أكد رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب، النائب أحمد السلوم، أن الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأمريكية شكّلت علامة فارقة في مسيرة العلاقات البحرينية الأمريكية، ورسّخت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على نحوٍ غير مسبوق، خصوصًا في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والرقمية.
وأشار إلى أن اللقاءات رفيعة المستوى التي عقدها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، سواء مع فخامة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو مع كبار المسؤولين الأمريكيين، وفي مقدمتهم نائب رئيس الولايات المتحدة، جسّدت عمق الاحترام المتبادل والمكانة التي تحظى بها مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لدى صناع القرار في واشنطن، حيث عبّر الرئيس ترامب عن تقديره الكبير لجلالة الملك، ووصفه بأنه “شخصية تحظى باحترام كبير في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع”.
وقال السلوم إن زيارة سمو ولي العهد شهدت توقيع وإطلاق حزمة استثمارية مشتركة بقيمة 17 مليار دولار أمريكي، شملت اتفاقيات في مجالات التكنولوجيا والطيران والصناعة، إلى جانب الإعلان عن رحلات طيران مباشرة بين البحرين ونيويورك عبر طيران الخليج بدءًا من أكتوبر المقبل، وهي خطوة استراتيجية نحو تعزيز الربط الجوي مع أكبر المراكز التجارية في العالم.
وأشار إلى أن الاتفاقيات الموقعة بين شركات بحرينية وأمريكية، وفي مقدمتها الاتفاق بين شركة “ممتلكات” البحرين القابضة وعدد من الشركات الأمريكية بقيمة ملياري دولار، واتفاقية الكابل البحري “شمال الخليج” بين شركة “Beyon” وشركة “SubCom” الأمريكية، تعكس ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية البحرينية، وتُكرّس موقع المملكة كمركز رقمي ولوجستي حيوي في المنطقة.
كما شهدت الزيارة توقيع اتفاقية استراتيجية بين شركة طيران الخليج وشركة بوينج الأمريكية، لتزويد الناقلة الوطنية لمملكة البحرين بـ 18 طائرة جديدة من طراز B787، إلى جانب مذكرة تفاهم لتوريد 36 محرك طائرات من شركة “جنرال إلكتريك”، وذلك بحضور معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني رئيس مجلس إدارة شركة ممتلكات، ومعالي وزير التجارة الأمريكي. وأكد السلوم أن هذه الاتفاقية تمثّل خطوة نوعية في تحديث أسطول طيران الخليج وتعزيز قدراتها التشغيلية في الأسواق العالمية، كما تعكس الثقة الكبيرة التي توليها البحرين للشراكات الصناعية مع كبرى الشركات الأمريكية، بما يترجم أهداف الرؤية الاقتصادية الوطنية نحو مزيد من الانفتاح والتوسع في قطاع النقل الجوي والربط العالمي.
وأضاف أن المشروع الجديد لربط البحرين بالسعودية والكويت والعراق عبر كابل بحري بطول 800 كلم، وارتباطه بشبكة SEAMEWE 6 العالمية، سيُعزز السيادة الرقمية ويضع البحرين في قلب الاقتصاد المعرفي العالمي، مؤكدًا أن مثل هذه الاستثمارات تُواكب رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وتخلق فرصًا واعدة في الاقتصاد الرقمي والتقنيات الناشئة.
ونوّه رئيس اللجنة المالية والاقتصادية إلى أن البحرين تُعد الدولة الخليجية الوحيدة التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأسست منطقة التجارة الأمريكية داخل المملكة، مما يجعلها منصة استراتيجية للشركات الأمريكية الراغبة في التوسع نحو الخليج والشرق الأوسط.
كما أشار إلى أن الاستثمارات البحرينية المباشرة في الولايات المتحدة التي بلغت 10.7 مليار دولار أمريكي، تعكس حيوية القطاع الخاص البحريني، مؤكّدًا أن هذه الأرقام تعبر عن شراكة متبادلة ومصالح استراتيجية متكافئة، وليست علاقات من طرف واحد.
وفي سياق موازٍ، رحّب السلوم بتوقيع الاتفاقية الثلاثية لانضمام المملكة المتحدة إلى الاتفاقية الشاملة للتكامل الأمني والازدهار (CSIPA)، التي دعت إليها البحرين والولايات المتحدة، معتبرًا ذلك تطورًا نوعيًا يعكس الدور الإقليمي المتصاعد للمملكة في تعزيز الأمن الجماعي والتكامل الاقتصادي.
وقال إن هذه الاتفاقية التي تحوّلت من إطار ثنائي إلى متعدد الأطراف تمثل رؤية مشتركة لتوسيع التعاون الإقليمي في مجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا والدفاع، بما يعزز الاستقرار والنمو في الشرق الأوسط.
واختتم السلوم تصريحه بالتأكيد على أن زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة لم تكن مجرد زيارة دبلوماسية، بل مثّلت تحولًا استراتيجيًا في العلاقات الثنائية، عززت موقع البحرين على خارطة الاستثمار العالمي، وفتحت آفاقًا جديدة للقطاع الخاص البحريني، ورسّخت الثقة الدولية في الاقتصاد الوطني.