قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تأجيل تطبيق الرسوم الجمركية القائمة على أساس المعاملة بالمثل إلى 1 أغسطس المقبل، بعدما أبلغه مستشارون، من بينهم وزير الخزانة سكوت بيسنت، بأنهم قد يتمكنوا من إبرام اتفاقات تجارية إذا أُتيحت لهم مهلة إضافية، حسبما أفاد أشخاص مطلعون على الأمر لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وقالت المصادر إن مسؤولين في الإدارة الأميركية، من بينهم بيسنت، شعروا بأنهم يحققون تقدماً في التفاوض على صفقات مع عدد من الشركاء التجاريين، مثل الهند والاتحاد الأوروبي، مع اقتراب نهاية المهلة السابقة التي حددها ترمب.

وكان من المقرر أن تنتهي فترة الوقف الأولية للرسوم الجمركية القائمة على أساس المعاملة بالمثل عند الساعة 12:01 من صباح الأربعاء، إلى أن قرر ترمب، الاثنين، تأجيل موعد التنفيذ لثلاثة أسابيع أخرى، ووجه رسائل إلى عدد من الدول يُحذرها فيها من الرسوم التي ستُفرض عليها في ذلك اليوم.

وفي عطلة نهاية الأسبوع التي سبقت قرار التأجيل، أجرى ترمب مشاورات هاتفية وأحاديث خاصة مع حلفائه من ناديه الخاص للجولف في بيدمنستر بولاية نيوجيرسي، وفقاً لأشخاص مطلعين على هذه الاتصالات.

وقال المسؤولون إن ترمب كان يدرس ما إذا كان عليه تحديد موعد نهائي جديد في أغسطس، أو الاكتفاء بتوجيه رسائل تتضمن إعلاناً عن الرسوم الجديدة من دون تحديد تاريخ معين.

تدخل وزير الخزانة الأميركي

وكان ترمب قد ألمح علناً إلى إمكانية التراجع عن السعي لإبرام اتفاقات لتجنب فرض الرسوم، غير أن ميله لترك الرسوم تدخل حيز التنفيذ تغير بعدما أبلغه بيسنت بأن بعض الاتفاقات باتت قريبة من الإنجاز، لكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت.

وكان بيسنت من أبرز المساعدين، الذين نجحوا في إقناع ترمب بفرض تجميد أولي لمدة 90 يوماً على رسوم “يوم التحرير” التي أعلنها في أبريل الماضي، والتي تسببت في اضطراب بالأسواق العالمية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي، إن الولايات المتحدة تتلقى اهتماماً كبيراً بالتفاوض على خفض الرسوم الجمركية، لكنه شدد على أن ترمب “كان واضحاً في أن الولايات المتحدة، أكبر وأفضل سوق استهلاكية في العالم، تملك أوراق القوة والنفوذ في المفاوضات لعقد اتفاقات أحادية تضع رسوماً مناسبة لشركائها التجاريين”.

وقال بعض الأشخاص المطلعين على اتصالات ترمب إنه أعرب في مكالماته الهاتفية لمساعديه وحلفائه عن إحباطه من عدم إحراز تقدم في المفاوضات مع الدول الأخرى، مُحملاً تلك الدول المسؤولية لعدم تقديمها عروضاً، من وجهة نظره، كافية للولايات المتحدة. 

وقال ترمب في جلسات خاصة إنه يستفيد من موجة من الزخم السياسي بعد توقيعه على مشروع القانون “الكبير والجميل” وقصفه لإيران، ويريد استثمار تلك المكاسب، التي يراها انتصارات، لتحقيق نجاحات في السياسة التجارية، وفقاً للمطلعين.

تنازلات في اللحظة الأخيرة

وفي نهاية المطاف، قرر ترمب إرسال الرسائل بالتزامن مع تأجيل تنفيذ الرسوم، باعتبارها خطوة تفاوضية تهدف إلى انتزاع “تنازلات في اللحظة الأخيرة” من الشركاء التجاريين، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وتوقع ترمب، الثلاثاء، إرسال المزيد من الرسائل، مشيراً إلى أنه كان على بُعد يومين تقريباً من إرسال رسالة إلى الاتحاد الأوروبي. وأكد أن المسؤولين الأميركيين ونظراءهم في الاتحاد الأوروبي لا يزالون على تواصل وثيق.

وقال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، لاحقاً في مقابلة مع شبكة CNBC إنه من المتوقع توجيه ما بين 15 إلى 20 رسالة جديدة بشأن الرسوم الجمركية إلى زعماء دول العالم خلال اليومين المقبلين.

وقال ترمب، الذي لطالما كان من المدافعين البارزين عن استخدام الرسوم الجمركية، إنه متحمس لفرض رسوم على عدد كبير من الدول، رغم صدور أمره التنفيذي الجديد.

وكتب ترمب على منصة “تروث سوشيال”، الثلاثاء: “الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من 1 أغسطس 2025. لم يطرأ أي تغيير على هذا الموعد، ولن يطرأ أي تغيير”. 

وفي اجتماع لمجلس الوزراء، الثلاثاء، أكد ترمب أن رسائله إلى الدول الأخرى تُعد بمثابة اتفاقات تجارية ثنائية، قائلاً: “الرسالة تعني صفقة”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن فريقه يواصل التفاوض مع دول أخرى.

كما استعرض ترمب، الثلاثاء، رسوماً جمركية أخرى سيُفرض بعضها بموجب صلاحيات قانونية مختلفة، مشيراً إلى عزمه فرض رسوم بنسبة 50% على النحاس، وأخرى تصل إلى 200% على الأدوية، مستنداً في ذلك إلى اعتبارات تتعلق بالأمن القومي.

وسيُمنح عدد من الشركات مهلة تصل إلى عام ونصف لنقل سلاسل توريد الأدوية إلى الولايات المتحدة، قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ.

وقال لوتنيك لاحقاً إن إعلان الرسوم الجمركية على النحاس سيُنشر خلال اليوم، لكنه لم يكن قد نُشر بحلول مساء الثلاثاء. وأضاف أن التقارير التي توضح مستويات الرسوم على أشباه الموصلات والأدوية ستُكشف بحلول 1 أغسطس المقبل.

وقلل ترمب من فرص توصل جميع الدول إلى اتفاقات لتجنب الرسوم الجمركية القائمة على أساس المعاملة بالمثل المرتفعة التي يعتزم فرضها، قائلاً خلال الاجتماع: “لدينا 200 دولة، لا يمكننا الاجتماع مع 200 دولة”. 
 
وفي الأسابيع الأخيرة، وزع مكتب الممثل التجاري الأميركي مسودات تتضمن شروطاً أميركية لبدء مفاوضات تجارية مع نحو 20 دولة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الوثائق. وتشبه تلك الوثائق البنود المقترحة لما يُعرف بـ”اتفاق التجارة القائمة على أساس المعاملة بالمثل” مع الاتحاد الأوروبي. 

شاركها.