رجحت نتائج استطلاع لآراء الناخبين بعد الخروج من مراكز الاقتراع، الأحد، أن يخسر الائتلاف الحاكم في اليابان، أغلبيته في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية من البرلمان)، وسط مخاوف من حالة عدم استقرار سياسي في رابع أكبر اقتصاد في العالم مع اقتراب الموعد النهائي لمهلة التعريفات الجمركية التي ستفرضها الولايات المتحدة.
في حين أن الاقتراع لا يحدد بشكل مباشر ما إذا كانت حكومة الأقلية، التي يقودها رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا ستسقط، إلا أنه يزيد من الضغط على الأخير الذي فقد أيضاً سيطرته على مجلس النواب الأكثر قوة في أكتوبر عام 2024.
ويحتاج “الحزب الديمقراطي الحر” بزعامة إيشيبا، وشريكه في الائتلاف الحاكم حزب “كوميتو” إلى 50 مقعداً للاحتفاظ بأغلبية مجلس المستشارين المكون من 248 مقعداً في انتخابات التجديد النصفي.
ومن المتوقع أن يحصل الحزبين على ما بين 32 إلى 51 مقعداً، حسبما أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته “هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية” NHK.
مخاوف من عدم الاستقرار
وقالت “بلومبرغ”، الأحد، إن الناخبين سيصدرون حكمهم على رئيس الوزراء الياباني إيشيبا، بعد 10 أشهر من توليه منصبه، وسط استياء متزايد بشأن التضخم والمفاوضات التي لم تحسم مع الولايات المتحدة بشأن التعريفات الجمركية.
وهذه النتائج ربما تزيد من زعزعة استقرار حكومة الأقلية التي يقودها إيشيبا، ما قد يزيد من توتر المتعاملين في السوق، الذين يخشون من زيادة تخفيف قيود الخزينة العامة للبلاد إذا تقلصت سيطرته.
وأوضحت “بلومبرغ”، أن إيشيبا ليس في وضع يسمح له بالنجاة من خسارة كبيرة أخرى دون أن ضرر، بعد أن عانى بالفعل من هزيمة قاسية في انتخابات أكتوبر الماضي لمجلس النواب الأكثر قوة.
وفي حين لا يزال من المتوقع أن يظل الحزب الديمقراطي الحر، هو الحزب الأكبر، لكن الأداء الضعيف قد يجبر إيشيبا على الاستقالة، وهي نتيجة من شأنها أن تعرقل أجندته السياسية وتعقد المحادثات التجارية الجارية مع الولايات المتحدة.
وذكرت “بلومبرغ”، أن آخر ثلاثة رؤساء وزراء من الحزب الديمقراطي الحر، الذين خسروا أغلبية مجلس الشيوخ، تنحوا في غضون شهرين.
وإذا استمر إيشيبا في منصبه، فمن المرجح أن يجبره ضعف الصلاحيات، على السعي للحصول على دعم من أحزاب المعارضة الأصغر لتمرير التشريعات، وقد يعني ذلك التوصل إلى تسوية بشأن قضايا رئيسية، تشمل خفض مؤقت لضريبة المبيعات يهدف إلى تخفيف أزمة غلاء المعيشة.
وفي حين أن التخفيض من المرجح أن يسعد المستهلكين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار، إلا أنه قد يثير قلق المستثمرين القلقين بشأن قدرة الحكومة على السيطرة على ديونها.
ولا يستطيع المجلس الأقل نفوذاً، تعيين رئيس الوزراء أو إجراء تصويت بحجب الثقة أو وقف تمرير الميزانية، لكن يمكنه تأخير أو عرقلة تشريعات أخرى، اعتماداً على مستوى الدعم، ما قد يؤدي إلى جمود في عملية صنع السياسات.
تنازلات سياسية
ويتوقع محللون، أن يهز الأداء الضعيف للائتلاف الحاكم، ثقة المستثمرين في رابع أكبر اقتصاد في العالم، ويعطل المحادثات التجارية الحاسمة مع الولايات المتحدة.
وقال رينتارو نيشيمورا، وهو شريك في “آسيا جروب” (Asia Group) الاستشارية في اليابان، إن إيشيبا قد يضطر إلى الاختيار بين إفساح المجال لزعيم جديد للحزب الديمقراطي، أو السعي لتأمين دعم بعض أحزاب المعارضة من خلال تقديم تنازلات سياسية، مضيفاً: “يتطلب كل سيناريو من الحزب الديمقراطي الحر، وحزب كوميتو تقديم تنازلات محددة، وسيكون الأمر صعباً، لأن أي شريك محتمل لديه نفوذ في المفاوضات”.
وبعد الانتخابات، تواجه اليابان موعداً نهائياً في مطلع أغسطس المقبل للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، أو مواجهة رسوم جمركية قاسية في أكبر أسواقها التصديرية. ويمكن لأي رسوم مضادة على الواردات أن تُثقل كاهل الاقتصاد، وتزيد من الضغط على الحكومة لتقديم إعانات مالية للأسر التي تعاني بالفعل من التضخم.
وفي ظل التركيز على سوق السندات الحكومية المتوترة، دعا الحزب الديمقراطي الحر إلى ضبط النفس في القطاع المالي، رافضاً دعوات المعارضة لإجراء تخفيضات ضريبية كبيرة، والإنفاق على الرعاية الاجتماعية لتخفيف وطأة الأزمة.
وكانت حكومة إيشيبا، خسرت أغلبيتها في مجلس النواب في أكتوبر من عام 2024، فيما يعتبر أسوأ أداء للحزب الديمقراطي الحر منذ 15 عاماً. وأثارت هذه النتيجة اضطراباً في الأسواق المالية، وجعلت رئيس الوزراء عرضة لطلبات حجب الثقة، التي يمكن أن تطيح بحكومته وتؤدي إلى إجراء انتخابات عامة جديدة.
وخضعت اليابان لحكم الحزب الديمقراطي الحر معظم فترة ما بعد الحرب، وتمكنت إلى حد كبير حتى الآن من تفادي الانقسامات الاجتماعية، والتشرذم السياسي الذي شهدته ديمقراطيات صناعية أخرى.