دلال العطاوي

مع انطلاق العام الدراسي الجديد، يتجدد الالتزام المجتمعي بحماية أبنائنا الطلبة وتوفير البيئة التعليمية الآمنة لهم، ومن هنا يبرز دور المسؤولية المشتركة بين الأسرة والمدرسة والجهات العدلية في صون حقوق الطفل ورعايته. فالأسرة هي الركيزة الأولى التي تحمي الطفل نفسياً وجسدياً، إذ عليها أن تغرس في أبنائها الوعي بأن أجسادهم لها خصوصية لا يجوز لأحد التعدي عليها، وأن يرفضوا بحزم أي محاولة للتحرش أو التنمر أو الاستمالة من الغرباء، وأن يبلغوا مباشرة أولياء أمورهم أو معلميهم عند مواجهة أي موقف سلبي.

كما يجب أن تُعلّم الأسرة أبناءها عدم التجاوب مع الغرباء أو قبول الهدايا أو مرافقة الغرباء مهما كانت الإغراءات المقدمة، وأن تزرع فيهم الثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم بلا خوف من العقاب أو التوبيخ.

ونؤكد على أهمية متابعة استخدام الأطفال لوسائل التواصل الاجتماعي وتوجيههم للاستخدام الآمن وحمايتهم من التنمر الإلكتروني.

ومن هذا المنطلق يأتي دور النيابة العامة كضمانة قانونية راسخة لحماية الأطفال، حيث تستقبل البلاغات المتعلقة بالإساءة أو الاعتداء، وتتخذ الإجراءات القانونية الحازمة بحق المعتدين على الأطفال، كما تقدم النيابة عبر قسم البحث الاجتماعي ومبادرة رعاية برامج دعم وتأهيل للأطفال ضحايا الجريمة بالتعاون مع الشركاء الرئيسين في المبادرة؛ مما يحقق مصلحة الطفل الفضلى.

لا سيما أن مملكة البحرين عززت هذا التوجه التشريعي من خلال قانون الطفل رقم (37) لسنة 2012 الذي أكد على حق الطفل في الحماية من كافة أشكال العنف والإهمال، وكذلك قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة رقم (4) لسنة 2021 الذي رسّخ مبدأ أن المصلحة الفضلى للطفل هي الأساس في جميع الإجراءات، بما يضمن توفير بيئة مستقرة للطفل ودمجه في المجتمع وصون مستقبله.

ومن هنا، فإن العودة إلى المدارس لا تقتصر على تجهيز الأدوات المدرسية فحسب، بل هي مناسبة لتجديد عهد الأسرة مع أبنائها على المتابعة اليومية الدقيقة، والتأكد من عودتهم بسلام، وملاحظة أي تغييرات مفاجئة في سلوكهم أو مستواهم الدراسي، والاستماع لهم بإصغاء لتشجيعهم على المصارحة، وزرع ثقافة الحوار والثقة المتبادلة، لتتكامل جهود الأسرة والمدرسة والنيابة العامة في حماية الأطفال وبناء جيل واعٍ، محميّ من المخاطر، ومهيأ علمياً ونفسياً ليكون لبنة صالحة في خدمة نفسه ومجتمعه ومملكة البحرين.

* رئيس مجموعة البحث الاجتماعي

شاركها.