تفجرت خلافات حادة خلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر، الذي انعقد الأحد الماضي، بعدما اصطدم رئيس الأركان إيال زمير برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعدد من أعضاء الحكومة خلال محاولته مناقشة إبرام صفقة جزئية للإفراج عن المحتجزين وإنهاء الحرب في غزة، بحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وذكرت الصحيفة أنه مع تمسك الحكومة بخطة السيطرة الكاملة على غزة، حذر قادة الجيش من أن تجاهل الاتفاق المطروح مع “حماس”، قد يجر إسرائيل إلى احتلال عسكري طويل الأمد، ويضيع فرصة الإفراج عن المحتجزين.
وأفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، الثلاثاء، بأن زمير وجه انتقادات حادة إلى نتنياهو وأعضاء البرلمان الآخرين خلال اجتماع عاصف مساء الأحد، واتهمهم بأنهم قرروا الآن فقط التعامل بجدية مع حركة “حماس” كمبرر لتوسيع الحرب، والتهرب من صفقة إطلاق سراح الرهائن المحتملة.
وجاءت تصريحات زمير، التي أوردتها قناة 13 الإسرائيلية، مساء الاثنين، ونقلتها الصحيفة، لتسلّط الضوء على اتساع الفجوة بين القيادة السياسية وقائد الجيش، في وقت تدفع فيه الحكومة بخطة مثيرة للجدل تستهدف السيطرة على مدينة غزة بدلاً من السعي إلى ترتيب لوقف إطلاق النار يمكن أن يؤدي إلى الإفراج عن ما لا يقل عن نصف المحتجزين المتبقين.
“اجتماع عاصف”
وكان من المقرر أن يبدأ الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، استدعاء تدريجي لـ60 ألف جندي احتياط استعداداً للعملية العسكرية واسعة النطاق، رغم المخاوف بشأن نقص القوى البشرية وإرهاق الجنود بعد ما يقرب من 23 شهراً من الحرب.
وذكرت تقارير نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مشاركين في الاجتماع لم تذكر أسماءهم، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي خاطب نتنياهو خلال اجتماع مجلس الوزراء الأمني المصغر بسخرية وبنبرة استياء قائلاً: “صباح الخير. أنتم من كنتم في الحكومة يوم 7 أكتوبر. والآن فقط تذكرتم الحديث عن هزيمة حماس؟ أين كنتم يوم السابع؟ الثامن؟ التاسع؟ الآن تتذكرون، بعد عامين؟”.
ووصفت تقارير إسرائيلية الاجتماع بأنه كان عاصفاً بشكل خاص، حيث ضغط زمير على الوزراء للنظر على الأقل في الصفقة المطروحة، محذراً من أن العملية العسكرية، قد تُغرق الجيش في قطاع غزة لفترة طويلة، وتجعله مسؤولاً عن احتلال عسكري شامل.
وطوال الحرب، ظل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يشدد على أن أهداف إسرائيل هي هزيمة “حماس” وإعادة المحتجزين، إلا أن الحملة حتى الآن فشلت في تفكيك الحركة، التي ما زالت قادرة على شن هجمات ضد القوات، وتحتفظ بنفوذ داخل القطاع، بحسب “تايمز أوف إسرائيل”.
وتواصل حركة “حماس” احتجاز 48 إسرائيلياً، يُعتقد أن ما لا يقل عن 20 منهم على قيد الحياة، وفق تقديرات إسرائيلية.
“حكومة عسكرية”
وتولى إيال زمير قيادة الجيش خلفاً لهرتسي هاليفي في أوائل مارس الماضي، وذلك بالتزامن مع انتهاء هدنة استمرت شهرين بين إسرائيل و”حماس” أُفرج خلالها عن عشرات المحتجزين.
وقال زمير، وفقاً للتقرير: “عندما توليتُ المنصب، لم تكن غزة مهزومة. اليوم، 70% من غزة قد هُزمت”.
وبحسب تقارير سابقة، شهد الاجتماع عدة مشادات بين زمير وعدد من النواب، الذين أصروا على المضي قدماً في الهجوم على مدينة غزة رغم معارضة زمير ومسؤولين كبار آخرين في جهاز الدفاع.
وأضاف زمير خلال الاجتماع، بحسب ما نقل موقع Ynet: “أنتم تتجهون نحو حكومة عسكرية. خطتكم تقودنا إلى هذا. استوعبوا العواقب”.
أما قناة 12 الإخبارية، فأفادت أن زمير قال لأعضاء المجلس الوزاري: “هناك إطار مطروح على الطاولة، ويجب أن نأخذه”. لكن “قناة 13” نسبت التصريح ذاته إلى رئيس جهاز الموساد دافيد برنياع، الذي يلعب دوراً أساسياً في المفاوضات غير المباشرة مع “حماس” بشأن اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
رفض الصفقة الجزئية
ووفقاً لعدة تقارير، أغلق بنيامين نتنياهو أي نقاش بشأن صفقة تبادل الأسرى خلال الاجتماع الماراثوني، قائلاً إنها ليست مطروحة على الطاولة، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغط عليه لعدم قبول أي صفقة جزئية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية دفعت، خلال الأسابيع الأخيرة بخطة السيطرة على مدينة غزة، رغم إعلان حركة “حماس” قبل أسابيع موافقتها على اتفاق مرحلي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يكاد يكون مطابقاً لاتفاق سبق أن وافقت عليه إسرائيل. غير أن تل أبيب تخلت رسمياً في هذه الأثناء عن الصفقات المرحلية، مطالبةً باتفاق شامل يضمن إعادة جميع الأسرى دفعة واحدة واستسلام “حماس”.
وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، قال رئيس أركان الجيش للوزراء إن عملية “مركبات جدعون”، (الهجوم الذي شنّه الجيش الإسرائيلي بعد انهيار اتفاق التبادل السابق، وانتهى بسيطرته على نحو 75% من غزة) قد وفّرت الظروف المناسبة لعودة المحتجزين. وأكد أن الجيش قادر على استئناف القتال إذا تم التوصل إلى الاتفاق.
لكن نتنياهو جادل بأن استعادة الأراضي، التي قد تنسحب منها إسرائيل خلال وقف إطلاق النار قد يستغرق 6 أشهر، ويكلف حياة جنود، محذراً في الوقت نفسه من احتمال امتناع الولايات المتحدة عن دعم استئناف القتال.
ومن المتوقع أن تبدأ إسرائيل، الثلاثاء، استدعاء 60 ألف جندي خلال الأشهر المقبلة، إذ سبق أن أعلن الجيش الإسرائيلي، الشهر الماضي، أنه سيتم إبلاغ ما بين 40 إلى 50 ألف جندي احتياط بمهامهم الثلاثاء، تليها دفعة ثانية في نوفمبر وديسمبر، وثالثة في فبراير ومارس 2026.
ويضاف هذا العدد إلى عشرات آلاف الجنود الاحتياط الذين يخدمون بالفعل. كما يمدد الجيش فترة خدمة نحو 20 ألف جندي احتياط حالياً لمدة 30 إلى 40 يوماً إضافياً، ما يرفع إجمالي عدد الجنود الاحتياط قيد الخدمة في أي وقت خلال العملية إلى حوالي 130 ألفاً، بحسب “تايمز أوف إسرائيل”.