– كريستينا الشماس
لا تزال المناطق المدمرة في إدلب وريفها تفتقر للخدمات الطبية، نتيجة تضرر البنية التحتية للمراكز الصحية والمستشفيات خلال سنوات الحرب.
ورغم عودة قسم من الأهالي إلى هذه المناطق، فإن ما أعيد تشغيله حتى الآن يقتصر على بعض المراكز التي تقدم خدمات إسعافية ورعاية أولية محدودة، بينما لا تزال الحاجة قائمة لتأهيل المستشفيات والمراكز الرئيسة القادرة على تلبية احتياجات السكان المتزايدة.
تحدث أهالٍ، ل، عن معاناتهم في قلة المراكز الصحية بمناطقهم، في وقت تعمل فيه مديريات الصحة ومنظمات محلية على إعادة تأهيل المرافق الطبية ضمن الإمكانيات المتوفرة.
قلة المراكز
ياسمين المصطفى، هُجّرت مع عائلتها إلى مخيمات “البردقلي” وعادت بعد سقوط النظام إلى منطقة خان شيخون بإدلب، قالت ل، إن المرضى يواجهون صعوبة بالحصول على الخدمات الطبية.
وأوضحت ياسمين أنه يوجد فقط في مدينة خان شيخون مركز صحي وحيد أعيد تأهيله، تتوفر فيه عيادات للأطفال والداخلية والنسائية وفني مخبري.
ورغم ذلك، لا يكفي لسد احتياجات المرضى، بحسب ياسمين، فهناك مرضى ينتظرون يومًا كاملًا لتلقي العلاج في المركز الصحي، بسبب الأعداد الكبيرة من الأهالي التي تتوافد إلى المركز.
“تلقيك للعلاج في هذا المركز مرهون بحجزك دورًا، وقد تنتظر يومًا كاملًا دون جدوى”، قالت ياسمين، لذا تضطر للذهاب إلى مستشفيات إدلب لتتلقى العلاج.
أحمد عبود مهجر من معرة النعمان إلى مدينة الباب بريف حلب منذ ست سنوات، تحدث، ل، عن الواقع الصحي المتردي في معرة النعمان جنوبي إدلب.
أشار أحمد إلى أن الأهالي الذين عادوا إلى معرة النعمان بعد سقوط النظام السابق يواجهون صعوبة في الحصول على الخدمات الطبية، فلا توجد نقاط طبية قريبة من المستشفيات والمراكز الصحية.
وقال أحمد إنه في حال احتاج أحد من الأهالي لإجراءات إسعافية، يضطر لقطع عشرات الكيلومترات ليصل إلى مناطق فيها مراكز صحية، مثل أريحا أو مدينة إدلب.
وأوضح أحمد أنه تم ترميم مركز صحي، لكنه يقدم خدماته بالحد الأدنى، وتقتصر على الخدمات الإسعافية، إضافة إلى قسمي النسائية والداخلية، ورغم ذلك لا تكفي احتياجات الأهالي.
استجابة لمناشدات الأهالي، عملت بعض منظمات المجتمع المدني على إقامة عيادات متنقلة، لكنها اقتصرت على تلبية الحالات الإسعافية، بحسب أحمد.
“تأتي العيادات في الصباح وتغادر في الظهيرة، وفي حال تعرض أحد المواطنين لحالة صحية في المساء، يضطر إلى مغادرة المدينة بحثًا عن خدمات طبية”، قال أحمد.
وينتظر أهالي معرة النعمان إعادة تأهيل المستشفى “الوطني” الذي يخدم ريفها الشرقي والغربي، فهو قادر على استقبال عدد أكبر من المواطنين.
“نطالب الجهات المعنية بإعادة تفعيل خدمات مستشفى المعرة الوطني في أقرب وقت ممكن”، قال أحمد.
مشروع تأهيل
أعلن محافظ إدلب، محمد عبد الرحمن، في 29 من تموز الماضي، عن إطلاق مشروع لإعادة تأهيل 30 مركزًا صحيًا متضررًا في ريف إدلب الجنوبي.
وجاء ذلك عقب جولات ميدانية مع مدير صحة إدلب، سامر عرابي، واجتماعات مع الكوادر الطبية لتقييم الاحتياجات.
وقال رئيس شعبة الرعاية الصحية في مديرية صحة إدلب، إحسان العبد الله، ل، إن أغلب مشاريع إعادة التأهيل للمراكز الصحية تركزت في ريف إدلب الجنوبي والشرقي المحرر حديثًا، والذي تعرض لتدمير البنية التحتية بالفترة الأخيرة.
وأوضح العبد الله أن الخدمات الطبية تشمل الرعاية الصحية الأولية الأساسية من عيادات وإسعاف وصيدلية، وتوفير خدمة اللقاح التي تأتي من أولويات الخدمة الطبية، إضافة إلى الخدمات التخصصية لبعض المراكز، وذلك بحسب حجم المركز والتعداد السكاني في المنطقة وضرورة الخدمة.
وتمثلت أغلب الصعوبات أمام إعادة تأهيل المراكز الصحية، بالدمار الشديد في الأبنية والبنية التحتية للمراكز، والتي تتطلب وقتًا وتكلفة مالية كبيرة لإنجاز الترميم، فضلًا عن نقص اليد العاملة.
وفيما يخص معايير اختيار المراكز الصحية، بيّن العبد الله أن ذلك تم بناء على الرؤية المستقبلية للخارطة الصحية في محافظه إدلب خاصة بالمناطق المحررة حديثًا، بالإضافة إلى اعتماد المنشآت الطبية الموجودة سابقًا وهي ملك لوزارة الصحة أو مديرية صحة إدلب.
ولفت العبد الله إلى أنه لا يمكن تقدير التكلفة الإجمالية بدقة، لأن المشروع مجزأ وكل منظمة أو داعم سيتولى جزءًا من المشروع، مشيرًا إلى أنه “لا يوجد جدول زمني واضح، إذ إن المشاريع لم تنطلق في وقت واحد، لكن من المتوقع انتهاء الترميم في نهاية شهر أيلول”.
وأشار إلى أن الترميم يجري بالتعاون بين منظمات محلية ودولية، وهي تمول جزءًا كبيرًا من هذا المشروع، ويتم التنسيق مع مديرية صحة إدلب ووزارة الصحة، ويُتابع من قبل المكتب الهندسي في المديرية.
وحول الخطط المستقبلية التي تعمل عليها مديرية الصحة في إدلب، نوه العبد الله إلى أنها تشمل ترميم وتأهيل جميع المراكز الصحية والمستشفيات، وإعادة تشكيل الخارطة الصحية وتوزيع الخدمات الطبية بشكل عادل حسب الاحتياج بما يضمن سهولة الوصول ويوفر الخدمات الطبية المجانية لجميع السكان.
بنى تحتية مدمرة
حول الوضع الصحي الحالي في ريف إدلب، أوضح العبد الله أن البنى التحتية في الريف الجنوبي والشرقي مدمرة بالكامل، وتعتمد الخدمات الطبية في هذه المناطق على نقاط طبية وفرق جوالة وعيادات متنقلة، وهي غير كافية لكنها حل إسعافي مؤقت حتى ينتهي مشروع الترميم والتأهيل.
وتوجد خطة من مديرية صحة إدلب لتغطية هذه المراكز بالكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات بعد الانتهاء من إعادة التأهيل، وذلك عبر التنسيق مع وزارة الصحة، أو بالشراكة مع منظمات محلية ودولية، بحسب العبد الله.
كما ذكر العبد الله أن ما ستقدمه المراكز هو خدمات الرعاية الصحية الأولية، التي تشمل العيادات (الأطفال والداخلية والنسائية) وخدمة الإسعاف، واللقاح، والصيدلة، ومن الممكن أن يضاف إلى بعض المراكز مخبر التحاليل الطبية، وعيادات الصحة النفسية، وعيادات سوء التغذية، ويرجع ذلك إلى تعداد السكان وحجم المركز الصحي والقدرة على تقديم الخدمة.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي