فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، عقوبات على قاضيين ومدعين اثنين بالمحكمة الجنائية الدولية، في وقت تواصل واشنطن ضغطها على المحكمة بسبب استهدافها لقادة إسرائيليين.

وذكرت وزارتا الخزانة والخارجية الأميركيتان أن واشنطن حددت هؤلاء الأشخاص وهم: نيكولا يان جيو من فرنسا، ونازهات شميم خان من فيجي، ومامي ماندياي نيانج من السنغال، وكيمبرلي بروست من كندا.

وأصدر قضاة المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جلانت في نوفمبر الماضي بتهم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة.

و”جيو” قاض في المحكمة الجنائية الدولية ترأس هيئة ما قبل المحاكمة التي أصدرت مذكرة الاعتقال بحق نتنياهو، و”خان”، و”نيانج” هما نائبا المدعي العام في المحكمة.

وفي يوليو الفائت، أوقفت قاضية فيدرالية أميركية تطبيق أمر تنفيذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب يفرض عقوبات على العاملين بالمحكمة الجنائية الدولية، واعتبرته انتهاكاً لحرية التعبير، وذلك بعد دعوى قضائية ضد الأمر الذي يستهدف المشاركين في تحقيقات المحكمة.

المحكمة الجنائية ترفض العقوبات الأميركية

بدورها، أعربت المحكمة الجنائية الدولية، الأربعاء، عن استنكارها الشديد لإعلان الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على كل من القاضية كيمبرلي بروست (كندا)، والقاضي نيكولا جيو (فرنسا)، ونائبة المدعي العام نزهة شميم خان (فيجي)، ونائب المدعي العام مامي ماندياي نيانج (السنغال).

وأكدت المحكمة أن هذه العقوبات تُمثل “اعتداءً صارخاً” على استقلال مؤسسة قضائية محايدة تعمل بموجب تفويض من 125 دولة عضو من مختلف مناطق العالم، مشيرة إلى أنها تشكل أيضاً “إهانة” للدول الأطراف في المحكمة، وللنظام الدولي القائم على القواعد، وقبل كل شيء لملايين الضحايا الأبرياء حول العالم.

وجددت المحكمة، على لسان رئيستها (توموكو أكاني) والهيئة القضائية، وكذلك رئاسة جمعية الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، دعمها الكامل لكوادرها ولضحايا “الفظائع التي لا توصف”، مؤكدة أنها ستواصل أداء ولايتها دون أن يثنيها أي ضغط أو تهديد، ووفق إطارها القانوني الذي أقرته الدول الأطراف.

ودعت المحكمة في ختام بيانها الدول الأطراف وكل من يتبنى قيم الإنسانية وسيادة القانون إلى “تقديم دعم ثابت ومتواصل للمحكمة”، بما يعزز عملها الهادف إلى خدمة ضحايا الجرائم الدولية.

عقوبات سابقة على الجنائية الدولية

تأتي العقوبات الجديدة بعد قرابة 3 أشهر من اتخاذ الإدارة الأميركية خطوة غير مسبوقة بفرض عقوبات على 4 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، قائلة إنهم متورطون في “إجراءات غير مشروعة لا تقوم على أي أساس” من قبل المحكمة تستهدف واشنطن، وحليفتها المقربة إسرائيل.

وانتقدت المحكمة هذه الخطوة في يونيو، ووصفتها بأنها محاولة لتقويض استقلال المؤسسة القضائية.

وصادق ترمب آنذاك على فرض عقوبات اقتصادية ومنع من السفر، تستهدف الأفراد الذين يساعدون في تحقيقات للمحكمة الجنائية الدولية تتعلق بمواطني الولايات المتحدة أو حلفاء لها مثل إسرائيل، وهو إجراء سبق أن اتخذه خلال ولايته الأولى.

وللمحكمة الجنائية الدولية، التي تأسست عام 2002، ولاية قضائية دولية للمقاضاة في جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب في الدول الأعضاء أو في حال إحالة قضية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

والولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وإسرائيل ليست من الدول الأعضاء في المحكمة.

وتجري المحكمة تحقيقات بارزة في جرائم حرب تتعلق بالحرب في غزة، وحرب روسيا في أوكرانيا، وكذلك في السودان، وميانمار، والفلبين، وفنزويلا، وأفغانستان.

وتجمد العقوبات أي أصول أميركية قد يمتلكها الأفراد، وتعزلهم فعليا عن النظام المالي الأميريكي.

تاريخ من التجاذبات

وفرضت إدارة ترمب في ولايته الأولى عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية في 2020، رداً على تحقيقات في مزاعم جرائم حرب في أفغانستان منها التعذيب على يد مواطنين أميركيين، فيما رفعت إدارة الرئيس السابق جو بايدن، العقوبات.

وقبل 5 سنوات، جرى تجميد بطاقات الائتمان والحسابات المصرفية للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية آنذاك فاتو بنسودا، وموظفين آخرين، إضافة إلى منعهم من السفر إلى الولايات المتحدة.

شاركها.