75 دقيقة حاول خلالها فيلم “الناجون من السجون” أن يختصر أكثر من خمسة عقود من حكم نظام “البعث”، مجسدًا الفترة الأشد ظلمة في حياة شابين سوريين، الأخوين شادي وهادي هارون.

الفيلم الوثائقي من إنتاج “بي بي سي”، وتم عرضه على “BBC TWO ” في 10 من حزيران الماضي.

تحدث الوثائقي عن عودة الشاب السوري شادي هارون ذي الـ27 عامًا، عند اعتقاله عام 2011 إلى مواقع احتجازه، منها سجن “حرستا” وسجن “صيدنايا” الشهير بـ”المسلخ البشري”، حيث عاش عشر سنوات من التعذيب فقد خلالها أخاه هادي أيضًا في معتقلات متعددة.

يعرض الفيلم مشاهد “صادمة” للزنازين الضيقة وطرق التعذيب، مثل تعليق السجناء بالأنابيب والتعذيب النفسي الذي صمم لجعلهم يشعرون بأنهم “أقل من البشر” بلقطات مؤلمة.

كما عرض الفيلم شهادات لمتورطين يضم مقابلات نادرة مع سجانين، وممرضين زوروا شهادات وفاة، وضباط سابقين، وحتى سائقين نقلوا جثثًا للدفن في مقابر جماعية، يتحدث بعضهم، “لقد دمرنا ضمائرنا خوفًا”، بينما اعترف آخرون بتنفيذ أوامر لإعدام ودفن الضحايا تحت مسميات طبية مزيفة مثل فشل القلب.

رغم سقوط النظام في كانون 2024، يسعى شادي مع عائلات معتقلين للتوثيق والمطالبة بالعدالة، الفيلم يعد تذكيرًا بأن معركة العدالة لم تبدأ بعد.

صحيفة “فاينانشال تايمز” وصفت الفيلم بأنه فاتح للعيون ويظهر الفظائع اليومية في معتقلات الأسد، أما “الجارديان” فقد وصفته بأنه عمل مؤثر وبارز، ويكشف كيف استخدمت الاستراتيجية القمعية لخدمة نظام شمولي عبر الاعتقاد بالخطورة المطلقة للمعتقلين.

نال الفيلم تقييم 4 نجوم من “FT”، ونال إشادة بقوة سرد القصة عبر العودة للمواقع من خلال شهادات أصحاب الضمير المتحير.

صنف الفيلم على أنه وثائقي بسبب نقل شهادات حية ونادرة تعطي رؤية مزدوجة عبر الناجين، ومتواطئين سابقين عبروا عن الإحساس بقتل الضحايا كمخلوقات دون إنسانية إلى جانب مشاعر الندم.

وجود توثيق أدلة ملموسة من تسجيل للوثائق، والسلاسل، والمواقع بعد سقوط النظام، يعزز الطابع الإثباتي للواقعة الإنسانية، والتعذيب الممنهج في السجون السورية.

دعوة للمحاسبة ورسالة عدالة عن طريق التذكير بأن الجنود والضباط الأعلى يتحركون دون عقاب، رغم الفظائع يلقي الوثائقي الضوء على إرادة الناجين مثل شادي وأخيه هادي.

يركز الفيلم على تجربة المعارض شادي هارون بعد عودته للسجن، لتوثيق ما تعرض له مع زملائه في أثناء الاعتقال، ويتطرق للفظائع اليومية التي كانت تحدث في سجن “صيدنايا”، ويعرض منظورًا من داخل النظام عن سجان سابق يعلن بندم وصراحة تامة عن مسؤوليته وتورطه.

فيلم “الناجون من السجون” ليس الأول من نوعه، بل كان هناك في الآونة الأخيرة عدد من الإنتاجات المشابهة، مثل فيلم “وما أدراك ما صيدنايا” من إنتاج “الجزيرة”، وإخراج عبدو مدخنة، الذي ركز بشكل أعمق على “صيدنايا” من 1987 حتى 2024.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.