قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، في رسالة إنه أقال عضوة مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، ليزا كوك، ما يفتح فصلاً قانونياً جديداً في جهوده لإعادة تشكيل الحكومة. 

وردت كوك على خطوة ترمب بالقول إنها “لن تستقيل من منصبها في مجلس الاحتياطي الفيدرالي”. وفي بيان صدر عن محاميها الاثنين، قالت كوك إنه “لا يوجد سبب قانوني” يدفع ترمب لإقالتها.

وقالت: “لن أستقيل. سأواصل القيام بواجباتي لدعم الاقتصاد الأميركي كما أفعل منذ عام 2022”.

وكان ترمب أشار إلى مزاعم بأن كوك ربما تكون قد زورت سجلات للحصول على شروط تفضيلية على قرض عقاري، على الرغم من أنها لم تُتهم بارتكاب مخالفات، أو تُدان بارتكاب جريمة.

فهل يملك ترمب صلاحية إقالة عضو بمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي؟

حدد الكونجرس سلطة الرئيس في إقالة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، مشيراً إلى أنه لا يمكن إقالتهم إلا “لسبب وجيه”، وهو ما يُفهم عموماً على أنه “سوء سلوك جسيم”، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”. 

هل هناك سبب لإقالة كوك؟ 

إدارة ترمب تتهم كوك بالاحتيال في قضية رهن عقاري، واستشهد الرئيس بذلك كتبرير في رسالته لإقالتها.

وقال بيل بولتي، مدير الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان، إنه أحال المسألة إلى وزارة العدل للتحقيق. ومع ذلك، لم توجه أي تهم جنائية إلى كوك، التي قالت الأسبوع الماضي، إنها “لا تنوي الخضوع للابتزاز للتنحي عن منصبها”.

وأثار العديد من الخبراء القانونيين، الاثنين، مخاوف جدية بشأن طريقة إقالة كوك ومبررات الرئيس لذلك. 

ما هي الخيارات المتاحة أمام كوك؟ 

يمكنها رفع دعوى قضائية للبقاء في منصبها، وسيقرر القاضي حينها ما إذا كانت الأدلة كافية لاستيفاء شرط “السبب الوجيه”. كما سيحدد القاضي ما سيحدث على المدى القريب أثناء استمرار التقاضي.

وفي حال سمح القاضي لبقاء كوك في منصبها أثناء سير القضية، فمن المرجح أن تطلب الإدارة من المحكمة العليا التدخل.

هل يمكن لترمب إقالة كوك بدون سبب؟

سمحت سابقة قضائية عمرها 90 عاماً للكونجرس بحماية قادة الوكالات المستقلة من التدخل السياسي عبر جعل إقالتهم أمراً صعباً.

ويقول ترمب إن تلك القيود تشكل “قيداً غير دستوري” على سلطة الرئيس في السيطرة على السلطة التنفيذية، وأنه يجب السماح له بإقالة المسؤولين “لأي سبب أو بدون سبب”.

ماذا تقول السابقة القضائية؟

في عام 1935، في قضية تعرف باسم “همفري ضد الولايات المتحدة”، أيد القضاة قانوناً فيدرالياً يحمي مفوضي لجنة التجارة الفيدرالية، مشيرين إلى أنه يمكن إقالتهم فقط بسبب “عدم الكفاءة أو الإهمال في أداء الواجب أو سوء السلوك في المنصب”.

ورغم القانون، أقال الرئيس فرانكلين روزفلت المفوض ويليام همفري، وكان السبب الوحيد الذي قدمه أن تصرفات همفري لم تتوافق مع أهداف سياسة الإدارة. وأكدت المحكمة العليا بالإجماع أن الإقالة كانت غير قانونية.

هل هذه السابقة مهددة؟

نعم. ففي عام 2020، بدا أن المحكمة العليا تمهد الطريق لتجاوز سابقة “همفري” في قضية تتعلق بمكتب الحماية المالية للمستهلك.

وكتب كبير القضاة جون روبرتس: “في نظامنا الدستوري، تعود السلطة التنفيذية للرئيس، وتشمل هذه السلطة عموماً القدرة على الإشراف وإقالة الوكلاء الذين يمارسون السلطة التنفيذية نيابة عنه”. 

لكن القاضي أشار إلى اختلافات بين الوكالات التي يقودها مدير واحد، مثل مكتب حماية المستهلك، والهيئات التي تضم أعضاء متعددين مثل الاحتياطي الفيدرالي.

ومن جهة أخرى، قال بعض القضاة في ذلك الوقت إنهم لا يرون أن هذه الاختلافات جوهرية.

ماذا فعلت المحكمة العليا مؤخراً؟

في قرارات مؤقتة بشأن طلبات طارئة منذ تولي ترمب المنصب، سمحت المحكمة له بإقالة قادة مجلس حماية نظم الجدارة، والمجلس الوطني لعلاقات العمل، ولجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية بدون سبب.

وفي أحد هذه القرارات، قالت الأغلبية غير الموقعة إن ترمب يمكنه إقالة المسؤولين الذين يمارسون السلطة نيابة عنه “لأن الدستور يمنح السلطة التنفيذية للرئيس”.

هل يختلف الاحتياطي الفيدرالي عن الوكالات المستقلة الأخرى؟

يبدو أن المحكمة العليا ترى ذلك. فحتى مع السماح لترمب بإقالة اثنين من قادة الوكالات في مايو الماضي، قالت الأغلبية غير الموقعة إن الاحتياطي الفيدرالي قد يستحق حماية خاصة. 
 
وجاء في القرار: “الاحتياطي الفيدرالي كيان شبه خاص ذو هيكل فريد يتبع تقليداً تاريخياً مميزاً للبنكين الأول والثاني للولايات المتحدة”.

إذن، هل يمكن للرئيس إقالة كوك بدون سبب؟

على الأرجح لا. فقد ذهبت المحكمة العليا مراراً لتؤكد أن الاحتياطي الفيدرالي يشغل مكانة مميزة في الحكومة. لكن تلك التصريحات كانت ملحوظات جانبية وليست أحكاماً، وأعطت المحكمة الضوء الأخضر للعديد من مبادرات الإدارة الأخرى. 
 
وكما كتبت القاضية إلينا كيجان في معارضتها في مايو: “استقلالية الاحتياطي الفيدرالي تقوم على نفس الأسس الدستورية والتحليلية” التي تقوم عليها الوكالات التي سمحت الأغلبية لترمب بإقالة قادتها. 

شاركها.