في إطار الاحتفاء بمرور عشرين عاماً على إدراج موقع “قلعة البحرين الميناء القديم وعاصمة دلمون” على قائمة التراث العالمي، وعلى هامش انعقاد الدورة السابعة والأربعين للجنة التراث العالمي، نظّمت هيئة البحرين للثقافة والآثار ندوة خاصة في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك بحضور الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس هيئة الثقافة وعصام عبدالعزيز الجاسم سفير مملكة البحرين لدى الجمهورية الفرنسية وإرنستو أوتون راميريز المدير العام المساعد للثقافة باليونيسكو.
وتأتي هذه الندوة في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز الوعي العالمي بأهمية قلعة البحرين كموقع أثري استثنائي وشاهد حيّ على ازدهار العديد من الحضارات على أرض مملكة البحرين، موطن حضارة دلمون ومركزها الرئيسي. كما تهدف الفعالية إلى توثيق مرور عشرين عامًا على إدراج الموقع ضمن قائمة التراث العالمي، وتسليط الضوء على أبرز الاكتشافات الأثرية في الموقع بجهود فرق التنقيب البحرينية وبمساهمة العديد من بعثات التنقيب الدولية، وعلى رأسها البعثة الأثرية الفرنسية.
وبهذه المناسبة، أكد سعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة أن “قلعة البحرين لا تمثل فقط أول موقع بحريني يُدرج على قائمة التراث العالمي، بل تُجسّد امتداداً حضارياً عريقاً لتراث وثقافة المملكة، وشاهد على بروز حضارات عديدة على أرضها، وأهمها حضارة دلمون التي لعبت دوراً محورياً في صياغة التاريخ الإنساني للمنطقة”.
وأضاف سعادته: “نحتفل اليوم بموقع أثري يعكس إرثاً ثقافياً عريقاً، ونؤكد التزام مملكة البحرين بحماية التراث الثقافي وتوثيقه للأجيال القادمة”.
وقال إن منظمة اليونيسكو لطالما كانت شريكاً أساسياً فاعلاً، مع غيرها من المنظمات الدولية، في صون التراث الإنساني المشترك في البحرين، معرباً عن تطلعه إلى المزيد من العمل والمشاريع المستقبلية مع اليونسكو.
وقدّم الندوة الخاصة د. بيير لومبارد، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS)، والرئيس السابق للبعثة الأثرية الفرنسية في مملكة البحرين، حيث استعرض أبرز المحطات التاريخية لقلعة البحرين، ودورها كمركز حضاري واقتصادي في منطقة الخليج منذ العصور القديمة.
وتناول د. لومبارد أهمية الاكتشافات الأثرية التي تم التوصل إليها على مدى عقود من البحث الأثري، مشيدًا بالتعاون الوثيق بين هيئة البحرين للثقافة والآثار والبعثة الأثرية الفرنسية، والذي أسهم في توثيق الموقع والحفاظ على خصوصيته التاريخية والمعمارية.
كما تطرق د. بيير إلى الأبعاد الثقافية والإنسانية للموقع، باعتباره نموذجًا فريدًا للتفاعل الحضاري والتجاري في المنطقة عبر آلاف السنين.
هذا وتعد قلعة البحرين، أول مواقع مملكة البحرين على قائمة التراث العالمي، حيث تم إدراجه على القائمة عام 2005. ويعد الموقع مثالاً متميزاً على الاستيطان البشري المستمر لما يقرب من 4500 عام، من حوالي 2200 سنة قبل الميلاد وحتى اليوم.
ويحمل التل الأثري، الأكبر في البحرين، سجلا أثرياً سليماً يعكس فترات مختلفة من تاريخ البلاد، ويؤكد على قوة حضارة دلمون والحضارات التي جاءت بعدها، وقدرتها على السيطرة على خطوط التجارة عبر الخليج.
وما يزيد من تميّز الموقع هو هندسته المعمارية الضخمة وتخطيطه الحضري المحفوظ جيدًا، إضافة إلى الاكتشافات المهمة التي حققها علماء الآثار.
وإلى جانب الموقع، تم افتتاح متحف موقع قلعة البحرين في فبراير 2008م بتمويل من مجموعة آركابيتا، بهدف الحفاظ على السمات التاريخية القديمة للموقع، وتوثيق تعاقب حضارات متنوعة مرت عليه من خلال الحفاظ على القطع الأثرية المكتشفة.