د. أكرم خولاني
يتشكل الساق من عظمين هما قصبة الساق (الظنبوب) والعظم الذي يمتد بجانبها (الشظية)، وهما يصلان بين الركبة والكاحل ويحملان وزن الجسم، ورغم قوة هذه العظام فإنها قد تتعرض للكسر، وتتطلب كسورها علاجًا فوريًا، إذ يمكن أن يؤدي التأخير في التشخيص والعلاج إلى مشكلات تنشأ في وقت لاحق، ومنها ضعف الشفاء.
ما المقصود بكسر الساق؟
كسر الساق (broken leg) هو حدوث تصدع وتشقق في إحدى عظام الساق على طول المسافة بين مفاصل الركبة والكاحل، ويكون كسر الشظية أقل وضوحًا من كسر الظنبوب، وله عدة أنواع:
الكسر المفتوح: في هذا النوع من الكسور، يخترق العظم المكسور الجلد، وهذه حالة خطيرة تستلزم علاجًا فوريًا لتقليل فرصة الإصابة بالعدوى.
الكسر المغلق: في الكسور المغلقة، يظل الجلد المحيط سليمًا.
الكسر غير الكامل: يعني هذا المصطلح أن العظم قد تشقق، لكنه لم ينقسم إلى جزأين.
الكسر الكامل: في الكسور الكاملة، ينكسر العظم إلى جزأين أو أكثر.
الكسر المنزاح: في هذا النوع من الكسور، لا تبقى هناك محاذاة بين الشدفات العظمية على جانبي الكسر.
كسر الغصن النضير: في هذا النوع من الكسور، يتشقق العظم ولكنه لا ينكسر تمامًا، مثلما يحدث عند محاولة كسر عود خشبي أخضر، وتزداد احتمالية الإصابة بكسر الغصن النضير لدى الأطفال، نظرًا إلى أن عظام الطفل أكثر ليونة ومرونة من عظام البالغين.
ما الأسباب؟
يمكن أن ينتج كسر الساق عن أسباب عديدة تشمل:
السقوط: وهو شائع بين الصغار والرياضيين وحتى الكبار في السن، ويصيب عظام الساق وعظم الفخذ، ويمكن أن تؤدي السقطات الخفيفة إلى كسر واحدة أو أكثر من عظام الساق، أما كسر عظم الفخذ فيحتاج في العادة إلى قوة مؤثرة أكبر بكثير.
الصدمات: نتيجة حوادث المركبات الآلية، إذ قد تحدث الإصابة عند اصطدام الركبتين بلوحة “التابلوه” في أثناء التصادم أو عند وصول الضرر اللاحق بالسيارة إلى ساقي الراكب.
الاستخدام المفرط: فعندما تتعرض العظام للضغوط المتكررة تظهر فيها تشققات رفيعة تسمى “الكسور الإجهادية” تزداد حدة عند التحميل الزائد على العظم، وقد تحدث هذه الكسور أيضًا عند الإفراط في استخدام العظام، كما في الجري لمسافات طويلة أو القفز أو المشي أو حتى عند رقص “الباليه”، وأحيانًا تنتج الضغوط عن الاستعمال العادي للعظام أو عند الحركة الطبيعية بسبب ضعف العظام نفسها وتعرضها للهشاشة.
الإصابات الرياضية: وهي خاصة بمن يمارسون الرياضة بوجه عام، ومن يمارسون بعض الرياضات بوجه خاص مثل الجري ورقص “الباليه” وكرة السلة والمشي والرياضات التلامسية كالهوكي وكرة القدم، وتنتج الكسور غالبًا عن الضغط المتكرر على عظام الرجل.
بعض الحالات الطبية: كهشاشة العظام ومرض السكري والروماتيزم والقدم المسطحة والقدم المقوسة، كل هذه الحالات تزيد من حدوث كسور الساق.
ما أعراض الإصابة؟
تختلف أعراض كسر الساق بشكل كبير، حيث تعتمد على نوع وموقع الكسر وشدته، ومن بين الأعراض الشائعة لكسر الساق ما يلي:
- عدم القدرة على المشي أو تحميل الوزن على الساق.
- ألم حاد ومستمر في الساق يتفاقم مع الحركة.
- ألم شديد عند لمس موضع الكسر.
- احمرار في المنطقة المصابة بالكسر.
- تشوه واضح بشكل الساق المصابة.
- التورم والكدمات.
- بروز العظم من الجلد في مكان الكسر.
قد يبدأ الأطفال في سن الحبو أو الصغار الذين كُسرت ساقهم في العرج أو حتى التوقف عن المشي، حتى وإن لم تظهر أعراض أخرى.
كيف يتم التشخيص؟
يشمل التشخيص إجراء الفحص السريري والدراسات الشعاعية، حيث يقوم الطبيب بفحص المنطقة المصابة لمعرفة مدى وجود إيلام عند اللمس أو تورم أو تشوه أو جرح مفتوح، وعند الاشتباه بوجود كسر في الساق يتم اللجوء للتصوير الشعاعي.
توضح الأشعة السينية البسيطة عادة مكان الكسر بدقة، كما تحدد مدى إصابة أي من المفاصل المجاورة.
أما التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي فيتم إجراؤه أحيانًا للحصول على صور أكثر تفصيلًا كما هو الحال عند الاشتباه في حدوث كسر إجهادي، لأن الأشعة السينية لا تستطيع غالبًا اكتشاف هذه الإصابة.
ما طرق العلاج؟
تنقسم طرق علاج كسر الساق إلى:
العلاج الأولي: معظم الإصابات تسبب بعض التورم في الأسابيع القليلة الأولى، وقد يستخدم الطبيب في البداية جبيرة لتوفير الراحة والدعم على عكس الجبس الكامل، حيث يمكن تضييق الجبيرة أو توسيعها للسماح بحدوث تورم بأمان، وبمجرد أن يقل التورم، سينظر الطبيب في مجموعة من خيارات العلاج.
العلاج غير الجراحي: قد يوصى بالعلاج غير الجراحي للمرضى إذا كان طرفا الكسر متقاربين بدرجة كافية أو لدى المرضى الذين يتعذر عليهم التدخل الجراحي بسبب مشكلات صحية خاصة، ويكون ذلك عن طريق تجبيس الكسر، فبعد استخدام الجبيرة لفترة والتأكد من أنه لم يعد يوجد تورم في موضع الكسر يلجأ الطبيب لتجبيس منطقة الكسر لحوالي ستة اسابيع أو أكثر تبعًا لشدة الكسر وعمر المريض، ومن ثم يقوم بفك الجبس.
العلاج الجراحي: يوصى بالجراحة للأشخاص الذين لديهم:
- كسور متعددة وتفتت العظم.
- كسر غير مستقر أو منزاح.
- كسر مفتوح.
- شظايا عظام حرة يمكن أن تدخل المفصل.
- تضرر في الأربطة المحيطة.
- كسور تمتد إلى المفصل.
- الكسور التي لم تلتئم مع العلاج غير الجراحي.
وتشمل طرق العلاج الجراحي ما يلي:
تركيب المسمار النخاعي: الطريقة التي يستخدمها معظم الجراحين لعلاج كسور عظم الساق هي تركيب المسمار النخاعي، وخلال هذا الإجراء يتم إدخال قضيب معدني مصمم خصيصًا في قناة الساق ويمر القضيب عبر الكسر لإبقائه في موضعه مما يساعد على التئام الساق، كما يسمح للمريض بتحريك الركبة وبالتالي تجنب تيبسها.
تركيب الصفائح والمسامير: استخدامها أقل شيوعًا من المسامير النخاعية والتى عادة ما تكون نتائجها أفضل.
تركيب المثبت الخارجي: قد يتجه بعض الأطباء لتركيب مثبت خارجي، مثل مثبت اليزاروف، لتثبيت العظام والمساعدة في عملية استشفائها ولا سيما إذا كانت هناك جروح مصاحبة للكسر، والمثبت الخارجي هو عبارة عن إطار خارج الساق يتم تثبيته في العظام بدبابيس، ويوفر هذا الجهاز الثبات للعظام خلال فترة الالتئام، وتتم إزالته عادة بعد التئام الكسر.
علاج كسور الساق لدى الأطفال: دائمًا ما يستبعد الأطباء فكرة التدخل الجراحي لعلاج كسور الساق لدى الأطفال وخاصة صغار السن منهم، وبدلًا من ذلك يقومون بعمل تجبيس في منطقة الكسر، لأن أغلب العظام تكون في مرحلة نمو وتكوين ولذلك يسمح الجبس بشفاء والتئام الكسور ونمو العظام طبيعيًا بسلاسة ويسر وبموضع سليم.
متى يسمح للمصاب بالمشي؟
يعد المشي إحدى طرق العلاج المفيدة لتعزيز التعافي من كسر الساق، لأنه يعزز الدورة الدموية ويساعد في تحسين قوة العضلات والكتلة العظمية، وتختلف المدة التي يسمح بعدها الطبيب بالمشي على الساق المكسورة حسب نوع الكسر وشدته.
وعادة ما يكون المشي على الساق المكسورة ممنوعًا في البداية ويكون التحرك إما باستخدام العكازين أو على كرسي متحرك.
وفي حالة الكسر البسيط وعدم الحاجة إلى تدخل جراحي، يمكن للمريض أن يبدأ بالمشي على الأقل بعد أسبوعين من الإصابة، ولكن باستخدام عكازين أو “مشاية” للمساعدة في الحركة.
أما في حالة الكسر الشديد و إجراء جراحة لتثبيته، فمن الممكن أن يحتاج المريض إلى فترة أطول قبل العودة إلى المشي.
وكما ذكرنا فإنه عند بدء المشي يحتاج المريض إلى استخدام مساعدات مثل العكازات أو “المشاية”، ثم يتم زيادة الوقت والمسافة ببطء بمرور الوقت حتى يتمكن المريض من المشي دون مساعدة.
ويستغرق شفاء كسر الساق عادة ما بين 6 إلى 12 أسبوعًا للكسور البسيطة، ولكن يمكن أن يحتاج الأمر إلى فترة أطول للكسور الأكثر تعقيدًا أو الكسور التي تحتاج إلى إجراء جراحي.
ماذا عن العلاج التأهيلي؟
نظرًا إلى أن كسر الساق عادة ما يؤثر على حركة مفصل الركبة، فقد يتسبب في مشكلات طويلة الأمد، مثل فقدان حركة الركبة أو عدم الاستقرار والتهاب المفاصل على المدى الطويل، لذا عادة ما يوصي الأطباء باتباع برنامج إعادة التأهيل إلى جانب العلاج، فيتم إجراء جلسات علاج طبيعي بهدف تحسين الحركة والقوة والمرونة في الساق المصابة، وتقليل الألم والتورم، وتسريع عملية الشفاء.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي