تخليداً لذكرى الطفلة الفلسطينية هند رجب (6 سنوات) التي قتلتها إسرائيل في غزة، يجمع معرض “الاحتلال مدفون في أعماقنا”، في استوديو “ميتامورفيكا” لندن، التاريخَين الفلسطيني والإيرلندي في إطار واحد. 

“من صور نقاط التفتيش إلى باب سيارة مثقوبة بالرصاص، لا دبابات ولا غاز مسيل للدموع، ولا عمارات سكنية محطمة ولا أطراف ملطخة بالدماء. فقط عيون ثقيلة مرسومة بالفحم، تحدّق في صمت وسكون”، هكذا قدّم الاستديو فكرة المعرض. 

الفنان الفلسطيني المشارك في نبيل أبو غنيمة، الذي غادر غزة قبل شهرين، ويقيم الآن في فرنسا يقول: “هكذا أصبح الغزاويون ينظرون إلى العالم”.

يضيف: “قبل الحرب الأخيرة، جمعت فريقاً من الفنانين الشباب وبدأتُ ببناء ما كنا نأمل أن يكون أول استوديو مستقل للرسوم المتحركة في غزة. استأجرتُ مساحةً، وجهزتُها، وشاهدتُ الحلم يتبلور على أرض الواقع. ثم جاءت الحرب، وأخذت كل شيء”.

هند رجب

 وكان صوت الطفلة رجب دوّى في آذان العالم وهي تستغيث عبر الهاتف في 29 يناير 2024، بعدما وجدت نفسها وحيدة في سيارة بين جثث أفراد عائلتها، محاصرة بالدبابات الإسرائيلية. التي قتلتها لاحقاً مع من بقي ينبض من أسرتها، واثنين من المسعفين الذين حاولوا الوصول إليها لإنقاذها. 
ولاقت قصة الطفلة الغزاوية اهتماماً عالمياً، وأصبح ملف قضيتها جزءاً من الدعوة المقامة ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية،

 عمل فني صارخ بالأبيض والأسود للفنان الفلسطيني نبيل أبو غنيمة، هو واحد من أكثر من 50 عملاً معروضاً في الاستوديو عن الاحتلال ومجازره..

وقالت إدارة المعرض: “تشكل أعمال الفنانين الفلسطينيين والإيرلنديين معاً “دلوتفيرتيوخت”، وهي كلمة إيرلندية تعني “التضامن”، معرضاً يمتدّ عبر القارات والذكريات والحدود، يجسّد فكرة النضال المشترك ضد المحتل بين الفنانين الإيرلنديين والفلسطينيين”.



المعرض سينتقل إلى دبلن وكورك وبلفاست، وهو ولد من قصيدة للمنسق المشارك شون أوج أو مورشو، تتناول  الحرب على غزة، ويقول: إن المعرض هو الأكبر على المستوى الدولي بالنسبة للفنانين الإيرلنديين المعاصرين، ويوفّر ملجأ آمناً لأعمال الفنانين الفلسطينيين الذين يعيشون في المنفى”.

“تناقض غير عادي”

يشارك المصوّر الإيرلندي الشهير شيموس مورفي، الذي أمضى أكثر من ثلاثة عقود في توثيق الحروب والهجرة حول العالم، إلا أن الفترة التي قضاها في غزة والضفة الغربية في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لا تزال عالقة في ذهنه.

يظهر في أحد أعماله مجموعة من الرجال بين سياج من الأسلاك الشائكة، يحدّقون في نقطة تفتيش. يتذكر مورفي: “كانت الساعة الخامسة صباح الأحد، مشيت معهم من مدنهم، توقّفوا للصلاة في الطريق، قبل أن يصطفّوا عند المعبر. تمّ السماح لبعضهم بدخول إسرائيل للعمل، وأُعيد الكثيرون منهم”.

أضاف: “عندما تعبر إلى إسرائيل من غزة، تجد تناقضاً مذهلاً: فوضى اجتماعية وفقر لا يصدق، ثم طرق مهندمة وتكنولوجيا متطوّرة. إنها صورة حيّة لكيفية معاملة الناس في ظل الاحتلال”.

في الطابق العلوي من المعرض، تحلّ السريالية بدلاً من التقارير الصحفية، من خلال “أناس طائرون” للفنانة الفلسطينية أمل النخالة، التي اضطرت للانتقال من غزة مع عائلتها إلى القاهرة. 

تقول النخالة: “إن عملها ليس تصويراً حرفياً للحرب، بل محاولة لالتقاط تكرارها السخيف، إنه يُظهر كيف يصبح الاحتلال هو القاعدة، ويصبح الموت أمراً طبيعياً”.

شاركها.