– بيسان خلف

كانت طموحات سارة الحوراني (23 عامًا) أن تؤدي القسم القانوني، كي تبدأ بممارسة تدريبها المهني كمحامية، قبل أن تغلق نقابة المحامين بدمشق أبوابها في وجه الخريجين الجدد.

دفعة سارة في آذار الماضي كانت “الأسوأ”، حسب تعبيرها، حيث لم تتلقَّ حتى التدريبات الأكاديمية في السنة الرابعة، إذ منع وزير العدل السابق، شادي الويسي، دخول طلاب كلية الحقوق إلى المحاكم لتلقي التدريبات الأكاديمية قبيل التخرج.

اختارت سارة كلية الحقوق في وقت كانت سوريا تعاني المحسوبيات في التوظيف.

وقالت سارة ل، “كي لا أواجه البطالة بعد التخرج، اخترت هذه المجال لأن العمل فيه مضمون، تتخرج، تتلقى التدريب، ثم تعمل مباشرة دون اللجوء للمحسوبيات”.

وأضافت أنها تواجه مع زملاء دفعتها مستقبلًا مجهولًا منذ ثلاثة أشهر.

“لم ندرس كتبًا معقدة حتى نجلس عاطلين عن العمل، أو نبحث عن وظائف بعيدة عن مجالنا، التدريب المهني والانتساب إلى النقابة هو حقنا الدستوري، ويجب على وزارة العدل أن تعيد فتح الانتساب”، قالت سارة.

وتنتظر سارة فتح الانتساب لنقابة المحامين في دمشق، حتى تتمكن من البحث عن محامٍ لتلقي التدريب وممارسة المهنة، كما لا تستطيع الانتساب إلى نقابة المحامين في محافظة أخرى، لأنه سيتوجب عليها التدريب في المحافظة التي انتسبت لنقابتها والعمل في محاكمها.

لا تدريب دون قسم قانوني

في الجهة الأخرى، لا تستقبل مكاتب المحامين طلبات تدريب الخريجين الجدد غير المنتسبين للنقابة، على اعتبار أنهم لم يؤدوا القسم القانوني، كما لا يستطيعون إدراج اسم المتدرب غير المنتسب إلى قائمة متدربيهم التي تُرفع إلى وزارة العدل بشكل دوري.

أما أحمد الحلاق، الذي فقد الأمل بفتح الانتساب للنقابة، فقرر العمل في محل والده لبيع المواد الغذائية.

يشعر أحمد بخجل شديد ويدخل في حالة اكتئاب، عندما يعرف زبائن المحل الذي يعمل فيه أنه خريج من كلية الحقوق.

وقال أحمد ل، “لم أفقد الأمل عن عبث، بعدما رأيت أن آخر دفع انتسبت للنقابة حصلت على العضوية وبدأت ممارسة التدريب”.

تواصل أحمد وعدد من زملائه الخريجين مع نقابة المحامين في آواخر آذار الماضي، وأخبرتهم بأن باب الانتساب مغلق بسبب ارتفاع عدد الطلبات المقدمة التي تتعامل معها النقابة، كما وعدتهم بأن يفتح باب الانتساب قريبًا.

لكن أحمد تفاجأ بأن صديقته التي تقدمت بطلب انتساب للنقابة في منتصف كانون الأول 2024، حصلت على العضوية في أيار الماضي.

وتواصلت مع نقابة المحامين بدمشق في نيسان الماضي، وقال نقيب المحامين في دمشق، خالد عمر، حينها إن النقابة ستفتح قريبًا، وأسباب التأخير تعود لتراكم طلبات الانتساب، وطلبات نقل العضوية بين المحافظات.

كانت نقابات المحامين في عدد من المحافظات تقبل طلبات الانتساب، لكنها عادت للإغلاق في مطلع حزيران الماضي.

وفي استطلاع أجرته لعدد من خريجي كلية الحقوق دفعة 2025، ذكر معظمهم أنهم لا يستطيعون الانتساب إلى نقابات المحامين في محافظات أخرى بسبب الأعباء المالية التي ستترتب عليهم، ولأنهم سيضطرون للتدريب والعمل في المحافظة التي انتسبوا فيها للنقابة.

توقعات تصطدم بواقع مختلف

لم نتوقع هذا الإهمال الكبير لخريجي كلية الحقوق، خاصة في هذه المرحلة التي تحتاج فيها سوريا إلى خبرات قانونية، قالت وفاء محسن، ل، التي تخرجت في كلية الحقوق في آذار الماضي.

معظم خريجي كلية الحقوق الذين قابلتهم، أكدوا إهمال وزارة العدل السورية، وأنه ليس لديهم أي فكرة عن طريقة عمل المحاكم بسبب عدم تلقيهم للتدريب الأكاديمي في سنوات تخرجهم”.

وأضافت وفاء، “أحسد طلاب السنة الرابعة، بعد تغيير وزير العدل، إذ سمح وزير العدل الحالي، مظهر الويس، لهم بتلقي التدريبات الأكاديمية في المحاكم، بعد أن أوقفها وزير العدل السابق شادي الويسي”.

دكتور القانون الجزائي في جامعة “دمشق” عيسى مخول، قال ل، إنه يجب على وزارة العدل أن تلتفت لأوضاع خريجي كلية الحقوق، ويجب أن تستحدث معهدًا عاليًا للمحاماة، على غرار المعهد العالي للقضاء، حتى يتلقى الخريجون الجدد تدريبهم المهني “بشكل منصف”.

وأكد مخول أن أعداد طلبات الانتساب إلى نقابات المحامين بازدياد دائم مع كل دفعة تخرج، وإغلاق الانتساب للنقابات ليس حلًا، بل يفاقم المشكلة، ويجب استحداث معهد عالٍ للمحامين إلى جانب النقابة، من أجل تخفيف الأعداد.

وأضاف مخول أن استحداث معهد عالٍ، والإعلان عن مسابقة للدراسة فيه بعدد محدد من الخريجين، سيخفف الضغط عن النقابات ويتيح للخريجين فرص التدريب المهني.

نقابة المحامين ترد

نقيب المحامين فرع دمشق، خالد عمر، أوضح ل، أن باب الانتساب لا يزال مغلقًا بسبب الأعداد الهائلة المتقدمة للنقابة، وطلبات انتسابها قبل الإغلاق لم تنتهِ بعد، إضافة إلى وجود أعداد هائلة من المنتهين من التمرين وينتظرون الامتحان للنقل إلى جدول أساتذتهم.

وبيّن عمر أن هذا النقل يكون بناء على امتحان شفهي لكل متمرن مما يتطلب وقتًا طويلًا، ولا يمكن مراكمة الطلبات المتراكمة أصلًا.

الغاية من التمرين هي أن يأخذ المتمرن الجانب العملي سواء في مكتب أستاذه أو في حضور المحاكمات أو في المحاضرات التي يحضرها المتمرن في نقابته، ولا يمكن ضمن هذا العدد الهائل الموجود أن تحقق هذه الغاية، بحسب عمر.

وأكد عمر أن نقابة المحامين لا تريد أن يكون هناك منتسبون لا يمكن أن تتحقق الغاية من انتسابهم، أي أن يعمل المحامي المتمرن في المحاكم.

وأشار إلى أن قرار الإغلاق جاء حرصًا من فرع دمشق على تحقيق الغاية المهنية والأكاديمية من التمرين، لذلك تم إغلاق باب الانتساب مؤقتًا.

ويقدّر عدد خريجي كلية الحقوق في جامعة “دمشق” بحوالي 1000 طالب وطالبة سنويًا في التعليم العام، و500 طالب وطالبة في التعليم المفتوح.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.