قال البروفيسور أومير بارتوف، أحد أبرز المتخصصين الدوليين في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية وأستاذ التاريخ في جامعة براون، الأميركية إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
وكتب بارتوف مقالاً في صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تحت عنوان “أنا خبير في الإبادة الجماعية وأعرفها حين أراها”، أنه “نشأ في بيت صهيوني وخدم كضابط في الجيش الإسرائيلي قبل أن يكرّس حياته الأكاديمية لدراسة جرائم الحرب ويتخصص في “الهولوكوست”.
وأضاف أنه على الرغم من امتناعه في البداية عن استخدام مصطلح “الإبادة الجماعية”، بعد اندلاع الحرب على غزة، في 7 أكتوبر 2023، فإن حجم الدمار ونمط العمليات العسكرية بحلول منتصف عام 2024 لم يتركا له مجالاً للشك.
وكتب بارتوف: “لقد درست الإبادة الجماعية طوال 25 عاماً. وأعرفها حين أراها”.
وقال بارتوف في مقاله إن “الدمار الواسع النطاق للبنية التحتية في غزة، والتجويع المتعمد، وعمليات التهجير الجماعي، مقرونة بتصريحات علنية من مسؤولين إسرائيليين تدعو إلى محو غزة أو إبادتها التامة، هي أمور تتوافق كلها مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية حسب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948”.
واستشهد بارتوف بتصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين وصفوا الفلسطينيين بأنهم “حيوانات بشرية”، وذكروا ضرورة “محو غزة من على وجه الأرض”.
وينضم بارتوف بذلك إلى قائمة متزايدة من الخبراء في القانون الدولي ودراسات الإبادة، من بينهم فرانشيسكا ألبانيزي (المقررة الخاصة للأمم المتحدة)، والعالم القانوني الكندي ويليام شاباس، الذين يرون أن ما يحدث في غزة لا يمكن وصفه إلا بالإبادة. كما أن جنوب إفريقيا رفعت قضية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بهذا الخصوص.
“سياسة ممنهجة لجعل الحياة مستحيلة في غزة”
ويستعرض المقال أرقاماً صادمة، نقلاً عن صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، والسلطات الصحية في غزة، بأن إسرائيل قتلت أكثر من 58 ألف فلسطيني، بينهم 17,000 طفل، وأكثر من 174,000 مبنى دُمّر أو تضرر، إلى جانب آلاف الجرحى والمشوهين.
ويصف بارتوف ذلك بأنه “سياسة ممنهجة” تهدف إلى جعل الحياة في غزة غير ممكنة. وقال: “الجيش الإسرائيلي لا يخوض حرباً ضد جيش منظم، بل ينفذ عملية هدم وتطهير عرقي”.
كما انتقد المقال صمت معظم المؤسسات الأكاديمية والمتاحف المخصصة للهولوكوست تجاه ما يجري، معتبراً ذلك “تهديداً لجوهر الرسالة الأخلاقية التي قامت عليها دراسات الإبادة الجماعية”.
ويرفض بارتوف في مقاله محاولات وصف أي انتقاد لإسرائيل أو اتهامها بالإبادة الجماعية بأنه فعل “معادٍ للسامية”.
“الهولوكوست كغطاء أخلاقي”
ويري بارتوف أن الخطر الحقيقي يكمن في أن تُستخدم ذكرى الهولوكوست كغطاء أخلاقي لتبرير الجرائم ضد الفلسطينيين، مما قد يؤدي إلى “تدمير شرعية” التعليم والبحث بشأن الإبادة الجماعية.
ويختتم بارتوف مقاله برسالة شديدة اللهجة، قال فيها إن إسرائيل ستضطر يوماً ما إلى مواجهة عواقب هذا المسار الكارثي، وأن الخلاص يكمن في إعادة التفكير الجذري في العلاقة مع الفلسطينيين.
وكتب: “قد يكون من المؤلم أن تتحرر إسرائيل من عبء الهولوكوست، لكنها الخطوة الضرورية لتقبل حقيقة أن السبيل الوحيد للسلام هو التعايش المتساوي مع الفلسطينيين — بكرامة وعدالة وسلام”.