صبا العصفور

أيقونات الإيموجي هي تلك الرموز الصغيرة التي نضعها في الرسائل النصية ومنشورات وسائل التواصل، تعبيراً عن انفعالاتنا أو دعماً لما نكتبه ابتداءً من القلب والوردة ورفع الإبهام، إلى الوجه الغاضب والنار المشتعلة وخفض الإبهام، كل رمز منها يحمل رسالة، ظاهرها بسيط، لكن أثرها أعمق مما نتوقع.

غالباً ما نستخدمها الإيموجي بشكل سريع وعفوي في انفعالاتنا الرقمية عبر حواراتنا الافتراضية، خصوصاً عند الرد على منشورات تستفز مشاعرنا، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وقد يصل فينا التفاعل حدّ المشاركة بردود مليئة بهذه الرموز، دون أن نمنح أنفسنا لحظة للتفكير بما تعبّر عنه فعلاً.

ولو قمنا بمراجعةٍ بسيطةٍ لتلك الرسائل التي كتبناها في لحظةٍ فورية، وسألنا أنفسنا: هل هذه الرموز تمثل مشاعرنا بدقة؟ ماذا لو قرأها أحدهم كنيةٍ حقيقية؟ هل يمثّل القلب حباً صادقاً؟ هل ترمز القنبلة لغضبٍ قد ينفجر فعلاً؟ ولو تحوّلت كل هذه الإشارات إلى سلوك حقيقي، كيف سيكون شكل الواقع؟

كم ستصدمنا مشاعرنا حين نكتشف حجم ردود أفعالنا الغاضبة، الانتقامية، والمحمّلة بالحكم المسبق! وكم سيتضح أننا نحن أيضاً مثل غيرنا نُسهم في صناعة مشهد افتراضي فيه الكثير من القسوة والقليل من التروّي!

المثيرُ أن كثيراً من تلك القضايا التي نتفاعل معها تكون معلوماتها ناقصة أو غير مؤكدة أو حتى مفبركة، ورغم ذلك، نمنحها طاقتنا وردودنا ومشاعرنا عبر رموز صغيرة تحمل في طياتها دلالات كبيرة.

فهل السبب أننا نعتقد أن العالم الافتراضي مساحة «آمنة» لا نحاسب فيها على انفعالاتنا؟ أم أن تلك الرموز تكشف عن كمٍّ دفينٍ من المشاعر المتراكمة بداخلنا؟ ولو أتيحت لنا الفرصة، هل فعلاً نتصرف كما تعبّر تلك الرموز؟ هل هي مجرد لحظة انفعال؟ أم صورة حقيقية لما نخزّنه ممن ضيق وخوف، وغضب تجاه العالم؟

قد نرى بأنّ ردود البعض أن الناس تُرسل أيضاً رموزاً إيجابية مثل الورد والحب والشكر، وهذا صحيح، ولكن حتى تلك، تبقى انفعالات لحظية، لا يُضبطها عقل، ولا ترتبط دائمًا بوعي أو موقف حقيقي، وهنا تأتي الحاجة إلى خطوة بسيطة لكنها مهمّة، وهي مراجعة أنفسنا في لحظة الرد، وفلترة ما نكتبه، وما تعنيه تلك الرموز، ومن ثمَّ توجيه مشاعرنا بشكل متزن يعكس قيمنا لا انفعالاتنا فقط.

شاركها.