إدلب – سماح علوش

“لم أنم الليل من التفكير”، تقول أحلام الحسن، معبرة عن استيائها وقلقها بعد إنذار صاحب البيت الذي تستأجره برفع إيجار المنزل الذي تسكنه مع عائلتها إلى الضعف، أو إخلائه خلال شهر.

أحلام الحسن، مهجرة من ريف معرة النعمان وتسكن في مدينة إدلب، تدفع إيجارًا شهريًا بقيمة 100 دولار، لكنه ارتفع إلى 200 دولار هذا الشهر، لبيت مؤلف من ثلاث غرف ومنافع بتجهيز متوسط لا يخلو من مشكلات كالرطوبة والتمديدات الكهربائية والصحية، بحسب ما قالته ل.

انتشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بإدلب عدة مناشدات تدعو لإيجاد حلول للحد من ارتفاع قيمة الإيجارات في المدينة، تنصفهم وتكون عادلة للطرفين، كتحديد قيمة الإيجارات بحسب المنطقة والجودة وعدد الغرف والطابق.

ارتفعت قيمة الإيجارات بشكل ملحوظ مؤخرًا بما يعادل الضعف تقريبًا، بما لا يتناسب مع الوضع المعيشي المتردي لأغلب العائلات القاطنين فيها، لا سيما أن أغلبهم من المهجرين والنازحين الذين دُمرت بيوتهم وممتلكاتهم، ولم يتمكنوا من العودة إليها لعدم قدرتهم على الترميم والبناء من جديد.

تهديد بالإخلاء

عامر الحلبي، شاب يقيم في إدلب، قال ل، إن صاحب المنزل الذي يسكنه أعطاه مهلة حتى نهاية تموز الحالي لإخلاء المنزل، وهو موعد انتهاء العقد المتفق عليه بين الطرفين، بحجة أنه سيعود من تركيا مع عائلته ولا يملك سواه للسكن، وهنا بدأت معاناة عامر، بحسب تعبيره، بالبحث عن منزل للإيجار يتناسب مع قدرته المعيشية.

كان الشاب يدفع 150 دولارًا لمنزل مؤلف من ثلاث غرف في حي الجامعة بالمدينة، بتجهيز جيد، وبعد عمليات البحث التي قام بها عبر المكاتب العقارية، لم يجد منزلًا بذات المواصفات بهذه القيمة، بل عليه دفع 200 دولار، وربما أكثر ليحصل على منزل بكسوة جيدة ومقبولة.

إدلب أقلها

رغم عودة الكثير من المهجرين سابقًا في إدلب إلى مدنهم وبلداتهم بعد ترميم منازلهم قدر المستطاع، فإن عودة قسم كبير من أهالي المدينة من المغتربين خارج سوريا، أو الذين كانوا يعيشون في محافظات أخرى ومطالباتهم بإخلاء منازلهم المؤجرة تسببت بأزمة سكن في المدينة.

ولم يكن أمام الأهالي سوى خيارين “أحلاهما مر”، بحسب تعبير رامي النمر، وهو مهجر من ريف حماة، إما أن يُجهز غرفة بأقل التكاليف في منزله المدمر، ويسكن فيها مع عائلته المؤلفة من ستة أفراد، ويبحث عن عمل في منطقته، حيث يعمل في ورشة لصيانة الدراجات النارية، ويبدأ من الصفر، وإما أن يتحمل نفقات الإيجار المرتفعة ويحرم عائلته الكثير من الضروريات والتي باتت رفاهيات كبعض الأطعمة، وفق قوله.

خلدون بدلة، صاحب مكتب عقاري في إدلب، قال ل، إن الإيجارات ارتفعت للضعف تقريبًا، فبعد الانفتاح الاقتصادي، وعودة بعض المهجرين وبالأخص سكان المدن الكبرى كدمشق وحلب، وجدوا أن الإيجارات فيها مرتفعة بمقدار ثلاثة أضعاف عما هي عليه في إدلب، وهذا تسبب بطمع بعض أصحاب العقارات وبالتالي ارتفاع الأسعار.

وهذا ما أكده صابر الهيب، وهو مهجر سابقًا من حلب ويقيم في مدينة إدلب، وبعد أن قرر العودة إلى مدينته، فوجئ بالإيجارات المرتفعة، حيث كان يدفع في إدلب شهريًا 150 دولارًا لمنزل مؤلف من ثلاث غرف، بعقد يجدده صاحب العقار كل ستة أشهر، أما في حلب وبعد بحث متواصل بمناطق مختلفة وتجهيزات متفاوتة بالجودة، عليه دفع إيجار سنوي يبلغ 3000 دولار وسطيًا، وهو مبلغ كبير بالنسبة لدخله، إذ يعمل بالتمديدات الصحية والكهربائية، فقرر البقاء في إدلب وتحمل رفع الإيجار على أن يضطر للاستدانة ودفع إيجارات سنوية.

يقوم بعض المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي بتضخيم قيمة العقارات، ما زاد من حدة أزمة السكن في المدينة، وفق تعبير خلدون بدلة، معتبرًا أن المبالغة بطلب أرقام عالية للإيجارات خلقت فجوة في الأسواق، وزادت من معاناة من يبحثون عن مأوى بأسعار مقبولة تتناسب مع دخلهم الشهري.

وتشهد إيجارات المنازل في سوريا، ولا سيما بالمدن الكبرى، ارتفاعًا مستمرًا مدفوعًا بجملة من العوامل الاقتصادية والمعيشية.

ورغم التحسن النسبي في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار، وتراجع أسعار بعض السلع في السوق، لا يزال قطاع الإيجارات يواصل اتجاهه التصاعدي.

يعود هذا الارتفاع إلى عدة عوامل رئيسة، أبرزها تزايد الطلب على المساكن نتيجة عودة بعض السوريين بعد سقوط النظام السوري، وشح المعروض من الشقق السكنية، وعدم قدرة العديد من السكان على شراء العقارات، بحسب ما رصدته، ما دفعهم إلى الاعتماد على الإيجار رغم تكاليفه المرتفعة.

وتتفاوت قيمة الإيجارات بين الأحياء داخل المدن الكبرى، حيث تلعب عوامل، منها الموقع الجغرافي ووجود الخدمات الأساسية والقرب من مركز المدينة، دورًا حاسمًا في تحديد الإيجارات.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.