في مشهد أثار ذعرًا واسعًا في أنحاء متفرقة من الجمهورية، اندلع عصر الإثنين 7 يوليو حريق ضخم داخل مبنى سنترال رمسيس بوسط القاهرة، أحد أهم مراكز تشغيل خدمات الاتصالات والإنترنت في مصر.

امتدت ألسنة اللهب إلى عدة طوابق بالمبنى، ما أدى إلى توقف جزئي وكلي لخدمات المحمول والإنترنت الأرضي بعدد من المحافظات، وسط محاولات مكثفة من قوات الحماية المدنية للسيطرة على الحريق.

الحادث الذي أصاب البنية التحتية الرقمية، فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول أسباب الحريق، وكفاءة أنظمة السلامة.

خبير تكنولوجيا: شلل رقمي بسبب حريق سنترال رمسيس.. ولازم إعادة هيكلة عاجلة للبنية التحتية

قال المهندس تامر محمد، خبير تكنولوجيا المعلومات في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن ما حدث من تعطل شبه كامل لخدمات الاتصالات والإنترنت بعد حريق سنترال رمسيس، يكشف عن خلل كبير في البنية التحتية الرقمية لمصر، مشددًا على أن “من غير المنطقي أن تعتمد دولة بحجم مصر على نقطة واحدة في التشغيل”.

وأوضح أن سنترال رمسيس يعتبر نقطة تحكم رئيسية لخدمات الاتصالات والبيانات، قائلاً: “النهاردة وصلنا لـ24 ساعة من التوقف، لحد دلوقتي ناس كتير مش قادرة تكلم شبكة أورنج مثلًا، ومحدش عارف يوصل لحد.. ده بيأكد إن في حاجة غلط في التصميم”.

وأضاف: “مش منطقي أبدًا إن شبكة البنوك كلها تبقى مربوطة بنقطة اتصال واحدة، ولا إن المؤسسات الخدمية تعتمد على سنترال واحد، ده تصميم قديم جدًا وكان المفروض يتراجع من سنين”.

وأشار إلى أن هناك محاولات تمت بالفعل لتحجيم الأزمة، قائلًا ماحدث إنهم نقلوا التراسل من سنترال رمسيس لسنترال الروضة، لكن الواضح إن الروضة غير مؤهلة تقنيًا لاحتواء الشبكة بالكامل، فعملت الخدمة جزئيًا وظلت الأزمة مستمرة.

وتابع الموضوع محتاج تحقيق شامل، وليس فقط أن نحل المشكلة ونعود كما كنا، يجب أن  يكون هناك خطة جديدة تمنع تكرار ماحدث، خاصة إننا مررنا بنفس الأزمة في أوائل الألفينات، في وقت  الإنترنت المجاني 0777، ووقتها كان ايضا سنترال رمسيس سبب التعطل.

وقال إنه ليس من المنطقي أن نكون قد صرفنا مليارات على تطوير البنية التحتية الرقمية، ومازالت لدينا نقطة تشغيل واحدة تتحكم في كل شئ.. يجب مراجعة شاملة وتوزيع الأحمال وتعدد مراكز التحكم.

طالب المهندس تامر محمد، خبير تكنولوجيا المعلومات، بتشكيل لجنة فنية من خارج الشركة المصرية للاتصالات، تكون من خبراء محايدين وتعمل تحت إشراف الدولة، لوضع حلول جذرية ومنهجية للأزمة، قائلًا “الموضوع أكبر من كونه قرار شركة، دي مصلحة دولة واقتصاد كامل، ومينفعش نسيب إدارة البنية التحتية الرقمية بالكامل في إيد جهة واحدة بس”.

وأكد أن الأمر يستدعي تدخلًا مباشرًا من أجهزة الدولة، قائلًا: “زي ما البنك المركزي بيعمل رقابة وخطط طوارئ للبنوك، لازم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يبقى عنده نفس الدور، لازم تكون في سيناريوهات بديلة ومجربة، إزاي نوقع سنترال كامل حتى من غير حريق ونشوف هل البلد هتشتغل ولا لأ؟”.

واختتم تصريحاته قائلًا الموضوع يحتاج إشراف دولة، وليس مجرد تأمين حريق ولا تقنياً فقط ، يجب أن نعمل  على خطة استجابة وطنية مدروسة ومجربة لكي نضمن إن اقتصادنا لا يشل مرة اخرى بسبب نقطة واحدة ضعف في الشبكة.

 استشاري حرائق: السنترالات القديمة قنابل موقوتة وكود الحماية لا يطبق عليها

وأكد المهندس أحمد عبد الغني، رئيس الجمعية المصرية لمكافحة الحريق عضو لجنة كود الحريق بمركز بحوث البناء والإسكان، أن الحرائق التي تندلع داخل مراكز السنترالات غالبًا ما تكون نتيجة لمجموعة من الأسباب المتداخلة، أبرزها فشل العادم الكهربائي بسبب الأحمال الزائدة أو الاستخدام غير السليم للأجهزة، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة واحتراق الأسلاك.

وقال عبد الغني إن وجود أجهزة قديمة أو معطلة قد يتسبب في إطلاق شرارات كهربائية أو سخونة مفرطة، مضيفًا أن فشل أنظمة التبريد أو ارتفاع نسبة الرطوبة داخل المكان قد يرفع من احتمالات نشوب حريق.

ولفت إلى أن الأخطاء البشرية والتعامل غير السليم مع المعدات من العوامل التي لا يمكن تجاهلها، موضحًا أن استخدام مواد تنظيف قابلة للاشتعال أو إهمال الصيانة الدورية يزيد من حجم المخاطر.

وحذر من أن الاعتماد على كابلات وتوصيلات غير مطابقة للمواصفات أو غير مؤمنة جيدًا قد يؤدي إلى حدوث شرر كهربائي يسبب اشتعالًا واسعًا.

وطالب عبد الغني بـ تشكيل لجنة فنية متخصصة تضم أعضاء من مركز بحوث البناء والدفاع المدني للتحقيق في ملابسات الحريق، على غرار ما جرى عقب حريق مكتبة الإسكندرية، مشددًا على أن السبب قد يكون نتيجة عامل واحد أو تداخل عدة عوامل أو حتى بفعل فاعل.

وانتقد استشاري الحريق ما وصفه بـ”التهريج” في تطبيق الكود المصري للحماية من الحرائق، قائلاً: “الكود غير مطبق على المباني القديمة، رغم أنها تضم تجهيزات تشغيل حيوية يجب أن تدار بأنظمة حماية متعددة، لضمان استمرار الخدمة حتى لو تعطل أحدها”.

وأشار إلى أن تصميم المباني المعمارية أحيانًا يتضمن أخطاء لا تكتشف إلا عند الكوارث، لافتًا إلى أن ضعف خبرات بعض المصممين، وعدم التزام مهندسي الصيانة بإجراءات الصيانة الدورية يزيد من احتمالات الكارثة.

واختتم تصريحاته بالتأكيد على ضرورة إجراء مراجعة شاملة للأحمال التي قد تكون زادت مع الوقت، والتأكد من التزام الفرق الهندسية بعمليات الصيانة الدورية والفحوص الفنية المستمرة.

المصدر: صدى البلد

شاركها.