أعلن النائب الديمقراطي الأميركي جيري نادلر، الرئيس السابق للجنة القضائية في مجلس النواب، والذي ساهم في قيادة إجراءات عزل الرئيس دونالد ترمب، أنه لن يترشح لفترة جديدة في انتخابات التجديد النصفي 2026، ليُنهي مسيرةً امتدت لـ 34 عاماً بالكونجرس، وضعته في قلب معارك حقوق مدنية كبرى وثلاث محاكمات عزل رئاسية.

وسيُشعل قرار نادلر، على الأرجح، معركة انتخابية تمهيدية حامية الوطيس على مقعد ديمقراطي شاغر نادر في قلب مانهاتن، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.

وأشار نادلر (78 عاماً)، الذي خدم في الكونجرس منذ عام 1992، إلى أنه لن يسعى لإعادة انتخابه العام المقبل، مستجيباً لدعوة لتغيير الأجيال التي تُقلق حزبه، وفي مقابلةٍ أُجريت معه مؤخراً في مكتبه بوسط مانهاتن، قال نادلر إنه “تردد في قراره، عندما رأى أن ترمب يُهدد أسس الديمقراطية”، لكنه قال إنه “كان مُقتنعاً بأن الوقت قد حان لتغيير الحرس”.

وأضاف نادلر أن “مشاهدة ما حدث مع الرئيس السابق جو بايدن (انسحابه من انتخابات الرئاسة) قالت حقاً شيئاً عن ضرورة التغيير الجيلي في الحزب، وأعتقد أنني أريد احترام ذلك”، مضيفاً أن شخصاً أصغر سناً “ربما يمكنه أن يفعل ما هو أفضل، وربما يمكنه مساعدتنا أكثر”.

وكان نادلر، النائب اليهودي، قد انجرف بالفعل في صراع داخلي بالحزب بشأن القادة المتقدمين في السن، وأُجبر على التخلي عن قيادته للجنة القضائية في مجلس النواب في بداية فترته الحالية.

وأطلع نادلر صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي، على خططه بشرط ألا تُنشر إلا الاثنين، حيث تحدث لمدة ساعة عن انتصاراته ومخاوفه وآرائه المتغيرة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة، وهو محاط بخرائط قديمة لمانهاتن، ولافتات من 16 عاماً في جمعية الولاية، وصورة مع بيلا أبزوج، عضوة الكونجرس السابقة ومرشدته السياسية.

ولم يُناقش نادلر من سيخلفه، مُقراً باحتمالية ترشح العديد من حلفائه، لكن شخصاً مُطلعاً على تفكيره، قال إن نادلر يُخطط لدعم مساعده السابق المُخلص، ميكا لاشر، في حال ترشحه، كما رفض تسمية زملاء مُحددين يعتقد أنهم يجب أن يتقاعدوا، مع أنه أقرّ بأن على الديمقراطيين المُسنّين الآخرين التفكير في الأمر.

وتابع: “أنا لا أقول إنه يجب علينا تغيير الحزب بأكمله، لكنني أعتقد أن قدراً مُعيناً من التغيير مُفيد جداً، خاصةً في ظلّ تحدّي ترمب وفاشيته الناشئة”، وفق قوله.

من هو جيري نادلر؟

وتخرج نادلر من مدرسة دينية، وهو ابن مزارع دجاج، وشق طريقه السياسي في مانهاتن مع مجموعة من الإصلاحيين من حقبة فيتنام، عُرفوا باسم “أطفال الجانب الغربي”، بينما كان لا يزال طالباً في جامعة كولومبيا. 

ولسنوات، حاول نادلر إيجاد مساحة لسياسة “مؤيدة لإسرائيل وتقدمية في آن واحد”، لكنه أقر في المقابلة بأن “مواصلة إسرائيل للحرب الوحشية في غزة” لم تقلب الديمقراطيين ضد حليف سابق “إلى حد كبير فحسب”، بل جعلت موقفه أكثر صعوبة على نحو متزايد.

وقال: “لا أعرف ماذا أقول في هذه المرحلة، لا أستطيع الدفاع عما تفعله إسرائيل”، كما انتقد نادلر حركة “حماس” بشدة، وقال إنه لا يزال يؤمن بحل الدولتين في المنطقة.

ورغم ذلك، قال نادلر إنه لا يتفق مع مقولة أن إسرائيل “ترتكب إبادة جماعية في غزة”، لكنه قال إن “إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ترتكب جرائم قتل جماعي وجرائم حرب في غزة من دون شك”.

ولأول مرة، قال نادلر إنه عند عودة الكونجرس في وقت لاحق من هذا الشهر، يعتزم الانضمام إلى عدد متزايد من المشرعين الديمقراطيين الذين يحاولون استخدام صلاحيات الكونجرس لمنع نقل الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل، لكنه قال إنه “سيظل يصوت لتمويل أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية”.

ولعب نادلر دوراً في عدد من أكبر النقاشات السياسية والثقافية منذ ذلك الحين، بما في ذلك تأييده مؤخراً لزهران ممداني لمنصب عمدة مدينة نيويورك.

وفي عام 2001، ضمت دائرة نادلر الانتخابية مركز التجارة العالمي، وقضى سنوات يكافح من أجل الحصول على تمويل فيدرالي لإعادة بناء المنطقة ورعاية سكان نيويورك الذين أصيبوا بأمراض ناجمة عن الأبخرة السامة في موقع مركز التجارة العالمي بعد هجمات 11 سبتمبر.

وبلغ نادلر ذروة شهرته الوطنية خلال الولاية الأولى لترمب، إذ كان الرجلان قد تنازعا منذ ثمانينيات القرن الماضي بشأن مشاريع تطوير مانهاتن، ووصف ترمب نادلر ذات مرة بأنه “أحد أكثر المتطفلين فظاعةً في السياسة المعاصرة”، وذلك بصفته رئيساً للجنة القضائية، وأصبح نادلر من أقوى المؤيدين لعزل ترمب.

ونجح في النهاية، حيث أدار إجراءات العزل عبر لجنته عام 2019، لكن آراءه المتشددة وعدم رغبته في الالتزام بنقاط الحوار أزعجت رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي، التي همّشته في لحظات حاسمة لصالح النائب آدم شيف.

شاركها.