أثار قرار وزارة الاقتصاد والصناعة في الحكومة السورية بإيقاف عمليات شراء القمح لموسم 2025، وتمديد الاستلام حتى يوم الاثنين  7 من تموز فقط، موجة استياء واسعة بين المزارعين في تل أبيض ورأس العين، الذين اعتبروا القرار غير عادل ولا يراعي ظروف الموسم الزراعي الصعب.

ويخشى المزارعون أن يصبحوا تحت سيطرة التجّار بعد قرار إيقاف شراء القمح، الذي صدر قبل مرور 22 يومًا من بدء التسويق في 13 من حزيران 2025، إذ لم يتمكن الكثير منهم من إنهاء الحصاد أو نقل المحاصيل، خاصة في القرى البعيدة التي تواجه نقصًا في أكياس التعبئة وصعوبات في النقل.

ثلث المحصول لم يُحصد

رغم محدودية المساحات المزروعة هذا العام، لا يزال ثلث المحصول دون حصاد، ويعزا ذلك إلى تعطل معظم الحصادات أو عدم جاهزيتها، إلى جانب امتناع بعض أصحابها عن تشغيلها، معتبرين أن العمل في ظل هذه المساحات المحدودة لا يحقق جدوى اقتصادية.

لم يحصل عزام الأحمد (44 عامًا) من قرية عين عروس في تل أبيض على دور للحصاد حتى 10 من تموز الحالي، بسبب قلة عدد الحصادات وامتناع أصحابها عن العمل، نتيجة ضعف العائد الاقتصادي للموسم.

كان يأمل عزام، بحسب ما قال ل، بتوريد محصوله من القمح إلى مؤسسة الحبوب هذا العام، إلا أن قرار إيقاف الاستلام في مركز الحبوب بتاريخ 7 من الشهر الحالي حال دون ذلك.

وأوضح المزارع أنه في حال تعذر تسليم المحصول إلى مركز الحبوب، فسيضطر إلى بيعه للتجار بأسعار تقل عن التسعيرة الرسمية المحددة بـ450 دولارًا للطن وذلك لسداد ديونه.

سبق أن اضطر عزام الأحمد في الموسم السابق إلى بيع الطن بـ140 دولارًا فقط، رغم أن التسعيرة الرسمية التي حددتها الحكومة المؤقتة حينها بلغت 220 دولارًا للدرجة الأولى، وذلك بسبب عدم استلام كامل الكميات.

لم يتوقع عدنان الأحمد (55 عامًا) من قرية حميد شرقي مدينة رأس العين، أن يتوقف استلام القمح بعد مضي أقل من شهر على فتح مراكز التسويق، وهي فترة غير كافية حتى لاستكمال أعمال الحصاد.

ورغم انتهائه من حصاد أرضه البالغة 50 دونمًا، لم يتمكن من إنجاز كامل أوراق الشحن المطلوبة لنقل محصوله إلى مؤسسة الحبوب في رأس العين، كما لم يجد شاحنة لنقل الكمية في الوقت المناسب.

وأشار إلى أن المدة الزمنية التي حُددت للاستلام قصيرة جدًا، إذ لا تزال عمليات الحصاد جارية حتى اليوم في قريته، ومن غير الممكن أن يتمكن الأهالي من تجهيز ونقل محاصيلهم خلال يوم أو يومين فقط.

وطالب المزارع بعدم تحديد فترة زمنية ضيقة لاستلام القمح، خصوصًا هذا العام الذي تكبّد فيه المزارعون خسائر كبيرة نتيجة تدني الإنتاج وضعف العائد.

ويشكل عدم تسلم القمح تحديًا حقيقيًا للمحصول الإستراتيجي وللمزارعين في تل أبيض ورأس العين، نظرًا إلى غياب أماكن مناسبة للتخزين وصعوبات في الحفاظ على جودة المحصول، ما يؤدي إلى تلفه.

شاحنات محملة بالقمح في تل أبيض تنتظر قرار تمديد الفترة الزمنية لاستلام المحصول لتغريغ حمولتها- نموز 2025 (/ حسين شعبو)

شاحنات محملة بالقمح في تل أبيض تنتظر قرار تمديد الفترة الزمنية لاستلام المحصول لتغريغ حمولتها- نموز 2025 (/ حسين شعبو)

تحت رحمة التجار

بعد قرار الحكومة السورية بتوقف استلام الحبوب في منطقتي رأس العين وتل أبيض، وتمديد فترة الاستلام حتى 7 من الشهر الحالي فقط، بدأ التجار بالتوجه إلى المزارعين لشراء محاصيلهم بأسعار بلغت 300 دولار للطن من القمح القاسي، و255 دولارًا للطن من القمح الطري.

المتحدث باسم المزارعين في تل أبيض، عمران قريط، قال ل إن قرار الحكومة بإيقاف استقبال القمح تسبب في صدمة واسعة بين المزارعين.

وأوضح أن المدة الإضافية الممنوحة لتمديد فترة الاستلام غير كافية على الإطلاق، حيث إن أكثر من ثلث مساحة تل أبيض لم تُحصد حتى الآن بسبب قلة الحصادات وتعطل بعضها.

وأضاف أن المزراعين تعرضوا هذا العام لخسائر كبيرة في المحصول والإنتاج، ولا يرغبون في تكبد خسائر إضافية من انخفاض الأسعار والوقوع تحت رحمة التجار الذين يشترون القمح بأسعار متدنية.

وأشار عمران قريط إلى أنه هو وأكثر من 160 مزارعًا سيوقعون عريضة ويُرسلونها إلى الحكومة من أجل الضغط لاتخاذ إجراءات عاجلة تضمن حقوقهم.

بدوره، قال مدير مكتب الزراعة في المجلس المحلي في رأس العين، مجد كسار، ل، إن المجلس تواصل مع مركز الحبوب للعمل على زيادة الفترة الزمنية الممنوحة لاستلام الحبوب.

وأوضح أنهم بالتعاون مع مركز الحبوب سيقومون بتوجيه كتاب إلى وزارة الاقتصاد يطلبون فيه تمديد فترة استلام الحبوب في رأس العين، نظرًا لوجود نحو ثلث المساحات المزروعة التي لم تُحصد بعد ولم تُشحن إلى المركز.

وأضاف مجد كسار أن المجلس المحلي يعمل على منع التجار الذين يستغلون هذه الفترة بوضع تسعيرات غير قانونية، ومحاسبتهم وفق القوانين المعمول بها.

وأشار المسؤول إلى أنهم تلقوا ردًا إيجابيًا يفيد بأن الوزارة ستعمل على تمديد الفترة أكثر لاستيعاب كامل المحصول.

وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقتي تل ابيض رأس العين، وهي تشكل مصدرًا رئيسًا للدخل للسكان.

وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.