مع غروب شمس الجمعة، كان حيّ الأمل بمدينة رأس غارب يعيش ساعاته الاعتيادية؛ أصوات الأطفال في الشوارع، والباعة يتأهبون لإغلاق محالهم مع اقتراب المساء. لم يتوقع أحد أن هدوء الحي سيتحول خلال دقائق إلى صرخات واستغاثات تهز القلوب.

في تمام الرابعة وعشر دقائق، تلقت غرفة طوارئ البحر الأحمر استغاثة عاجلة: مشاجرة دامية داخل أسرة واحدة. سيارات الإسعاف انطلقت مسرعة، لتصل إلى منزل صغير كان أشبه بساحة صراع.

داخل المنزل، كانت المأساة قد وقعت بالفعل.

هـ. م. م. (37 عامًا) ملقى أرضًا، يضغط بيد مرتجفة على ذراعه اليمنى التي نزفت بغزارة بعد أن قطعت الشرايين والأعصاب.

إلى جواره، والده م. م. ف. (68 عامًا) يحاول الصمود رغم الجرح الغائر في أذنه والكدمات التي غطت جسده.

أما الأم، هـ. م. ص. (61 عامًا)، فقد كانت الصدمة الأكبر.. جثة هامدة بعد أن تلقت 21 طعنة نافذة اخترقت صدرها وقلبها وبطنها، لتكتب نهاية دامية لحياتها على يد أقرب الناس إليها.

تقول مصادر طبية من مستشفى رأس غارب التخصصي: “وصلت الحالات في وضع حرج، الأم كانت قد فارقت الحياة قبل وصولها، بينما يخضع الابن والزوج لمحاولات مستمرة لإسعافهما.”

التحريات الأولية كشفت عن مفاجأة صادمة: الجاني لم يكن غريبًا، بل هو ابن الضحايا، شاب خرج مؤخرًا من إحدى المصحات النفسية، ليعود إلى أسرته التي لم تدرك أن ما تحمله من حب وقلق قد ينقلب إلى كارثة دامية.

في الحي، يسرد الجيران تفاصيل عن العائلة التي عُرفت بهدوئها: “لم نرَ منهم إلا كل خير.. لم نتخيل أن ابنهم يمكن أن يرتكب شيئًا كهذا.”

الجريمة التي هزت رأس غارب لا تزال قيد التحقيق، فيما يرقد الأب والابن في المستشفى بين الحياة والموت، بينما تستعد النيابة لسماع الشهادات، وإصدار قراراتها بشأن المتهم.

وهكذا، في لحظة غاب فيها العقل، تحولت منطقة الأمل إلى مسرح لمأساة أليمة، ستظل حاضرة في ذاكرة المدينة طويلًا.

المصدر: صدى البلد

شاركها.