بدأ الجيش التايواني، السبت، نشر أحد أحدث أسلحته الهجومية وأكثرها دقة، قبل تدريبات بالذخيرة الحية تهدف إلى إظهار تصميم الجزيرة على مقاومة التهديدات المتزايدة بشأن غزو صيني محتمل.

وشوهدت شاحنتان مدرعتان مزودتان بأنظمة إطلاق الصواريخ الأميركية المتطورة Himars، وهما تناوران حول مدينة تايتشونج بالقرب من الساحل الأوسط لتايوان في اليوم الرابع من أصل 10 أيام تشهد التدريبات السنوية الأكثر شمولاً حتى الآن، ومن المتوقع إجراء الجزء الخاص بالذخيرة الحية من تدريبات “هان كوانج” الدفاعية السنوية الأسبوع المقبل.

وقال الكولونيل تشين ليان-جيا، وهو متحدث عسكري، إنه في زمن الحرب سيكون من الضروري إخفاء نظام Himars عن الاستطلاع الجوي للعدو أو الأقمار الصناعية، “أو حتى عن عملاء العدو خلف خطوطنا”، حتى يتم إعطاء الأمر بإطلاق النار.

وتنظر الصين إلى تايوان التي تتمتع بحكم ديمقراطي على أنها تابعة لها، وكثفت ضغوطها العسكرية حول الجزيرة على مدى السنوات الخمس الماضية، إذ نظمت سلسلة من المناورات الحربية المكثفة ودوريات يومية للقوات البحرية والجوية حول الجزيرة.

وترفض تايوان مطالبات الصين بالسيادة عليها، ويقول الرئيس التايواني لاي تشينج تي إن شعب الجزيرة هو الوحيد الذي يمكنه تقرير مستقبله.

ويقول مسؤولون إن التدريبات تهدف إلى أن تظهر للصين والمجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة المورد الرئيسي للأسلحة لتايوان، أن الجزيرة مصممة على الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم أو غزو صيني.

مناورات غير مسبوقة ورد صيني

وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير، الجمعة، إن تايبيه بدأت مناوراتها العسكرية، التي أُعيد تصميمها هذا العام لتصبح “أطول وأكثر شمولاً”، باستدعاء غير مسبوق لـ22 ألفاً من جنود الاحتياط.

وشهدت تدريبات هذا العام إدخال منظومة صواريخ Himars، التي تسلّمتها تايوان أواخر العام الماضي، ما يضع أهدافاً على طول الساحل الجنوبي الشرقي للصين في مرمى نيرانها، كما أصبحت الطائرات المسيّرة محوراً أساسياً جديداً في المناورات.

وأشرف الرئيس التايواني، الخميس، على أول عرض بالذخيرة الحية لدبابات Abrams الأميركية الحديثة طراز M1A2، في ترقية طال انتظارها مقارنة بدبابات Patton، التي تعود إلى حقبة حرب فيتنام، التي ظل الجيش التايواني يعتمد عليها طيلة عقود.

وذكرت الصحيفة، أنه خلال الأسابيع التي سبقت المناورات، عزز الرئيس التايواني رسالته السياسية بجولات ومحاضرات قدّم خلالها عروضاً تقديمية مفصلة، أوضح فيها موقفه القائل إن تايوان، رغم مزاعم بكين بأنها جزء من الأراضي الصينية، دولة مستقلة ولم تكن يوماً جزءاً من الصين.

لكن هذا الطرح قوبل بهجوم من السُلطات في بكين، التي دأبت على التقليل من شأن الرئيس التايواني، واتهامه بمحاولة “تحريف التاريخ وتشويه الحقائق” لبثّ الخوف من الصين في أوساط الرأي العام التايواني لخدمة أجندته السياسية، وفقاً لما قاله المتحدث العسكري الصيني، العقيد جيانج بين، الذي وصف المناورات العسكرية التايوانية بأنها “ليست سوى خدعة”.

وبالتزامن مع انطلاق المناورات، أعلنت وزارة التجارة الصينية، الأربعاء، فرض عقوبات على شركات دفاع تايوانية تعمل في تصنيع مقاتلات وغواصات وغيرها من المعدات العسكرية، عبر منع 8 كيانات تايوانية من الحصول على إمدادات من الصين سواء للاستخدام المدني أو العسكري.

في المقابل، أكّد مجلس شؤون البر الرئيسي في تايبيه، أن هذه الخطوة لن تُغيّر سياسة تايوان في تطوير صناعتها الدفاعية الذاتية.

سيناريو هجوم صيني محتمل

وتواصل بكين تهديدها باستخدام القوة العسكرية لضم تايوان، فيما تحاكي مناورات تايبيه هذا العام سيناريو لهجوم صيني محتمل بحلول عام 2027، وهو الإطار الزمني ذاته الذي ورد في تصريحات لمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية.

ولأكثر من 4 عقود، كانت مناورات “هان كوانج” السنوية تحاكي غزواً صينياً، وغالباً ما تنتهي بعد 5 أيام من التوتر بانتصار افتراضي للقوات التايوانية، يتجلى في صدّ هجمات برمائية عبر الدبابات والمدفعية، وطلعات جوية للطائرات الحربية.

لكن مع تطور طبيعة الصراع المحتمل، لم يعد المخططون العسكريون يرون أن النصر مضمون، بل بات السؤال الأساسي يتمحور حول مدى قدرة القوات التايوانية على الصمود لفترة كافية تسمح للولايات المتحدة بالتدخل لإنقاذها.

وقالت “وول ستريت جورنال”، إن تنوّع التدريبات التي نُظمت هذا العام يهدف، جزئياً، إلى تحذير بكين من مغبة الإقدام على أي هجوم عسكري.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤول أمني تايواني قوله: “عندما نمتلك قوة عسكرية قوية، ودعماً دولياً فعّالاً، ومجتمعاً متماسكاً يدعم قواته المسلحة، فإن (الرئيس الصيني) شي جين بينج سيرى أن اختراق تايوان سيكون بمثابة مهمة صعبة للغاية”.

وتتضمن مناورات هذا العام، عملية بحرية لزرع ألغام في أحد الموانئ، ضمن استراتيجية تايوان في الاعتماد على أسلحة أصغر حجماً وأكثر مرونة في الحركة.

كما تشمل السيناريوهات، احتمال نجاح القوات الصينية في تنفيذ عملية إنزال بري، ما يدفع القوات التايوانية إلى خوض معارك داخل بيئة حضرية معقدة، تشمل الدفاع عن البنية التحتية الحيوية، مثل مراكز النقل، ومنع وصول القوات الغازية إلى قلب العاصمة.

شاركها.