أظهرت دراسة علمية نشرت في المؤتمر السنوي لجمعية التشخيص والطب المخبري والمنعقد في ولاية شيكاغو الأميركية، اختبار دم جديد مطوّر بمساعدة الذكاء الاصطناعي، يتيح تشخيص داء لايم بدقة وسرعة أكبر من الاختبارات التقليدية، ما يُبشر بتحسن كبير في فرص الشفاء ويقلّل من مضاعفات المرض. 

وداء لايم، يُنقل عبر لدغات القراد، وتكمن خطورته في قدرته على التوغل بهدوء تحت الجلد والتسبب في عدوى ربما تكون طفيفة في البداية، لكنها قد تتطور إلى حالة مزمنة وخطيرة إذا لم تُكتشف وتُعالج في مراحلها الأولى. وفي حالات نادرة، قد يكون المرض قاتلاً.

وعلى الرغم من أن اسم المرض مشتق من بلدة “لايم” في ولاية كونيتيكت الأميركية، إلا أن القراد الذي يحمل العدوى منتشر في معظم أنحاء الولايات المتحدة، خاصة في الشمال الشرقي ووسط الغرب.

وسُجّلت إصابات مؤكدة بالمرض في جميع الولايات، وتُقدّر الحالات الجديدة سنوياً بنحو 476 ألف إصابة في أميركا وحدها، فضلاً عن انتشاره في أكثر من 80 دولة حول العالم.

ويُعتقد أن نحو 2 مليون شخص يعانون حالياً من آثار طويلة الأمد للمرض بعد العلاج، فيما يُعرف بـ”متلازمة ما بعد داء لايم”.

وينتقل المرض عندما تلدغ القرادة المصابة، الإنسان وتظل متشبثة بجلده لفترة، ورغم أن بعض الفيروسات مثل “باوسان” يمكن أن تنتقل في غضون 15 دقيقة فقط، فإن بكتيريا لايم عادة ما تحتاج أكثر من 24 ساعة لتنتقل إلى الجسم.

لذلك، فإن إزالة القرادة فوراً وبشكل صحيح أمر بالغ الأهمية للوقاية؛ خاصة في الأطفال بين 3 و14 عاماً الذين يعتبرون الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالمرض ومضاعفاته، يليهم من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، خاصة ممن يقضون وقتاً طويلاً في الحدائق أو يمارسون أنشطة في الهواء الطلق.

وحتى الحيوانات الأليفة قد تنقل القراد إلى داخل المنازل دون أن يلاحظها أحد.

وتتجاوز أهمية داء لايم كونه عدوى شائعة؛ فهو أيضاً مؤشر على تحديات بيئية وصحية أكبر، فالزيادة المضطردة في عدد الحالات – بارتفاع يُقدّر بـ25 ضعفاً منذ عام 1982 – وتفوقه من حيث الانتشار على أمراض مثل التهاب الكبد الفيروسي B و C وفيروس غرب النيل، كلّها إشارات إلى خلل بيئي وتغيرات في أنماط العدوى، كما أن بعض الخبراء يحذرون من أن تغير المناخ وتوسع المناطق الحضرية يزيد من فرص مواجهة القراد حتى في المدن الكبرى وحدائقها العامة.

وما يزيد من صعوبة التعامل مع المرض هو أن تشخيصه ليس سهلاً؛ فظهور طفح جلدي دائري يشبه عين الثور يُعد مؤشراً واضحاً، لكنه لا يظهر لدى جميع المصابين، وفي مثل هذه الحالات، يعتمد التشخيص على مزيج من الفحوصات السريرية والتحاليل الدموية، رغم أن معدلات الخطأ فيها تصل إلى 50%، لذا يُنصح باستشارة طبيب متمرّس في داء لايم لمراجعة الأعراض والتاريخ الطبي بدقة.

مرض لايم

  •  مرض تسببه بكتيريا بورِيليا بورغدورفيري والتي تنتقل عبر لدغة القراد.
  • أكثر المناطق انتشارًا للمرض: شمال شرق ووسط الولايات المتحدة، وأوروبا، وجنوب كندا.
  • الإصابة تحدث غالبًا في المناطق العشبية أو الغابات.

 الأعراض

المرحلة الأولى (من 3 إلى 30 يومًا):

  •  طفح جلدي على شكل “عين الثور“.
  •  حمى، صداع، إرهاق، آلام عضلية، تيبّس المفاصل.

المرحلة الثانية (بعد 3-10 أسابيع):

  • انتشار الطفح.
  •  شلل عضلي في الوجه.
  • مشكلات في القلب والعين والأعصاب.

المرحلة الثالثة (بعد شهور):

  • التهاب المفاصل المزمن، خاصة الركبتين.
  • مشكلات جلدية، وتلف الأنسجة.
  • أعراض عصبية مستمرة.

التشخيص

  • طفح “عين الثور” مؤشر قوي.
  • التحاليل الدموية تُستخدم، لكنها غير دقيقة بنسبة تصل إلى 50%.
  • التشخيص يعتمد على الأعراض والتاريخ المرضي.

الأسباب

  • تُسبب العدوى بكتيريا بورليا تنتقل عبر قراد الأرجل السوداء (قراد الغزلان).
  • تغذية القرادة قد تستمر أيامًا وتنقل العدوى بعد 24 ساعة أو أكثر.

عوامل الخطر

  • التواجد في مناطق مشجرة أو عشبية.
  • النشاط في الهواء الطلق، خاصة في المواسم الدافئة.
  • الأطفال والعمال الميدانيون أكثر عرضة.

المضاعفات

  • متلازمة ما بعد علاج داء لايم: تعب دائم، ألم مفاصل، مشكلات بالذاكرة.
  •  قد تكون ناجمة عن: العلاج غير الكامل إو الاستجابة المناعية لبقايا البكتيريا أو أمراض أخرى غير مشخصة.

الوقاية

  • استخدام طارد القراد (مثل DEET أو بيرمثرين على الملابس).
  • ارتداء ملابس تغطي الجسم وفاتحة اللون لرؤية القراد.
  • تفقد الجسم بعد التواجد في مناطق مشبوهة.
  • استحمام وفحص الحيوانات الأليفة يوميًا.

ويُعد التشخيص المبكر حاسمًا في العلاج، إذ يستجيب المرض جيدًا للمضادات الحيوية خلال الأسابيع الأولى، لكن الاختبار المعتمد حاليًا؛ المعروف باختبار “التحري على مرحلتين” ينجح في تشخيص المرض في مراحله المبكرة بنسبة لا تتجاوز 30%.

الاختبار الجديد طوّره فريق بقيادة الباحثة هولي أهيرن، أستاذة الأحياء الدقيقة في جامعة ولاية نيويورك، يستخدم خوارزميات تعلم آلي لتحليل استجابة الجهاز المناعي للبروتينات الخاصة بالبكتيريا المسببة للمرض وأُجري الاختبار أولًا على قرود المكاك الريسوسي ذات الجهاز المناعي المشابه للبشر، ثم طُبّق على عينات بشرية شملت 123 مريضًا بداء لايم و197 شخصًا سليمًا.

ووصلت دقة الاختبار في المراحل المبكرة إلى أكثر من 90% مقارنة بـ27% فقط للاختبار التقليدي، ما يعني أن 9 من كل 10 مرضى سيحصلون على التشخيص الصحيح والعلاج المناسب، وبالتالي انخفاض خطر الإصابة بمشكلات مزمنة مثل الإرهاق والاعتلال العصبي والتهاب المفاصل، بحسب الدراسة.

ويتم الاختبار في مرحلة واحدة باستخدام أجهزة مخبرية اعتيادية وبتكلفة معقولة، ويأمل الفريق أن يكون متاحًا تجاريًا بحلول نهاية عام 2026.

وقالت أهيرن: “حتى لو أصيب شخصان بنفس البكتيريا، فإن استجاباتهما المناعية قد تختلف، وهذا ما يُمكن للخوارزمية التقاطه بدقة من خلال نمط الأجسام المضادة الفريد لكل مريض”.

شاركها.