اخبار تركيا

تحتضن تركيا مجموعة متميزة من مواقع التراث الصناعي التي تعكس تاريخ التصنيع والتطور التكنولوجي في البلاد، ضمن إطار طريق التراث الصناعي الأوروبي (ERIH)، الشبكة الأوروبية التي تجمع أهم المعالم الصناعية التي تحكي قصة التطور الاقتصادي والاجتماعي للقارة الأوروبية.

يمتد هذا الطريق من مرافق الإنتاج المهجورة إلى المناظر الصناعية الطبيعية ومتاحف التكنولوجيا التفاعلية، ليعرض تجربة فريدة للزوار، تجمع بين المعرفة التاريخية والمتعة البصرية.

ويضم الطريق في تركيا عدداً من النقاط الهامة، والتي يُعرفها المجلس الأوروبي باسم “نقاط الاتصال”، وهي مناطق ذات أهمية تاريخية خاصة، وتقدم للزائر تجربة عالية الجودة، من حيث التعرف على الماضي الصناعي والتفاعل مع المعروضات التكنولوجية.

إسطنبول: مزيج من الطاقة والطيران والسكك الحديدية

متحف سنترال إسطنبول للطاقة

في قلب إسطنبول، يقع متحف سنترال إسطنبول للطاقة، الذي يمثل محطة أولى للكهرباء في الدولة العثمانية عام 1914، وكان المزود الوحيد للكهرباء في المدينة حتى عام 1952. اليوم، تحول المبنى التاريخي إلى متحف يقدم للزائرين لمحة عن تطور الطاقة في إسطنبول، ويبرز دوره الحيوي في الحياة الصناعية للمدينة.

متحف إسطنبول للطيران

يعد متحف إسطنبول للطيران نقطة جذب رئيسية لعشاق الطيران، إذ يجمع بين الطائرات المدنية والعسكرية، ويسرد تاريخ الطيران التركي منذ الحقبة العثمانية. بدأت أعمال المتحف بالوضع الحالي في الستينيات، واكتمل المشروع عام 1983. يعرض المتحف نماذج طائرات مثل الفانتوم والسابر والطائرات النفاثة، إلى جانب المروحيات العسكرية والصواريخ، مقدماً تجربة تعليمية وتاريخية غنية.

متحف سكة حديد إسطنبول

على الرغم من صغر حجم متحف السكك الحديدية في إسطنبول، إلا أنه يحمل قيمة تاريخية كبيرة، إذ يقع في محطة قطار Orient Express الشهيرة، التي ربطت باريس وكاليه بإسطنبول بين عامي 1888 و1890. يقدم المتحف للزوار رحلة عبر الزمن، معروضاته مكرسة أساساً للقطارات الفاخرة من أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بما في ذلك الأواني الفضية والستائر والوسائد المستخدمة في تلك الرحلات الفاخرة.

متحف رحمي محمد قوج الصناعي

يعد متحف رحمي م. قوج على الشاطئ الشمالي للقرن الذهبي، من أبرز المعالم التفاعلية، إذ يضم مجموعة واسعة من وسائل النقل والاتصالات، بما في ذلك الغواصة الحقيقية وخطوط السكك الحديدية المصغرة، بالإضافة إلى جسور يمكن للزوار المشي عليها، مما يجعله وجهة مثالية لجميع الأعمار.

بورصة: مصانع الغزل والطاقة والسيارات

متحف مارينوس بورصة للطاقة

افتتح هذا المتحف عام 2012 في محطة توليد الكهرباء القديمة لمصنع صوف مارينو الذي تم بناؤه عام 1938. يعرض المتحف أهمية الكهرباء في الحياة اليومية والإنتاج الصناعي، من خلال الصور والوثائق والنماذج والمواد الرسومية، بالإضافة إلى مئات الأجهزة الكهربائية الأصلية مثل الغسالات والمصابيح والراديوهات.

متحف مارينو لصناعة الغزل والنسيج

يعد مصنع النسيج الذي افتتحه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك عام 1938، رمزاً للتقدم الصناعي، حيث استخدم صوف أغنام المارينو المستوردة من أستراليا في صناعة المنسوجات. كما يضم المتحف عرضاً تاريخياً لإنتاج الحرير، بدءاً من شرنقة دودة القز وحتى المنسوج النهائي، ليقدم للزوار تجربة تعليمية متكاملة حول تقنيات النسيج التقليدية.

متحف أوتوموبيل توفاش وعربات الأناضول

افتتح هذا المتحف في عام 2002 بعد ترميم مصنع حرير قديم، وهو الأول من نوعه لسيارات الأناضول في تركيا. يعرض مجموعة شركة توفاش التي بدأت الإنتاج منذ عام 1971، بما في ذلك طرازات مرخصة من شركة فيات مثل مراد 124 وتوفاش شاهين، إلى جانب أحدث سيارات الدفع الرباعي المستخدمة في سباقات الراليات الدولية. كما يقدم المتحف معارض متغيرة حول موضوعات السيارات المختلفة.

إزمير: السكك الحديدية وصناعة الورق

متحف سكة حديد جاملِك

يقع على بعد 12 كم من سلجوق بالقرب من أفسوس، ويعرض تاريخ أقدم خط سكة حديد في تركيا، خط إزمير أيدين. تأسس المتحف في مبنى عام 1866، وتم استخدام القضبان الأصلية التي أُعيد توجيهها بعد تعديلات على الخطوط الرئيسية. افتتح المتحف عام 1997، ويضم أكثر من 30 قاطرة بخارية وعربات ركاب وشحن تم تصنيعها بين 1891 و1951، ما يجعل التجربة أقرب إلى الحياة العملية للسكك الحديدية في الماضي.

مصنع السقا لصناعة الورق

يعد مصنع السقا، الذي بدأ تأسيسه عام 1934 في شمال غرب الأناضول، رمزاً للتصنيع في عهد مصطفى كمال أتاتورك. توقف المصنع عن الإنتاج عام 2005 بعد خصخصته، لكنه اليوم يستضيف ورش عمل تعليمية حول تقنيات صناعة الورق التقليدية، والخط، والرخام، محافظةً على التراث الصناعي والمعرفي للمنطقة.

خاتمة

يمثل طريق التراث الصناعي الأوروبي في تركيا نافذة فريدة على الماضي الصناعي الغني للبلاد، ويجمع بين التاريخ والابتكار والثقافة التقنية. من الطاقة إلى الطيران، ومن السكك الحديدية إلى صناعة السيارات والنسيج، يوفر هذا الطريق تجربة تعليمية وسياحية متكاملة، تجعل تركيا جزءاً أساسياً من السردية الأوروبية للصناعة والابتكار، وتسلط الضوء على الإرث الصناعي كعنصر محوري في الهوية الوطنية والتاريخية.

شاركها.