في مشهد نادر في البروتوكول الأمريكي، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنفسه من بوابة البيت الأبيض، ليقف أمام الموكب البحريني ويستقبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فور وصوله إلى مقر الرئاسة. لم تكن هذه اللفتة مجرد إشارة مجاملة، بل دلالة صريحة على مكانة البحرين لدى البيت الأبيض، وعلى الاحترام الشخصي والسياسي الذي تحظى به قيادتها في أعلى دوائر القرار الأمريكي.
الزيارة الرسمية التي أجراها سموه إلى الولايات المتحدة مثّلت محطة استراتيجية مفصلية في مسار التحالف البحريني الأمريكي، حيث تم الإعلان عن صفقات واتفاقيات بين مؤسسات بحرينية وأمريكية بقيمة تقارب 17 مليار دولار، شملت قطاعات الطيران، التكنولوجيا، الصناعة، الاستثمار، والطاقة.
وإذا كانت العلاقات بين المنامة وواشنطن تعود إلى العام 1971، فإن زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء جاءت لتعزز مكانة البحرين كشريك مبادر وفاعل، قادر على الانتقال من التعاون التقليدي إلى بناء تحالفات متكاملة تُدار برؤية استباقية.
ولم تكن الملفات اقتصادية فحسب. فقد شهدت الزيارة الإعلان عن إطلاق رحلات جوية مباشرة بين المنامة ونيويورك، ما يُعزز التواصل الاقتصادي والسياحي بين البلدين، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم في مجال المفاعلات النووية الصغيرة، لتدخل البحرين بذلك مجالاً متقدماً في الطاقة النظيفة، بشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة.
وقد مثّل توقيع هذه الاتفاقيات امتداداً عملياً للاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار «CSIPA» التي وُقعت في 2023، والتي وضعت إطاراً جديداً للتكامل في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والأمن السيبراني، معززةً مكانة البحرين كمركز لوجستي واقتصادي محوري في المنطقة.
سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حمل معه إلى واشنطن رؤية متكاملة ومبادرات ملموسة، تُجسد نهجاً بحرينياً في بناء العلاقات على أسس المصالح المتبادلة، بعيداً عن الشعارات، وقائماً على المشاريع والتكامل طويل الأمد.
وفي هذا السياق، خصّ الرئيس ترامب بالثناء سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وزير ديوان رئيس مجلس الوزراء، واصفاً إياه بأنه «شخص ذكي ومتفانٍ، ويتمتع بسمعة متميزة»، وهو ما يعكس التقدير العلني الذي توليه القيادة الأمريكية للكفاءات البحرينية الشابة في مواقع المسؤولية.
ومن أمام بوابة البيت الأبيض.. وقف الرئيس ترامب مستقبلاً سموه، ومعلناً أن جلالة الملك المعظم «يحظى باحترام كبير في الشرق الأوسط وفي العالم أجمع». كلمات تتجاوز المجاملة إلى تأكيد دور البحرين في معادلة الاستقرار الإقليمي.
وفي عالمٍ تتقاطع فيه المصالح، وتُختبر فيه المبادئ، وقفت البحرين بثقة، لا لتُزايد، بل لتُثبت أن السيادة تُمارس بالفعل، وأن الشراكات تُبنى على الرؤية، لا على ردود الأفعال.عبدالله إلهامي