يعاني مرضى القلب والشرايين في مدينتي رأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا، من صعوبات متزايدة في الحصول على العلاج، خاصة في الحالات التي تتطلب تدخلًا جراحيًا أو نقلًا إلى المشافي التركية.

وتفتقر المنطقة إلى مراكز متخصصة بجراحة القلب، ما يستدعي تحويل المرضى إلى للعلاج خارجها.

وتخضع منطقة “نبع السلام” التي تضم مديتني رأس العين وتل أبيض لسيطرة “الجيش الوطني السوري” (انضم إلى وزارة الدفاع) وتحظى بنفوذ تركي.

وتحيط بها جبهات باردة من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وتعتبر تركيا منفذها الوحيد.

وقال عدد من المرضى ل إنهم يواجهون صعوبات مختلفة في إجراءات التحويل إلى تركيا، من بينها طول مدة الانتظار للحصول على الموافقة، وتأخير مواعيد الدخول، أو رفض بعض الطلبات دون توضيح الأسباب.

 خطر يصل حدّ الوفاة

أدى نقص الإمكانات الطبية وغياب العمليات الجراحية، إلى جانب تأخر تحويل مرضى القلب في مدينتي رأس العين وتل أبيض، إلى تفاقم حالاتهم وتعرضهم لخطر يهدد حياتهم، وصولًا للوفاة في بعض الحالات، بسبب تدهور حالتهم الصحية وعدم توفر العلاج المناسب في الوقت المناسب.

يروي أحد المرضى، فؤاد العماري (50 عامًا)، معاناته بسبب تدهور حالته الصحية وعدم تمكنه من الانتقال إلى دمشق أو تركيا بحسب توصية الأطباء.

يشكو العماري، وهو من سكان قرية الحلبية بريف رأس العين، من تضيّق في الشرايين التاجية منذ ثلاث سنوات، حيث بدأ يعاني في البداية من ضيق في التنفس وألم خفيف في الصدر.

تدهورت حالته مع بداية العام الحالي، وأخبره الأطباء بأنه يحتاج إلى جراحة عاجلة للمجازة التاجية.

وأضاف أن المشفى وضعت اسمه على قائمة التحويل إلى تركيا منذ شهر نيسان الماضي، لكنه لم يُحوَّل حتى الآن، وحالته في تدهور مستمر.

وأوضح أن الأطباء أوصوه بضرورة تركيب جهاز دعم البطين الأيسر (LVAD) لتحسين أداء القلب، خاصة بعد فشل الأدوية في تحقيق أي تحسن في حالته الصحية.

وكان العماري سجّل في المشفى “الوطني” طلبه لإجراء عملية جراحية، وعند دراسة ملفه تم رفض تحويله إلى تركيا بسبب ترحيله منها عام 2021، حيث وُضع تحت كود “113” الخاص بالأجانب الذين دخلوا أو خرجوا من الأراضي التركية بطريقة غير شرعية.

وأشار إلى أنه حاول الوصول إلى دمشق لتلقي العلاج، لكنه تفاجأ بتكاليف مرتفعة، تتجاوز 20 مليون ليرة سورية، (تعادل 2000 دولار أمريكي) إلى صعوبة الطريق وغياب الإمكانات المالية لديه، خاصةً مع حاجته إلى سيارة لنقله بسبب عدم قدرته على المشي. 

وفضلًا عن التكاليف المرتفعة، يتطلب الانتقال نحو مناطق سيطرة الحكومة السورية، المرور من مناطق “قسد” عبر منافذ غير نظامية، ما يعرضهم لصعوبات أمنية. 

وطالب فؤاد المشفى “الوطني” في رأس العين بتفعيل العمليات الجراحية القلبية داخل المدينة، لما له من أثر في تخفيف معاناة المرضى الذين يعانون من صعوبات السفر وارتفاع تكاليف العلاج.

الحصار وقلة الكوادر

ويلجأ معظم السكان في رأس العين وتل أبيض إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج، رغم مخاطرها المتمثلة بعدم التشخيص الصحيح، وعدم منح الدواء المناسب.

ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم الطبي، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي

أخصائي أمراض القلب والشرايين الدكتور عمر حاتم في تل أبيض قال ل، إن المشافي في منطقتي تل أبيض ورأس العين تفتقر لتجهيزات القسطرة وجراحات القلب، بسبب الحصار المفروض على عليهما وقلة الكوادر الطبية، ما يجعل العلاج الدوائي الخيار الوحيد المتاح للمرضى.

وأوضح أن حالات انسداد الشرايين التاجية وأمراض الصمامات والأزمات القلبية الحادة تحتاج إلى تدخل جراحي غير متوفر محليًا، ما يفرض تحويل المرضى إلى تركيا أو التوجه للداخل السوري.

وأضاف أن الإجراءات الطويلة في التحويل تؤدي إلى تأخر وصول المرضى للعلاج اللازم، ما تسبب في تسجيل وفيات متكررة يوميًا في تل أبيض ورأس العين نتيجة هذا التأخير.

وأشار إلى أن الحل يتطلب تجهيز أقسام خاصة بأمراض القلب، وتوفير غرف عمليات للقسطرة والجراحة، ووضع آلية تحويل سريعة وشفافة، إلى جانب تقديم دعم مادي للمرضى غير القادرين على تغطية تكاليف العلاج.

العمل على تسهيل الإجراءات

مدير الصحة في رأس العين، خليل الظاهر، قال ل، إن المستشفى “الوطني” يواجه صعوبات كبيرة في توفير الكوادر الطبية بسبب نقص حاد ناجم عن الحصار المفروض على المنطقة، إضافة إلى قلة الأجهزة الطبية الضرورية.

وبيّن أن مشفى “رأس العين” لا يضم سوى طبيب قلب واحد يأتي من تركيا ليوم واحد في الأسبوع، وهو ما يزيد من الضغط على النظام الصحي ويحد من قدرة المشافي على تقديم خدمات القلب بشكل مستمر.

وأضاف أن المديرية تعمل على تسهيل إجراءات تحويل المرضى الذين يحتاجون تدخلات طبية خارج المنطقة، عبر التنسيق مع الجهات التركية لتقليل مدة الانتظار وتسريع الموافقات.

وأشار إلى وجود خطة لتحسين متابعة الحالات في المشافي المحلية من خلال توفير بعض الأجهزة الأساسية وتدريب الكوادر الطبية، إلى جانب فتح قنوات اتصال مع المستشفيات التركية لتنسيق مواعيد العلاج.

ويغيب الأطباء الاختصاصيون في رأس العين وتل أبيض، لا سيما اختصاصيو الأمراض المزمنة والباطنية، ما تسبب بزيادة معاناة المرضى وتأخر اكتشاف الحالات الحرجة.

وأدى في كثير من الحالات إلى ارتفاع عدد الوفيات، خاصة بين مرضى القصور الكلوي والقلب والسكري، نتيجة عدم توفر المتابعة الطبية اللازمة وانعدام الإمكانيات التشخيصية المناسبة.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.