زهراء حبيب

إحالة 8 قضايا تتعلق بالسير عكس الاتجاه إلى المحكمة المختصة خلال الأشهر الماضية في 2025

السير المعاكس جنحة مرورية جسيمة بعقوبة تصل للحبس 6 أشهر وغرامة 500 دينار

عقوبات تصل للحبس 10 سنوات حال ترتب على المخالفة وفاة أو إصابة

تطبيق تقنية التحقيق المرئي واعتمادها في استجواب المتهمين وسماع الشهود عن بُعد

تجاوز نسبة السرعة ٪30 يؤدي لغرامة 500 دينار أو الحبس حتى 6 أشهر

«السلامة على الطريق مسؤولية مشتركة».. بهذه العبارة يلخص رئيس نيابة المرور المحامي العام المستشار الشيخ نايف بن عبدالرحمن آل خليفة، جوهر المعركة اليومية مع المخالفات المرورية التي لا تزال تحصد أرواحاً، وذلك في حوار خص به «الوطن»، ليكشف أرقاماً بينها أنه منذ بداية 2025 وحتى مطلع يوليو، تلقت نيابة المرور 2300 قضية مرورية، كان بينها حوادث أسفرت عن وفيات أو إصابات خطأ، وحوادث سببت خسائر بشرية ومادية لا تعوض.

وفي وقت يتصدر خطر السير عكس الاتجاه أكثر القضايا إلحاحاً للحل، فإنه يُعد، وفقاً لرئيس نيابة المرور جنحة مرورية جسيمة في القانون البحريني، وقد تصل عقوبته إلى الحبس ستة أشهر أو غرامة تصل إلى 500 دينار.

وقد أُحيلت بالفعل 8 قضايا من هذا النوع إلى المحكمة المختصة خلال هذا العام وحده.

أما مخالفة تجاوز السرعة، فإذا تجاوزت نسبة السرعة 30%، تُرفع العقوبة لتصل الغرامة إلى 500 دينار أو الحبس من شهر إلى ستة أشهر، في حين قد تبلغ العقوبة في بعض الحالات الحبس عشر سنوات إذا أسفر التهور عن وفاة أو إصابة، بتطبيق أحكام قانوني العقوبات والمرور معاً.

وأمام هذه الأرقام، تتحرك نيابة المرور على أكثر من صعيد، إذ تُعد، بحسب رئيس نيابة المرور، من الجهات الرائدة في تطبيق تقنية التحقيق المرئي لاستجواب المتهمين وسماع الشهود عن بُعد، وهي اليوم بصدد دراسة التجارب المحلية والدولية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي، لتبقى عين القانون يقظة على الطريق، وحارسة لحق كل عابر أن يعود إلى بيته سالماً.

وفي هذا اللقاء مع صحيفة «الوطن» يستعرض رئيس نيابة المرور دور النيابة العامة في التعامل مع الجرائم المرورية، وأحدث الآليات القانونية المعتمدة في هذا المجال، إضافة إلى ما كفله القانون للمواطنين من وسائل للتظلم والطعن في القرارات التي تصدرها النيابة العامة، وإلى نص الحوار:

بداية، كيف تقيمون في نيابة المرور مدى خطورة مخالفة «السير عكس الاتجاه»، وما الطبيعة القانونية لهذه المخالفة في ضوء ما قد تسببه من نتائج؟

تُعد مخالفة السير عكس الاتجاه من أخطر المخالفات المرورية، لما تنطوي عليه من تهديد مباشر لحياة قائدي المركبات ومستخدمي الطريق. ويصنفها القانون البحريني كجنحة مرورية جسيمة، وقد تصل عقوبتها إلى الحبس لمدة لا تزيد على ستة أشهر، أو الغرامة التي قد تبلغ خمسمائة دينار، وذلك بحسب ملابسات الواقعة والنتائج المترتبة عليها. وتكمن خطورة هذه المخالفة في أنها كثيراً ما تُعد سبباً مباشراً في وقوع حوادث بليغة، كما شهدنا في بعض القضايا الأخيرة التي استرعت اهتمام الرأي العام.

هل ارتبطت هذه المخالفة فعلاً بحوادث أسفرت عن وفيات في الفترة الماضية؟

نعم، للأسف، شهدنا الفترة الماضية حوادث مرورية ارتُكبت فيها مخالفات جسيمة كالسير عكس الاتجاه وتجاوز السرعة القانونية، وقد أودت هذه الأفعال بحياة عدد من الأشخاص. ولذلك، نولي هذه القضايا أولوية قصوى في التحقيق والمتابعة، ونتعامل معها على أنها جرائم تهدد السلامة العامة، وليست مجرد مخالفات مرورية.

ماذا عن مخالفة تجاوز السرعة المقررة قانوناً؟ كيف تنظرون إليها من الناحية القانونية والاجتماعية؟

يُعد تجاوز السرعة المقررة قانوناً من أكثر السلوكيات التي تُهدد السلامة العامة، إذ يُمثل عاملاً رئيسياً في كثير من الحوادث الجسيمة. وعلى الرغم من أن هذه المخالفة قد تبدو بسيطة في ظاهرها، فإنها كثيراً ما تؤدي إلى فقدان السيطرة أو الاصطدام المفاجئ. ووفقاً للقانون، تُعد جنحة يُعاقب عليها بالحبس أو الغرامة، وتُشدد العقوبة في حال اقترنت المخالفة بنتائج جسيمة، كالإصابة أو الوفاة.

هل يمكن أن تطلعونا على عدد القضايا الة بهذه المخالفات خلال العام الجاري؟

مخالفتا السير عكس الاتجاه وتجاوز السرعة القانونية من بين أكثر المخالفات التي نرصدها بشكل مستمر، خصوصاً عندما تتسبب في حوادث أو تظهر في تقارير الرصد الآلي. وخلال العام الجاري، تم إحالة 8 قضايا تتعلق بالسير عكس الاتجاه إلى المحكمة المختصة، حيث أثبتت التحقيقات أن المتهمين ارتكبوا هذه المخالفات في ظروف تشكل خطورة بالغة على السلامة العامة.

ما هي الإجراءات التي تتخذها النيابة العامة عند ضبط الجرائم المرورية؟ وهل هناك حالات يتم فيها تشديد العقوبة؟

بمجرد ورود البلاغ، تباشر النيابة العامة دراسة الواقعة من مختلف جوانبها، وتطلب محاضر جمع الاستدلالات والتقارير الفنية والأدلة الرقمية، ثم تبدأ في إجراء التحقيقات اللازمة، خصوصاً في الحالات الجسيمة التي تنطوي على تهديد فعلي لسلامة الأرواح أو الممتلكات. وتقوم النيابة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون المرور وقانون الإجراءات الجنائية، بما في ذلك إصدار أوامر الضبط والحبس الاحتياطي وندب الخبراء الفنيين لفحص المركبات بحسب مقتضى الحال.

وفي حال تبين وجود خطر بالغ أو نتائج مؤثرة ناجمة عن المخالفة، يُحال المتهم إلى المحكمة المختصة، حيث تضطلع النيابة العامة بدورها في الترافع، وبيان أوجه الأدلة، والرد على دفوع المتهم أو محاميه.

وقد صدرت بالفعل أحكام قضائية بالحبس تراوحت بين ستة أشهر وسنتين، وذلك في إطار السلطة التقديرية المخولة للمحكمة، بحسب جسامة الفعل المرتكب.وفيما يتعلق بتشديد العقوبات، فإن قانون المرور ولائحته التنفيذية يفرضان درجات مختلفة من العقوبة حسب مقدار المخالفة. فعلى سبيل المثال، إذا لم يتجاوز السائق السرعة المقررة بنسبة تزيد على 30%، فإن العقوبة تكون بالغرامة التي تتراوح بين 50 و250 ديناراً، أو الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.

أما إذا تجاوزت نسبة السرعة 30%، فترتفع العقوبة لتتراوح الغرامة بين 100 و500 دينار، أو الحبس من شهر إلى ستة أشهر، وفي حال ترتب على المخالفة، كالسير عكس الاتجاه، أو تجاوز السرعة المقررة، حدوث وفاة أو إصابة لأي شخص، فإن العقوبة تكون أشد، حيث تُطبق أحكام قانون العقوبات إلى جانب قانون المرور، والتي قد تصل في بعض الحالات إلى الحبس لمدة عشر سنوات، بحسب جسامة النتيجة وظروف ارتكاب الجريمة.

هل تنظرون إلى القيادة المتهورة وعرقلة حركة السير على أنها مخالفات بسيطة أم جنح مهددة للأمن المروري؟

نحن لا ننظر إليها كمخالفات بسيطة، بل نتعامل معها وفق جسامة السلوك المرتكب. فإذا كانت القيادة المتهورة أو عرقلة السير تُعرض الأرواح أو الممتلكات للخطر، فإنها تُعد جنحة موجبة للمساءلة، وقد تُحال للمحكمة، لا سيما إن نتج عنها ضرر.

في ضوء تنوع المخالفات المرورية واختلاف مستويات خطورتها، ما هو المعيار القانوني الذي تستندون إليه في النيابة لتحديد كيفية التصرف في هذه المخالفات؟

نحن نعتمد على التقييم القانوني لخطورة الفعل المرتكب وظروف ارتكابه ونتائجه. فإذا كانت المخالفة لا تنطوي على خطر كبير ولم تُسفر عن أضرار أو تهديد فعلي لأمن الطريق وسلامة المستخدمين، فإننا نصدر أمراً جنائياً بتوقيع غرامة مالية على المتهم، وفق ما يتيحه القانون.

أما إذا كانت الواقعة تحمل عناصر خطورة، كأن تكون قد تسببت في أضرار جسيمة، أو شكلت تهديداً جدياً للأمن المروري، أو كانت ضمن سلسلة من المخالفات المتكررة، فإننا نُحيل المتهم إلى المحكمة الجنائية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات أشد، بما يتناسب مع طبيعة الفعل ودرجة خطورته.

هل من الممكن تزويدنا بإحصائية عامة حول عدد القضايا المرورية خلال العام الحالي؟

منذ بداية عام 2025 وحتى بداية الشهر الجاري، تلقت نيابة المرور نحو 2300 قضية مرورية، تنوعت بين حوادث أسفرت عن وفيات أو إصابات خطأ، وحوادث تلفيات، إلى جانب مخالفات متنوعة مثل تجاوز السرعة، والسير في الاتجاه المعاكس، والتغيير المتهور للمسار، وتخطي الإشارات المرورية.

ويُعزى هذا العدد المرتفع نسبياً إلى عدم التزام بعض السائقين بقواعد المرور، ما يستدعي استمرار التدخل القانوني الحازم للحد من هذه السلوكيات الخطرة. ومع ذلك، فإن هذه النسبة تُعد أقل بكثير عند مقارنتها بمعدلات المخالفات المرورية المسجلة في بعض الدول الأخرى، ما يُشير إلى تحسن نسبي في مستوى الالتزام.

إلى أي مدى تسهم الكاميرات الذكية وتقنيات الرصد الآلي في تعزيز ودعم التحقيقات؟

تلعب هذه الوسائل دوراً محورياً في دعم التحقيقات وتعزيز الأدلة، إذ تُوفر تسجيلات وصوراً آنية وموثقة تُدرج ضمن ملف الدعوى كمستندات رسمية. وتتمتع هذه الأدلة بقوة إثبات قانونية عالية، ما يُسهل على النيابة العامة تقييم الواقعة بدقة واتخاذ القرار القانوني المناسب بسرعة وموضوعية، سواء بإصدار أمر جنائي أو بالإحالة إلى المحكمة.

كيف تدعم الأنظمة الإلكترونية عمل النيابة في القضايا المرورية؟

تعتمد نيابة المرور على منظومة إلكترونية متكاملة تسهم في تسريع الإجراءات القانونية وتعزيز كفاءتها، ومن أبرز مكوناتها الربط مع نظام «نجم» التابع لوزارة الداخلية، الذي يتيح استدعاء المتهمين وإعلانهم بالأحكام بصورة مباشرة وفعالة.

كما يتم الاستناد إلى قاعدة بيانات الحكومة الإلكترونية لتوثيق المعاملات، بما يسهم في تقليص زمن التقاضي، ورفع مستويات الشفافية والدقة في الإجراءات.وتدعو النيابة العامة المواطنين والمقيمين إلى الاستفادة من الخدمات الإلكترونية المتاحة عبر موقعها الرسمي، كطلب الإفادات، وتقديم التظلمات، وإرفاق الوكالات، إلى جانب إمكانية سداد الغرامات عبر موقع الحكومة الإلكترونية بكل يسر وأمان.

كما تُعد نيابة المرور من الجهات الرائدة في تطبيق تقنية التحقيق المرئي، إذ تعتمد هذه الوسيلة في استجواب المتهمين وسماع الشهود عن بُعد، بما يضمن السرعة والمرونة في إنجاز القضايا، مع الحفاظ التام على ضمانات المحاكمة العادلة.

وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة بصدد دراسة التجارب المحلية والدولية المتعلقة باستخدامات الذكاء الاصطناعي، واستكشاف إمكانيات توظيفها في تطوير منظومتها الإلكترونية، بما يتماشى مع أهداف النيابة، ويُراعي الضوابط الأخلاقية الواردة في «وثيقة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامة والادعاء العام».

كيف تضمنون المشروعية القانونية لاستخدام الأدلة الرقمية، مع مراعاة الخصوصية؟

في القضايا المرورية، غالباً ما تكون الأدلة الرقمية واضحة ومباشرة، سواء كانت صوراً أو تسجيلات مرئية من كاميرات الرصد أو أنظمة المراقبة. ونحن نتعامل معها ضمن إطار قانوني منضبط، يراعي الخصوصية، ويضمن سلامة الإجراءات من حيث مصدر الدليل، وتوقيت الحصول عليه، ومشروعية استخدامه.

ولهذا، لا نواجه تحديات جوهرية في هذا الجانب، لأن المنظومة القانونية البحرينية وضعت ضوابط دقيقة لضمان توازن بين فعالية الإثبات واحترام الحقوق الفردية.

ما هي السبل القانونية للطعن أو التظلم من قرارات النيابة، مثل الأمر الجنائي أو قرار الحفظ؟ وهل تخضع للرقابة القضائية؟

نعم، يكفل القانون حق التظلم من القرارات الصادرة عن النيابة العامة، سواء كان الأمر الجنائي المتعلق بفرض غرامة مالية، أو قرار حفظ الشكوى. يحق للمتهم أو صاحب المصلحة تقديم اعتراض على الأمر الجنائي أو التظلم من أي قرار يصدر عن النيابة، وفقاً للإجراءات القانونية المنظمة لذلك.

وفي بعض الحالات، تُحال هذه الاعتراضات إلى المحكمة المختصة للنظر فيها. تُعد هذه الآليات ضمانات قانونية مهمة تُرسخ مبدأ المشروعية وتخضع كافة قرارات النيابة العامة للرقابة القضائية والمراجعة.

وأخيراً، وفي ظل تزايد الوعي المجتمعي بالقضايا المرورية، ما هو الدور الذي تضطلع به النيابة العامة في توعية الجمهور؟ وما هي الوسائل التي تعتمدونها لتحقيق ذلك؟

بالتأكيد، للنيابة العامة دور توعوي محوري، وهي نشطة جداً في هذا المجال. فنحن نحرص على نشر البيانات والإحصائيات والتوضيحات القانونية بشكل مستمر، سواء عبر المنصات الإعلامية الرسمية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في القضايا التي تسترعي اهتمام الرأي العام.

ويهدف هذا الدور إلى تعزيز الوعي القانوني، وترسيخ ثقافة السلامة المرورية، ونشر الفهم الصحيح للقانون وسبل تطبيقه، بما ينعكس إيجاباً على سلوك الأفراد في الطريق، ويُسهم في الوقاية من الحوادث.كلمة أخيرة لرئيس نيابة المرور.

الشكر موصول لكم على إتاحة هذه الفرصة لتسليط الضوء على جهود نيابة المرور، ودورها في تعزيز الالتزام بالقانون وتحقيق السلامة المرورية، وذلك في ظل الدعم المباشر والاهتمام المتواصل من سعادة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين، الذي يحرص على متابعة سير العمل وتطويره بما يواكب المستجدات القانونية والتقنية.

وتؤكد النيابة العامة أن الالتزام بقواعد المرور والتعليمات الصادرة عن الجهات المختصة مسؤولية جماعية، وأنها ستظل العين الساهرة على إنفاذ القانون، بما يكفل حماية الأرواح، وصيانة الممتلكات، والحفاظ على النظام العام المروري، في إطار من العدالة والمهنية والشفافية.

شاركها.