وتتبعت الدراسة، التي نُشرت في مجلة “Frontiers in Public Health”، حالة 1735 شخصاً من البالغين، بمتوسط عمر 62 عاماً، فقدوا شركاء حياتهم أو أفراداً مقربين من عائلاتهم، على مدى عشر سنوات.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين استمروا في المعاناة من حزن شديد دون تحسن طوال الفترة كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة بلغت 88% مقارنة بأولئك الذين أظهروا تعافياً نفسياً جزئياً أو تدريجياً.
وأشارت الدراسة إلى أن تطور الحزن لا يسير على وتيرة واحدة، بل يتبع خمسة أنماط رئيسية، تراوحت بين أعراض منخفضة وثابتة، وتراجع تدريجي في الحدة، وصولاً إلى حالات ظلت أعراض الحزن فيها مرتفعة طوال فترة المتابعة دون أي تحسن يُذكر.
هذا التباين، بحسب القائمين على الدراسة، يؤكد الحاجة إلى مراقبة تطور الحالة النفسية لدى الأفراد الذين يمرّون بتجارب فقد، خصوصاً من يظهرون مؤشرات على التدهور المستمر.
وتوضح الدكتورة ميته كييرغورد نيلسن، من وحدة أبحاث الطب العام في جامعة آرهوس، أن من بين المؤشرات الأكثر أهمية لتحديد الأشخاص المعرّضين للحزن الممتد هو وجود تاريخ سابق من الاكتئاب أو العلاج النفسي، مما يسمح للأطباء بالتنبؤ بخطر استمرار الحزن وتفاقمه.
وأكدت أن مراجعة التاريخ الطبي للمرضى تساعد في رصد الحالات المعرضة للخطر وتقديم الدعم النفسي اللازم لهم في مراحل مبكرة، سواء من خلال الرعاية الأولية أو الإحالة إلى مختصين نفسيين.
ورغم أن الدراسة لم تحسم ما إذا كان العلاج النفسي يحدّ بشكل مباشر من خطر الوفاة، إلا أن الباحثين رجّحوا أن الدعم النفسي المتخصص يمكن أن يلعب دوراً حيوياً في تحسين فرص النجاة لدى الأشخاص الأكثر هشاشة نفسياً.
وخلصت الدراسة إلى أن الحزن المزمن يجب أن يُعامل كعامل خطر طبي، لا يقل أهمية عن الأمراض العضوية، ما يفتح الباب أمام تبني نهج علاجي جديد يأخذ بعين الاعتبار التأثيرات العميقة للفقدان النفسي على الصحة العامة.