محمد رامس الرواس
إن نقض الاحتلال الإسرائيلي لما التزم به من اتفاق في 15 يناير 2025م، ورفضه منذ أربعة أشهر ما عُرض عليه من حلول للتوصل إلى وقف الحرب وتبادل الأسرى، ومماطلته ومراوغته وتهربه من وقف الحرب، وظل مصرًّا على استئناف عدوانه بكل ما أوتي من قوة، وبآلة قتل وتدمير لا يزال يستمد أدواتها من حلفائه ومسانديه.
أشهر مضت منذ الصفقة في بداية عام 2025م، ولا يزال الدم الفلسطيني ينزف وبشدة، ولا تزال غزة تقاوم، وتقاتل، وتصارع في خندق واحد، وتبلي بلاءً حسنًا في الصبر والثبات في مواجهة جيش الاحتلال الذي يملك القوة العسكرية ويفتقر إلى الأخلاق الإنسانية وأخلاقيات الحروب بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
خلال الأشهر الفائتة، سطّرت المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها كتائب القسام وسرايا القدس، بطولات غير مسبوقة، فلقد أوقعت خلالها مئات الجنود بين قتيل وجريح من خلال كمائن وتضحيات بطولية نادرة، كانت فيها أقرب من قوسين أو أدنى لأسر مزيد من الجنود، وتسببت في إصابة آلاف آخرين بصدمات نفسية وإعاقات مستدامة. هذا ليس كلامًا مرسلًا، بل واقع تعكسه جنائز الجنود العائدة لهم بالمروحيات، واعترافات المحللين في قلب تل أبيب.
لقد فاجأت المقاومةُ جيشَ الكيان الإسرائيلي بتكتيكاتٍ وأساليبَ جديدة، استخلصتها من أقوى معركة خاضها الشعب الفلسطيني في تاريخه الحديث. فالميدان يشهد بأن هذه ليست مجرد حرب صواريخ أو اشتباكات حدودية، بل حرب عقول وإرادة وصبر على نار الحصار، وعزم لا ينكسر أمام وحشية القصف التي لم تتوقف حتى هذه اللحظات.
إن المقاومة لا تزال في طور المبادرة، لا الدفاع فقط، وتمتلك من أدوات الردع والتكتيك ما يكفي لتحوّل ميدان المعركة إلى كابوس مفتوح للاحتلال، مقابل ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرض غزة من قتلٍ سافرٍ يشاهده العالم وهو صامتٌ ومتخاذل، إلا ما رحم الله. والجيش الإسرائيلي لا يفقه ولا يدرك أن استمرار هذه الحرب يعني استمرار جنائز جنوده وضباطه. فالمقاومة لم ولن تخرج من الميدان، بل أصبحت أقوى وأذكى وأكثر خبرة.
ختامًا… ما تمادى جيش الاحتلال في القتل والإبادة، لولا أنه أمِن العقوبة، وضَمِن الصمت الدولي.