د. هناء محمد أمين

أصدر برنامج الأمم المتحدة الائتماني تقرير التنمية البشرية لعام 2025 بعنوان “رهن بخيار: الإنسان والإمكانات في عصر الذكاء الاصطناعي” يتناول بالتحليل التقدمَ التنموي عبر مجموعة من المؤشرات التي تندرج تحت دليل التنمية البشرية، الذي يقيس متوسط الإنجازات في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية هي: الحياة المديدة والصحية، والمعرفة، والمستوى المعيشي اللائق. وذكرالتقرير أن توقعات عام 2024 تشير إلى تعثر التقدم في دليل التنمية البشرية في جميع مناطق العالم، واتساع فجوة التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة، مؤكدا أنه في ظل الضغوط العالمية المُتزايدة على مسارات التنمية التقليدية، لا بد من اتخاذ إجراءات حاسمة لإخراج العالم من حالة الركود المُطولة في التقدم.

وقال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “لعقود طويلة، كنَّا نسير على الطريق الصحيح لتحقيق تنمية بشرية عالية جدًا بحلول عام 2030، إلا أن هذا التباطؤ يُنذر بتهديد حقيقي للتقدم العالمي”. وأضاف: “في خضم الاضطرابات العالمية، علينا أن نستكشف بشكل عاجل سبلًا جديدة لدفع عجلة التنمية. ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في التقدم السريع في جوانب عديدة من حياتنا، علينا أن نأخذ في الاعتبار إمكاناته التنموية. إذ تظهر قدرات جديدة يوميًا تقريبًا، ورغم أن الذكاء الاصطناعي ليس حلًا سحريًا، إلا أن الخيارات التي نتخذها بشأنه اليوم تحمل في طياتها إمكانية إعادة إحياء التنمية البشرية وفتح آفاق جديدة.”

وقال بيدرو كونسيساو، مدير مكتب تقرير التنمية البشرية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “إن الخيارات التي نتخذها في السنوات القادمة ستحدد الإرث الذي سيخلفه هذا التحول التكنولوجي وأثره على التنمية البشرية”. وأضاف: “فبتبني السياسات الصحيحة والتركيز على الإنسان، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون جسرًا أساسيًا نحو معارف ومهارات وأفكار جديدة من شأنها أن تسهم في تمكين الجميع، من المزارعين إلى أصحاب المشاريع الصغيرة”.

وتضمن التقرير نتائج استطلاع شمل 21 دولة حول التغيير الذي يمكن أن يُحدثه الذكاء الاصطناعي، حيث أشار 50% من المشاركين في الاستطلاع أن وظائفهم قابلة للأتمتة، وتوقع 60% منهم أن يؤثر الذكاء الاصطناعي إيجابًا على وظائفهم، ما من شأنه أن يخلق فرص عمل في وظائف جديدة قد لا تكون موجودة اليوم. وفي حين أبدى 13% فقط من المشاركين في الاستطلاع خشيتهم أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الوظائف، بينما توقع 70% منهم في البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفضة والمتوسطة أن يزيد الذكاء الاصطناعي من إنتاجيتهم. وذكر التقرير أن الجهود الجارية لتوسيع رقعة استخدام الذكاء الاصطناعي تجري على نحو متسارع، حيث أفاد حوالي 20% من المشاركين في الاستطلاع أنهم يستخدمونه بالفعل. وتوقع (66 %) من المشاركين في الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم أو الصحة أو العمل خلال العام المقبل.

ودعى التقرير إلى اتباع أسلوب يرتكز على دور الإنسان في مجالات الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى حدوث تغييرات جذرية في التنمية. واقترح التقرير ثلاثة مجالات حاسمة الأهمية للعمل:

  • بناء اقتصاد يتعاون فيه الناس مع الذكاء الاصطناعي بدلًا من التنافس معه.
  • دمج دور فاعل للإنسان في دورة حياة الذكاء الاصطناعي الكاملة، من التصميم إلى التنفيذ.
  •   تحديث أنظمة التعليم والصحة لتلبية متطلبات القرن الحادي والعشرين.

شمل التقرير على 193 دولة من دول العالم، قسمت إلى أربع مجموعات: تنمية بشرية مرتفعة جدا (74) دولة، وتنمية بشرية مرتفعة (50) دولة، وتنمية بشرية متوسطة (43) دولة، وبشرية منخفضة (26) دولة. وعرض التقرير قيمة دليل التنمية البشرية وترتيبها للدول كافة. وجاءت قيمة دليل التنمية البشرية لمجموعة تنمية بشرية مرتفعة جدا (0.914) وقيمة دليل التنمية البشرية لمجموعة تنمية بشرية مرتفعة (0.777)، وقيمة مجموعة تنمية بشرية متوسطة (0.656)، ومجموعة دول تنمية منخفضة (0.515)، أما قيمة دليل التنمية البشرية للدول العربية فقد بلغت (0.719).

وصُنفت سلطنة عمان ضمن مجموعة الدول ذات تنمية مرتفعة جدا، وجاءت في المرتبة 50 متقدمة 9 نقاط مقارنة بالعام الماضي (59)، وبلغت قيمة دليل التنمية البشرية (0.858) مقارنة مع (0.819) عام 2024. وارتفع العمرالمتوقع عند الولادة إلى (80) سنة مقارنة مع (73.9) في العام 2024، وازدادت عدد سنوات الدراسة المتوقعة إلى (13.4) سنة مقارنة مع (13) سنة في العام السابق، وبلغ متوسط سنوات الدراسة المتوقعة 11.9 سنة الذي لم يشهد أي تغيير، وارتفع الدخل الإجمالي للفرد إلى (36,096) دولار أمريكي مقارنة مع (32,967) في العام السابق. وتجدر الإشارة إلى أن العمر المتوقع عند الولادة لسلطنة عمان كان مساويا للعمر المتوقع عند الولادة لمجموعة دول تنمية مرتفعة جدا (80) سنة.

وتصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة دول مجلس التعاون، وجاءت في المرتبة (15)، تلتها المملكة العربية السعودية (37)، ومن ثم البحرين (38)، وقطر (43)، وعُمان (50) والكويت (52).

أما عالميا، فالدول التي كانت ضمن العشر الأوائل في الترتيب هي: آيسلندا، والنرويج، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا، والسويد، وأستراليا، وهونج كونج، وهولندا، وبلجيكا. أما الدول التي جاءت في ذيل القائمة فهي: النيجر، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والصومال، وجنوب السودان.

شاركها.