رفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعوى قضائية ضد صحيفة “وول ستريت جورنال” ومالكيها، بمن فيهم روبرت مردوخ، مطالباً بتعويض لا يقل عن 20 مليار دولار، على خلفية تقرير نُشر، الخميس، يتعلق برسالة مزعومة تتضمن تهنئة “بذيئة” تقول الصحيفة إن ترمب أرسلها إلى رجل الأعمال المنتحر جيفري إبستين المتهم بالإتجار الجنسي، عام 2003، وقال ترمب إنها “مزورة”.

وذكرت شبكة CNN أن الدعوى الجديدة، تُعد تصعيداً غير مسبوق في حملة ترمب القانونية المستمرة ضد وسائل الإعلام التي يعتبرها خصوماً له. وقد نفى ترمب أن يكون قد كتب تلك الرسالة.

وفي وثيقة من 18 صفحة، اتهم فريق ترمب القانوني الشركة الأم للصحيفة بـ”إخفاقات فاضحة في الأخلاقيات الصحفية ومعايير الدقة”. وأشار إلى أن الصحيفة لم تنشر في تقريرها الرسالة أو الرسم الذي زُعم أن ترمب كتبه.

وكتب محامي ترمب: “السبب في هذا الإخفاق هو أنه لا توجد أي رسالة أو رسم أصلي”.

وكان ترمب هدد برفع الدعوى فور نشر القصة، التي كتبها الصحفيان خديجة صفدر وجو بالاتزولو مساء الخميس. وقد أُدرج اسما الصحافيين ضمن المدعى عليهم.

وكتب ترمب على منصة “تروث سوشيال”: “لقد تم تحذير صحيفة وول ستريت جورنال، وروبرت مردوخ شخصياً، من قبل الرئيس دونالد ترمب بأن الرسالة المزعومة التي نسبوها له وطبعوها مزيفة، وإذا نشروها، فسيُقاضون”.

وأضاف أن مردوخ، مالك شركة “نيوز كورب”، الشركة الأم للصحيفة، “قال إنه سيتولى الأمر، لكنه من الواضح لم يكن يملك السلطة للقيام بذلك”.

معركة قانونية

من جانبها، قالت متحدثة باسم شركة “داو جونز”، المالكة للصحيفة: “نحن واثقون تماماً من دقة ومهنية تقريرنا، وسندافع بقوة ضد أي دعوى”.

وعادت علاقة ترمب بإبستين، المُدان سابقاً بجرائم جنسية والذي توفي في سجن بنيويورك عام 2019 أثناء انتظاره المحاكمة في تهم الاتجار الجنسي، للواجهة مؤخراً.

وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، قال ترمب إنه يفكر في الإفراج عن ملفات إضافية تتعلق بإبستين، تلبية لمطالب شخصيات يمينية مؤثرة تشكك في رواية انتحاره، والتي خلصت إليها عدة تحقيقات رسمية.

وذكرت مذكرة من وزارة العدل نُشرت مؤخراً أنه لا يوجد دليل على امتلاك إبستين “قائمة عملاء” تتضمن رجالًا متورطين في جرائم جنسية، الأمر الذي خيب آمال بعض من أكثر أنصار ترمب ولاءً، وأدى إلى تصدع داخل حركة “ماجا” Make America Great Again (اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً) .

حروب إعلامية سابقة

وأشارت CNN إلى أن علاقة ترمب بمردوخ متقلبة منذ سنوات، رغم أن شركته تملك أيضاً قناة “فوكس نيوز”، التي تُعتبر القناة الإخبارية الأكثر دعماً لترمب، وتعمل فيها زوجة ابنه، لارا ترمب.

وقال خبراء قانونيون لشبكة CNN إنهم لا يتذكرون أي حادثة سابقة رفع فيها رئيس أميركي دعوى تشهير ضد وسيلة إعلامية أثناء توليه المنصب.

وقال المحامي تيد بوتروس: “لا أظن أن أي رئيس في منصبه قد رفع دعوى ضد صحافي أو وسيلة إعلام من قبل، لأن المنصب يمنحه منبراً أقوى من أي محكمة لتوضيح الحقيقة”.

وكان ترمب رفع عدة دعاوى قضائية خلال حملته الانتخابية عام 2024، من بينها دعوى ضد شبكة ABC في مارس من ذلك العام، بسبب ما قال إنه تشهير من الصحافي جورج ستيفانوبولوس، الذي ذكر أن هيئة محلفين وجدت أن ترمب “اغتصب” إي. جين كارول.

ووجدت الهيئة أن ترمب اعتدى عليها جنسياً وكان مسؤولاً عن الضرب، لكنها لم تجد دليلاً على الاغتصاب، وينفي ترمب ارتكاب أي خطأ في هذه القضية.

وقامت شركة ديزني، المالكة لـ ABC، بتسوية القضية مع ترمب بدفع 16 مليون دولار لصندوق مكتبته الرئاسية.

كما أسقط ترمب قبل أسبوعين دعواه ضد شبكة CBS بشأن فقرة من برنامج “60 دقيقة” خلال المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية، بعد أن وافقت شركة “باراماونت” على دفع 16 مليون دولار للمكتبة نفسها.

وكانت شركات مثل ميتا و”إكس” أبرمت تسويات أيضاً مع ترمب في قضايا سابقة. ولا تزال ثلاث قضايا أخرى ضد وسائل إعلام وشركات تكنولوجيا قيد النظر.

وقال البروفيسور كارل توبياس من جامعة ريتشموند: “هجوم ترمب على صحيفة وول ستريت جورنال يتماشى مع تسويات سابقة وخطواته الأخيرة ضد الإعلام العام. في كل هذه الحالات، هو يُقوض التعديل الأول من الدستور الأميركي من خلال دفع الإعلام إلى الحذر في تغطيته له ولسياسيين آخرين”.

وفي منشور على “تروث سوشيال” بعد رفع الدعوى، قال ترمب: “آمل أن يكون مردوخ وأصدقاؤه مستعدون لساعات طويلة من الاستجوابات والشهادات التي سيتعين عليهم تقديمها في هذه القضية.

شاركها.