف) ل بكل مرارة ما حدث معه، مضيفًا، “بعد التحرير عدت لأجد منزلي شبه مدمر، ولتبدأ مجددًا معاناة تأمين مكان للسكن”.

وقال هايل، “كان منزلي متصدعًا وقد خُلعت أبوابه ونوافذه، وتهدم جزء من مرافقه، ولم يعد قابلًا للسكن، حتى جاءت الفرق الهندسية الجوالة للمجلس الدنماركي للاجئين (DRC)، وتم الكشف على منزلي والموافقة على ترميمه الذي استغرق ثلاثة أشهر، ما رفع أعباء مالية كبيرة عن كاهلي وتمكنت من الاستغناء عن دفع بدلات الإيجارات العالية”.

وأضاف، “الحمد لله، عدت إلى منزلي وكان مستوى الإكساء جيدًا نسبيًا، وهو ما ساعدني في تحقيق الاستقرار لعائلتي وأولادي”.

من جانبه، قال محمد خير المقداد، أحد المستفيدين من مشروع “إيواء”، “عدت من لجوئي إلى الأردن لأجد منزلي قد لحق به الدمار والخراب ولم أكن أملك ما يمكنني من ترميم المنزل، فوجدت في مشروع (إيواء) الذي يقدمه المجلس الدنماركي الفرصة لإعادة تأهيل الشقة السكنية التي أملكها بشكل يلبي احتياجات أسرتي ويوفر علي أعباء كبيرة.

وأضاف أن مشروع ترميم المنازل المتضررة بشكل جزئي لاقى استحسانًا وارتياحًا من قبل المهجرين الذين لا يتحمل أغلبيتهم تكاليف عمليات الترميم، حسب احتياجات كل شقة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.