كشفت تقارير إسرائيلية أن كبار قادة الأمن والوزراء يمارسون ضغوطاً على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت مع حركة حماس، بدلاً من توسيع العملية البرية ضد مدينة غزة وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال».
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء الأمني استمر ست ساعات مساء الأحد، حذّر رئيس الأركان إيال زمير من أن التقدم نحو عملية واسعة قد يقود إلى فرض حكم عسكري إسرائيلي مباشر على غزة. كما أعرب رئيس جهاز «الموساد» دافيد برنيع ووزير الخارجية غدعون ساعر عن تحفظات مشابهة، ودعوا إلى صفقة مع «حماس» للإفراج عن بعض المحتجزين الإسرائيليين.
انقسام متعمق حول أهداف الحرب
يعكس هذا الخلاف فجوة آخذة بالاتساع بين نتنياهو وأركان المؤسسة الأمنية. فقد اشتكى قادة عسكريون من غياب رؤية واضحة لنهاية الحرب، بينما يواصل نتنياهو الدفع نحو معركة غزة رغم المعارضة الداخلية المتزايدة والانتقادات الدولية.
وحذّر زمير من أن انهيار حكم «حماس» قد يجعل إسرائيل مسؤولة قانونياً عن توفير الخدمات الأساسية لسكان القطاع، مثل الصحة والتعليم والصرف الصحي، وهو ما قد يكلف الخزينة نحو 10 مليارات دولار سنوياً.
أما ساعر، فقد أبدى قلقه من الكلفة الدبلوماسية لمواصلة الحرب في ظل تزايد الانتقادات بشأن الخسائر المدنية، مشدداً على ضرورة إنقاذ أكبر عدد ممكن من المحتجزين قبل أن يتفاقم الضغط الدولي.
معضلة المحتجزين وضغط الجيش
يرى معارضو العملية أن التوغل في غزة يعرض المحتجزين والجنود الإسرائيليين لمخاطر جسيمة. كما عارض زمير احتلالاً كاملاً للقطاع بسبب إنهاك قوات الاحتياط بعد استدعائها المتكرر منذ ما يقارب العامين.
القائد العسكري السابق للمنطقة الجنوبية، إسرائيل زيف، علّق قائلاً: “العملية ستكلف ثمناً باهظاً، وفي النهاية لن تعيد المحتجزين”.
وفي أغسطس الماضي، أشار زمير إلى أن الجيش “هيأ الظروف” لإبرام صفقة تبادل، معتبراً أن الدور الآن بيد القيادة السياسية. في المقابل، جددت «حماس» استعدادها لوقف إطلاق نار يتضمن إطلاق رهائن مقابل تفاوض على إنهاء الحرب، وهو ما رفضه مكتب نتنياهو واعتبره “مناورة إعلامية”.
التحضيرات العسكرية مستمرة
رغم التحفظات، يواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته. فقد بدأ بالتحرك في أطراف غزة حيث يعيش مئات الآلاف من الفلسطينيين ويُعتقد بوجود رهائن، إضافة إلى استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط.
ويصر نتنياهو على أن مدينة غزة تمثل “معقل حماس” ويعتبر العملية ضرورية للقضاء على الحركة. وتشترط حكومته إنهاء الحرب فقط إذا سلّمت «حماس» السلاح وأفرجت عن جميع المحتجزين وتخلت عن السلطة لصالح إدارة مدنية تحت إشراف أمني إسرائيلي.
لكن هذه الشروط رفضتها «حماس»، فيما يؤكد الوسطاء وعائلات المحتجزين أنها غير واقعية وتعرقل التوصل إلى اتفاق.
جمود في المفاوضات
كانت «حماس» قد أبدت استعدادها لصفقة تشمل هدنة لـ60 يوماً، يتم خلالها تسليم 10 رهائن مقابل إفراج عن أسرى فلسطينيين، مع بدء مفاوضات حول هدنة دائمة. غير أن إسرائيل لم تقدم رداً واضحاً للوسطاء، ما أبقى المفاوضات في حالة جمود.
وقد أثارت مواقف نتنياهو صدامات متكررة مع قادة الأمن، انتهى بعضها بإقالة مسؤولين بارزين، بينهم وزير دفاع سابق ورئيس سابق لـ«الشاباك». ويتهمه منتقدوه بإطالة أمد الحرب حفاظاً على بقائه السياسي، بينما يعتمد ائتلافه على وزراء يمينيين متشددين يعارضون وقف الحرب ويدعون إلى إعادة بناء مستوطنات إسرائيلية في غزة.