شعب الله المختار للعذاب…!!

د.  مجدي العفيفي

(18)

اليهود الصهاينة: حين يصبح تحريك الأوتاد عقيدةً تُروى وتُدوَّن وتُقدَّس

منذ أن وُجدوا على هذه الأرض، واليهود لا يُقيمون خيمةً ليست لهم، إلا لينهار وتدُها لاحقًا.

منذ أن حملوا كتبهم، وراحوا يمزّقونها بأيديهم، تارةً بالتأويل، وتارةً بالتزوير، بدأت لعبة الأوتاد…

لعبةٌ لا تُمارَس بعصبيةٍ عابرة، بل بدهاءٍ متجذّر، بعيونٍ تترقّب أين الضعف في خيام الآخرين، وبأيدٍ تتقن شدّ الوتد ثم خلخلته… لا لشيء إلا لتسقط الخيمة فوق من فيها.

(١٩)

تحريك الأوتاد… من التوراة إلى جغرافيا الدم

لسنا بحاجة إلى وثائق سرية، ولا إلى نظريات مؤامرة فضفاضة، فالأمر مكتوبٌ في العلن، في التوراة نفسها التي لم تبقَ كما أُنزلت، ولا بقيت كما أراد لها الله، بل كما شاء العقل اليهودي المحرّف أن تكون: “وإذا دخلتَ أرضًا ليست لك، فاقتلع شعبها من جذوره… واضرب فيهم بالسيف واللعنة.”

»حين تقرب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك.

وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا، فحاصرها.. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف..

وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك.

هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًا، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا، فلا تستبقِ منها نسمةً ما«.

(سفر التثنية – الإصحاح العشرون)

ثم جاء القرآن العظيم ليُرسم الصورة بإحكام: ﴿كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين﴾ (المائدة: 64).

ومرّت الأجيال، ولم يتغير جوهر اللعبة… هي ذاتها: تحريك الأوتاد.

في كل أرضٍ حلّوا بها، لم يطلبوا مأوى فقط… بل بدأوا بهدم خيام غيرهم.

من مصر إلى بابل، من يثرب إلى أوروبا، من فلسطين إلى نيويورك… في كل مرة، تبدأ القصة بذريعة، وتنتهي بالفوضى.

(٢٠)

هل تخريب العالم… جينات يهودية؟

قد يبدو السؤال قاسيًا… لكن التاريخ نفسه يجيب: ليس الأمر متعلقًا بدين، بل بعقيدةٍ تمّت هندستها بدقة داخل الذهنية اليهودية.

فكرة “شعب الله المختار” للعذاب ليست مجرد نص ديني، بل مبرر وجودي لرفض الآخر.

وهم “أرض الميعاد” لا يعني فقط فلسطين، بل أي أرض يمكن الوصول إليها وخلع وتدها.

الطقوس، التلمود، القصص، كلها تدور حول السيطرة والهيمنة والنقمة الأبدية من التاريخ والناس والإله نفسه…

فهم لا يعيشون داخل جغرافيا، بل يحيكون شبكة خيوط فوق الجميع.

إن لم يكن بالإعلام، فبالمال… وإن لم يكن بالمال، فبالتشريع… وإن لم يكن بالتشريع، فبصناعة العدو، وتحديد من هو “الشرير” و”الإرهابي” و”المعادي للسامية”.

وهم، في كل مرة، لا يُمسكون بالمطرقة… بل يكتفون بتحريك الوتد… ثم يراقبون الخيمة تسقط… ويقولون: “نحن لا دخل لنا، فقط كنّا نحتمي”.

 

 

(٢١)

الصهيونية: الوتد الأكثر خطورةً من إبليس نفسه

الصهيونية ليست ديانة، ولا قومية، بل مشروع إبليسي خالص، يتقن صناعة الفتن، ويعرف بالضبط أين يزرع الكلمة، وأين يغرس الشك، وأين يُشعل النار.

هي من صنعت “الشرق الأوسط الجديد” لا أمريكا وحدها، وهي من موّلت الحروب، والخرائط، والانقلابات، والشاشات التي تُبرر الخراب، وهي من حوّلت ضحيتها إلى جلّاد، وجلّادها إلى ضحية.

الصهيونية اليوم لا تحرّك وتدًا في الخفاء، بل تفعلها على مرأى الكوكب كله، تُقنّن الاحتلال، تُجرّم المقاومة، تضحك في مؤتمرات الأمم المتحدة، بينما الطائرات تُسقط خيام الأطفال في غزة، وتنشر فكرها في مناهج التعليم والإعلام، حتى بات الناس يُعيدون سرد روايتها دون أن يشعروا.

إن إبليس إن جاز التعبير يُفسد بأدوات خفية… أما الصهيونية، فقد تفوقت عليه، فهي تُخرّب باسم القانون، وباسم الدين، وباسم السلام.

 

(٢٢)

من يُثبّت الوتد في وجههم؟

سؤال أشدّ من المستحيل… لأن من يريد أن يثبت الوتد، عليه أن يكون واعيًا للعبة كلها، ألا يكرر خطابهم، ولا يردد كلماتهم، ولا يراهم بشرًا فقط، بل مشروعًا خبيثًا له جذور فكرية وسياسية ومالية متشابكة.

من يُثبّت الوتد، لا يكفي أن يكرههم، بل أن يُفكّك آلتهم، أن يفضح خطابهم، أن يخرج من أسر روايتهم، أن يُعيد تعريف العدو من جديد، لا كما ترسمه شاشاتهم.

اليهود ومنذ بداياتهم لم يكونوا كتلةً دينية فقط، بل عقلية تبحث عن المعركة حتى في مأمن، عن الضحية حتى في النصر، عن الوعد حتى في الكارثة.

هم لم يحتاجوا إلى إبليس… لأنهم اختاروا أن يكونوا أوتاده في الأرض، يحركونها في الظل تارة، وفي العلن تارة أخرى، ولا يعنيهم من يسقط… طالما بقيت خيمتهم فوق الجميع.

فاحذر أن تكون منهم، أو أن تُصفّق لهم، أو أن تصمت حين ترى وتدًا يُحرّك.

لأنك إن سكت ربما تكون الخيمة التالية التي تُهدم، فوقك… وبيدك.

ونواصل السردية الوتدية الإبليسية إن كان في العمر بقية!

شاركها.