بتأثير موقع البحرين المتميّز، صُنّف مناخها ضمن المناخ الصحراوي الدافئ، الذي يتسم بشدة الحرارة حيث وصفها الحميري بقوله: «لإفراط حر الرمضاء، وإن حوافر الدواب تسقط فيها إذا احتدت» إضافةً إلى ارتفاع الرطوبة في فصل الصيف، في حين يكون الشتاء دافئاً مع أمطار قليلة وغير منتظمة.

ونظراً لاتساع إقليم البحرين، تنوعت تضاريسه بين سهول ساحلية ممتدة على ضفاف الخليج العربيّ، وهضاب وكثبان رملية داخلية، وواحات زراعية، وبوادي وصحارى تمتد في الجهات الشمالية والغربية. وعلى الرغم من وجود مياه جوفية، فإنّ شدة الحرارة وقلة الأمطار شكلتا تحدياً اقتصادياً للسكان.

لقد أسهم المناخ القاري وتنوع التضاريس في إغناء الأنشطة الاقتصادية وتنوعها؛ فمن صيد الأسماك ومهنة الغوص لاستخراج اللؤلؤ في السواحل، إلى الزراعة في الواحات، والتجارة الداخلية، والملاحة البحرية الخارجية، فضلاً عن بعض الصناعات التقليدية وانتشار الأسواق. كما وفرت المراعي الطبيعية بيئة مناسبة لتربية الإبل، وأوجد المناخ ظروفاً ملائمة لزراعة محاصيل تحتاج حرارة مرتفعة مثل التمور، التي كانت القوت الرئيس لسكان الإقليم، إضافة إلى الحنطة والشعير، وأسهمت هذه الظروف أيضاً في تهيئة مواسم صيد بحري مناسبة، مدعومة بوجود مصادر مياه جوفية ساعدت في استمرار النشاط الزراعي وتربية الحيوانات.

هذا التنوع لم يخلُ من التحديات، فرغم أنّ صعوبات المناخ وتنوع التضاريس وفّرت مقومات هذا التنوع الاقتصادي، فإنها في الوقت نفسه فرضت تحديات على السكان، ما دفعهم إلى استثمار هذه الخصائص في أنشطة متميزة، أبرزها القيام بدور الوسيط التجاري بين الشرق والغرب، وجذب التجار لتسويق اللؤلؤ البحريني. كما ابتكروا أساليب متعددة للتغلب على قلة المياه وشدة الحرارة، شملت وسائل لحفظ المياه وترشيد استهلاكه وحسن استثماره في الزراعة، خصوصاً في الواحات.

أما اليوم، فإنّ فهم طبيعة المناخ والتضاريس في البحرين يعد أساساً للتخطيط البيئي والاقتصادي الحديث، إذ يمكن استثمار الخصائص الطبيعية لدعم التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الأخضر، فالحرارة العالية ووفرة أشعة الشمس تمثلان فرصة لمشروعات الطاقة الشمسية، والتربة الساحلية قابلة للتطوير للزراعة المستدامة بتقنيات الري الحديثة، كما يمكن استغلال الشواطئ والموارد البحرية في أنشطة سياحية وصناعات صديقة للبيئة، بما يربط بين الإرث التاريخي للبحرين ورؤيتها المعاصرة نحو اقتصاد متنوع ومستدام.

شاركها.