أثار مقترح برلماني جديد يقضي بتعديل ساعات العمل الرسمية في مصر لتبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا حالة من الجدل الواسع بين الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي، باعتباره تغييرًا جذريًا في نمط الحياة اليومية للمصريين.
المقترح يقوم على قناعة بأن التبكير في ساعات العمل يسهم في رفع معدلات الإنتاجية، والتخفيف من الازدحام المروري، وترشيد استهلاك الطاقة، فضلًا عن تحقيق قدر أكبر من الاستقرار الأسري، مستشهدًا بتجارب دول أخرى اعتمدت أنظمة عمل مشابهة.
غير أن المقترح يواجه انتقادات واسعة، حيث يرى معارضوه أنه يصطدم بواقع مختلف، في ظل غياب شبكة مواصلات مهيأة وبنية تحتية تدعم التطبيق، إلى جانب ما يفرضه من تحديات على مواعيد الدراسة وروتين الأسر ويرى أخرين انه مناسب للإنتاجية والاستقرار الاسرى.
قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ السياسة في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن مقترح تعديل ساعات العمل الرسمية لتبدأ من الخامسة صباحًا حتى الثانية عشرة ظهرًا يطرح تحديات كبيرة على المستويين الاجتماعي والعملي.
وأوضح الزغبي أن مصر، ولا سيما في فصل الصيف، تتعرض لدرجات حرارة مرتفعة منذ ساعات الصباح الباكر، ما يجعل العمل المبكر عبئًا جسديًا ونفسيًا، خاصة في المهن غير المكيفة مثل الزراعة والبناء. وأضاف أن الانتقال المفاجئ إلى هذا النظام يمثل تغييرًا جذريًا في نمط الحياة والعادات الاجتماعية، حيث يتطلب إعادة تنظيم مواعيد المدارس، وروتين الأسر، وخطط المواصلات، إضافة إلى تهيئة الموظفين نفسيًا ولوجيستيًا، وهو أمر يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.
وأكد الزغبي أنه لا توجد ضمانات علمية واضحة تثبت أن الاستيقاظ المبكر يؤدي بالضرورة إلى إنتاجية أعلى أو رفاهية أفضل على المدى الطويل، لافتًا إلى أن النتائج قد تختلف من قطاع إلى آخر ومن بيئة إلى أخرى.
وأشار إلى أن التجربة الإماراتية تمثل نموذجًا ناجحًا لأنها اعتمدت خطوات مدروسة وتدريجية، حيث تم تقليص يوم العمل وجعل يوم الجمعة نصف يوم، مع العطلة يومي السبت والأحد، وهو ما انعكس على زيادة الإنتاجية بنسبة 88% وارتفاع الرضا الوظيفي بنسبة 90% ورضا العملاء بنسبة 94%.
وشدد الزغبي على أن تطبيق مثل هذا النظام في مصر يجب أن يتم بشكل تدريجي، بدءًا بالمؤسسات الحكومية، ثم الانتقال إلى القطاع الخاص والمدارس، مع التركيز على رفاهية العاملين وجودة الحياة الإنتاجية، وليس مجرد تقليص أو زيادة ساعات العمل.
وأضاف: “أي تغيير في مواعيد العمل يجب أن يكون مدروسًا بعناية لأنه سيمس نمط الأسرة المصرية بشكل مباشر”
المصدر: صدى البلد