طلبت بولندا من حلفائها تزويدها بأنظمة دفاع جوي إضافية وتقنيات مضادة للطائرات المُسيرة لحماية أراضيها مما وصفته بـ”التوغلات الروسية”، وفرضت قيوداً على أجوائها في الحدود الشرقية.

وجاء هذا الطلب بعدما أعلنت الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إسقاط طائرات مُسيرة عبرت أجواءها خلال موجة هجمات جوية روسية واسعة على أوكرانيا، حسبما ذكرت مصادر مطلعة لـ”بلومبرغ”.

وقالت المصادر إن وارسو تجري مشاورات مع حلفائها في “الناتو” بشأن مساعدات إضافية.

وبحث حلفاء “الناتو” الحادثة الأربعاء، بعد أن فعّلت بولندا المادة الرابعة من معاهدة الحلف، التي تفتح الباب أمام مشاورات قد تؤدي إلى تحرك منسق بين الدول الأعضاء.

وقال وزير الخارجية البولندي رادوسواف سيكورسكي، في مؤتمر صحافي بوارسو: “نحتاج إلى صواريخ باتريوت لأن الطائرات المُسيرة ليست التهديد الروسي الوحيد لأجوائنا، نحتاج أيضاً إلى جدار مضاد للطائرات المُسيرة”.

وذكرت وكالة خدمات الملاحة الجوية البولندية في بيان، أنه تم حظر تحليق الطائرات المسيرة وفرض قيود تؤثر في الغالب على حركة الطائرات الصغيرة غير التجارية في المجمل، على طول حدودها الشرقية مع بيلاروس وأوكرانيا، بعد اختراق طائرات مسيرة هذا الأسبوع لمجالها الجوي.

وقالت الوكالة إن القيود، التي لا تؤثر على حركة الركاب، دخلت حيز التنفيذ في الساعة 22:00 بتوقيت جرينتش الأربعاء، وتطبق حتى التاسع من ديسمبر .

وأضافت أنه لن يسمح بالرحلات الجوية إلا على ارتفاع حوالي 3 كيلومترات فوق مستوى سطح الأرض. وتحلق الرحلات التجارية عادة على ارتفاعات أعلى من ذلك.

“اختبار جاهزية الرد”

وقال الرئيس البولندي كارول نافروتسكي، الخميس، إن دخول طائرات مسيرة روسية إلى المجال الجوي البولندي كان “محاولة لاختبار قدرة بولندا وحلف شمال الأطلسي على الرد”.

وذكر مصدر مطلع لـ”بلومبرغ”، إن أحد الخيارات قيد البحث هو إعادة نشر بعض من طائرات “تايفون” الست التي كانت متمركزة في بولندا ضمن بعثة المراقبة الجوية التابعة لـ”الناتو” حتى 6 أسابيع مضت.

وكتب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك في منشور على منصة “إكس” أنه تلقى، خلال اتصالات مع قادة فرنسا وبريطانيا وأوكرانيا وإيطاليا وألمانيا وهولندا، الأربعاء، “ليس فقط تعبيرات عن التضامن مع بولندا، بل قبل كل شيء مقترحات دعم ملموس لتعزيز دفاعاتنا الجوية”.

ورجحت “بلومبرغ”، أنه ربما يكون من الصعب على الحلفاء تزويد بولندا بأنظمة متقدمة مثل “باتريوت”. 

وقال نائب وزير الدفاع الألماني ينز بلوتنر: “نعتقد بشكل جماعي في الوقت الراهن، وبالنظر إلى الغارات التي يشنها الجيش الروسي على أوكرانيا، أن مكان هذه الأنظمة الأمثل مستقبلاً هو داخل أوكرانيا”، مضيفاً: “هذا لا يعني أننا نتنصل من مسؤوليتنا في الناتو”.

وبعيداً عن المشاورات، يتطلب أي تحرك إضافي منسق على مستوى حلف “الناتو” إجماع الحلفاء، بما في ذلك دعم الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال ترمب في منشور على منصة “تروث سوشيال”: “ما قصة انتهاك روسيا لأجواء بولندا بطائرات مُسيرة؟ ها نحن ذا!”، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

إجراءات جديدة ضد روسيا

وتأتي هذه الحادثة في وقت تدرس فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إجراءات جديدة لمعاقبة روسيا على استمرار حربها ضد أوكرانيا.

وقال ترمب لمسؤولين أوروبيين، الثلاثاء، إنه مستعد لفرض رسوم جمركية واسعة على الهند والصين لدفع بوتين إلى طاولة المفاوضات مع أوكرانيا، لكن فقط إذا انضمت دول الاتحاد الأوروبي إلى هذه الخطوة.

وأقلعت مقاتلات بولندية وهولندية في الساعات الأولى من صباح الأربعاء لاعتراض بعض الطائرات المُسيرة الروسية، فيما وُضعت منظومات “باتريوت” الألمانية في بولندا في حالة تأهب، وأُطلقت طائرات حليفة أخرى لدعم المهمة.

وسجلت السلطات البولندية 19 انتهاكاً لأجوائها، انطلق عدد كبير من الطائرات المُسيرة خلالها من الأراضي البيلاروسية.

وبينما يواصل مسؤولون بولنديون التحقيق في الحادثة، ندد توسك بانتهاك الأجواء ووصفه بأنه “عمل عدواني”، مؤكداً أنه يشكل “استفزازاً متعمداً” من موسكو. وأجبرت الواقعة الدولة العضو في “الناتو” والاتحاد الأوروبي على إغلاق مجالها الجوي وأمرت المواطنين في الجزء الشرقي من البلاد بالبقاء في منازلهم.

وقال توسك خلال جلسة للبرلمان في وارسو: “لا يوجد سبب للقول إننا في حالة حرب حالياً. لكن لا شك أن هذا الاستفزاز تجاوز كل الحدود السابقة، وهو أكثر خطورة على بولندا بما لا يقارن مع أي استفزازات سابقة”.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان على “تليجرام”، إن قواتها لم تستهدف أي مواقع في بولندا، موضحة أن الضربة الليلية كانت موجهة إلى مصانع دفاعية أوكرانية، لكنها أضافت أنها “مستعدة لإجراء مشاورات حول هذا الموضوع مع وزارة الدفاع البولندية”.

واستدعت وزارة الخارجية البولندية القائم بالأعمال الروسي المؤقت في وارسو، حسبما أفادت وكالة “ريا نوفوستي”.

من جانبها، قالت وزارة الدفاع البيلاروسية إن قواتها رصدت طائرات مُسيرة خرجت عن مسارها بسبب التشويش الإلكتروني، وأبلغت السلطات البولندية والليتوانية بذلك، وفقاً لبيان على “تليجرام”.

شاركها.