قال خبير واستشاري في التربية الخاصة أسامة أحمد مدبولي إنّه مع دقات الجرس الأولى لانطلاق العام الدراسي الجديد، يعيش أولياء أمور الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة حالة من الترقب الممزوج بالحماس والقلق، ويتجدد السؤال السنوي: كيف نجعل من العودة إلى المدرسة أو المركز التعليمي لحظة للنجاح والنمو، وليس مصدراً للضغط والتوتر؟
وأضاف: هذه المرحلة تمثل تحدياً مضاعفاً للأسر التي تضم أطفالاً من ذوي متلازمة داون، أو أطفالاً من ذوي اضطراب طيف التوحد، أو التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في التعلم. غير أن التحضير المسبق المدروس، والشراكة الفعّالة بين البيت والمدرسة، يفتحان الباب لتحويل هذه التجربة إلى محطة تأسيسية تمنح الطفل الأمان والثقة وتُعزّز تطوره الأكاديمي والاجتماعي. وهنا الخطوة الأولى التي نقدمها لأولياء الأمور أن يبدؤوا فوراً في الروتين المنتظم، حيث يعد صمام أمان لنجاح العودة للمدرسة أو المركز أو أي مكان تعليمي، حيث نؤكد أن الروتين اليومي الواضح يمثل حجر الأساس لانخراط الطفل بسلاسة في أجواء المدرسة، بدءاً من تعديل جدول النوم والاستيقاظ قبل الدراسة بأسبوعين، مروراً بتنظيم ساعات الأنشطة ووقت الشاشة، ووصولاً إلى تخصيص ركن هادئ للمذاكرة في المنزل. تبنّي هذه العادات التدريجية يمنح الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة شعوراً بالأمان وقدرة على التنبؤ بما سيواجهونه كل يوم.
وقال مدبولي إنّ العودة للمدرسة ليست حدثاً أكاديمياً فقط؛ بل تتحول إلى فرصة لتعزيز قدرات الطفل على التواصل الاجتماعي والانخراط مع الأقران. هنا يبرز دور ولي الأمر في الحديث الإيجابي عن المدرسة، والاحتفال بأي تقدم، مهما كان بسيطاً، لترسيخ مفهوم النجاح والثقة بالنفس، وهذا ما نسعى إليه في مجال عملنا مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتابع «أيضاً يمكن للأهل ترتيب لقاءات لعب قصيرة مع بعض زملاء الدراسة قبل بدء العام، واستخدام قصص مصورة ولعب الأدوار لتمثيل مواقف اجتماعية متنوعة، بما يساعد الطفل على تجاوز مخاوفه والتكيف مع بيئته الجديدة وتفهّمه للمرحلة المقبلة بنجاح. فنجاح الطفل يبدأ بالشراكة مع المعلمين والمختصين. لذا ننصح أولياء الأمور بتزويد المدرسة بمعلومات دقيقة ومفصّلة عن احتياجات طفلهم، ومناقشة الأهداف التعليمية والسلوكية، والتواصل المستمر بكل الطرق الممكنة لمتابعة التطور الأكاديمي والسلوكي. توحيد الجهود بين الأسرة والمدرسة ينعكس مباشرة على أداء الطفل وشعوره بالانتماء».
وشدّد مدبولي على أهمية الصحة البدنية والنفسية للطفل، من خلال الفحوصات الطبية الدورية، والتغذية الصحية، فالعملية التعليمية تؤتي ثمارها إذا كان البدن سليماً، وتعليم الطفل أساسيات السلامة (عبور الطريق، التصرف في الحالات الطارئة، وعدم التحدث مع الغرباء). كما أن تدريب الطفل على مهارات الاستقلالية مثل غسل اليدين والعناية الشخصية يدعم ثقته بنفسه في بيئة جديدة.
وقال «يحتاج بعض الأطفال إلى أدوات حسية خاصة، مثل سماعات عازلة للضوضاء أو جداول بصرية، لتسهيل التعلم وتقليل القلق. إعطاء الطفل خيارات في ترتيب حقيبته والمشاركة في تجهيز أدواته يعزّز استقلاليته وإحساسه بالمسؤولية». وخلص إلى أنه «في النهاية نحب أن نؤكد على أن العودة إلى المدارس والمراكز التعليمية ليست مجرد بداية أكاديمية، بل هي فرصة ذهبية لنمو الطفل معرفياً واجتماعياً. بالتهيئة المسبقة، والاهتمام بالعوامل النفسية والعملية، والشراكة بين البيت والمدرسة، يمكن لكل ولي أمر تحويل الانتقال من مصدر قلق إلى قصة نجاح تلهم الجميع وتمنح أطفالنا بداية جديدة مليئة بالأمل والإنجاز».