– الحسكة

يواجه مربّو المواشي في مدينة القامشلي التابعة لمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، خسائر بسبب تزايد نفوق الحيوانات نتيجة انتشار مرض “الحمى الزائلة” و”الحمى القلاعية”، والنقص الحاد في الأدوية والعلاجات البيطرية المناسبة.

ويزيد الأمر سوءًا غياب المراكز المتخصصة التي تسهم في مراقبة الحيوانات المصابة وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لها.

ويشير العديد من المربين إلى أنهم خسروا عشرات الرؤوس من مواشيهم في فترة زمنية قصيرة، دون وجود دعم حقيقي أو تدخل من الجهات المعنية.

أبقار القامشلي تحت رحمة الوباء

يصف مربون للمواشي تحدثوا إلى، الوضع الذي يعيشونه بـ”المأساوي”، إذ قال فادي داري، أحد المربين، “نصف أبقاري نفقت، ولم تعد العلاجات المتوفرة تجدي نفعًا”.

وبرأي فادي، فإن الحل يكمن في توفير لقاحات ضرورية، لكنه يشتكي من استغلال التجار الذين يبيعون لقاحات “مغشوشة” لا تجدي نفعًا.

ولا تختلف حال عبد الرحمن جمعة، الذي قال إنه خسر ما يقارب 60 رأسًا من أبقاره، تُقدّر قيمتها بنحو 80,000 دولار.

وأكد أنه لم يجد تفسيرًا واضحًا من الأطباء البيطريين لسبب هذا النفوق الجماعي.

هذا الغموض يزيد من إحباط المربين، ويجعلهم يشعرون بالعجز التام أمام هذا الخطر المجهول.

“الحمى الزائلة”.. الأعراض والآثار

يُجمع المربون والأطباء على أن مرض “الحمى الزائلة” يبدأ بأعراض واضحة و”مخيفة”، ويتحدثون عن ارتفاع حاد في درجة حرارة الأبقار، تصل إلى 43 درجة مئوية، يصاحبه ارتفاع في معدل التنفس أو ما يُعرف بـ”التنفس البطني”.

كما يظهر العرج في أحد الأطراف، وهو ما يجعل الحيوان غير قادر على الحركة، بحسب طبيب بيطري في قسم الثروة الحيوانية بالقامشلي، فضل عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، مؤكدًا أن هذه الأعراض هي سمة أساسية لمرض “الحمى القلاعية”، وهو مرض فيروسي شديد العدوى.

وأشار الطبيب إلى أن تفشي الوباء يعود إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها الظروف الجوية القاسية وارتفاع درجات الحرارة.

العنصر الأهم والذي يفاقم الأزمة، بحسب الطبيب، هو فقدان لقاحات أساسية مثل لقاح “الحمى القلاعية” الروسي، والذي لم يعد متوفرًا في المنطقة منذ عام 2011.

ويترك هذا النقص الحاد في اللقاحات المربين وقطعانهم عرضة للأمراض دون أي حماية، وفق الطبيب.

ويرى أن صحة الحيوانات ترتبط بشكل مباشر بسلامة بيئتها، مؤكدًا أن المناطق ذات التهوية الجيدة والنظافة تسهّل عملية التعافي من الأمراض، بينما تزيد البيئات الملوثة من صعوبة مقاومة الأوبئة.

وأشار إلى أن التخلص غير السليم من الحيوانات النافقة يفاقم هذه المشكلات، مشددًا على أن غياب البنية التحتية المناسبة لهذه العملية يسهم في انتشار الأمراض.

وحذر الطبيب من ال، داعيًا إلى ضرورة الإشراف البيطري، والتركيز على استخدام خافضات الحرارة ومقويات المناعة بدلًا من المضادات الحيوية، التي قد تكون غير فعالة وتزيد من مقاومة البكتيريا.

كما أكد الطبيب أهمية الشراكة بين الإدارة المحلية والمربين والأطباء البيطريين لضمان استدامة الثروة الحيوانية.

وطالب السلطات بإنشاء مواقع مخصصة للتخلص من الحيوانات النافقة بشكل صحي، مشددًا على أن دور الأطباء البيطريين يجب أن يكون داعمًا للمربين، باعتبارهم حجر الزاوية في هذا القطاع الحيوي.

ما الفرق بين “الزائلة” و”القلاعية”

حول أنواع الحمى التي أصابت الأبقار في مدينة القامشلي، قال الطبيب البيطري ماهر إسماعيل العلوش، ل، وهو مدرس في الثانوية البيطرية والزراعية بدير الزور، إن “الحمى القلاعية” هي مرض يصيب الحيوانات ذات الظلف فقط ويسبب تقرحات في الفم والضرع، ولا يوجد له علاج مباشر، والوقاية الوحيدة هي اللقاح.

لكن المشكلة تكمن في أن الفيروس له سبع “عترات” (تحور فيروسي) مختلفة، مما يتطلب معرفة “العترة” السائدة لتقديم اللقاح الصحيح.

“الحمى الزائلة”، أو حمى الثلاثة أيام، تتميز بارتفاع حرارة الحيوان لمدة ثلاثة أيام فقط.

ولا يوجد لقاح لهذا المرض في سوريا، ويعتمد علاجه على إعطاء مسكنات وفيتامينات، بالإضافة إلى استخدام قطعة قماش مبللة بالماء لتبريد جسم الحيوان.

المشكلة الكبرى تكمن في غياب الرقابة على الحدود، مما يسمح بدخول أمراض جديدة للمنطقة، كما أن هناك نقصًا في الخبرة البيطرية، وغيابًا للمختبرات المتخصصة، مما يجعل التشخيص صعبًا، بحسب الطبيب العلوش.

وأضاف أن قطاع الثروة الحيوانية يعاني من تحديات بيئية واقتصادية مثل الجفاف وارتفاع تكاليف العلاج.

كل هذه العوامل تؤدي إلى فوضى عارمة، وتؤكد ضرورة وضع خطة واضحة للتحصينات ومراقبة الأدوية واللقاحات، وفق الطبيب.

حرق الأبقار النافقة

نفت “الإدارة الذاتية”، وهي الذراع المؤسساتية في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سوريا، تفشي وباء بين الأبقار في مدينة القامشلي.

وذكرت “الإدارة”، بحسب ما نقلته وكالة “نورث برس” العاملة شمال شرقي سوريا، في 19 من آب الماضي، أنها التقت بأطباء بيطريين مختصين، وانتهت جولتها إلى “التأكد من سلامة الثروة الحيوانية وخلوها من أي أمراض وبائية”.

بالمقابل، قال مكتب الصحة في “بلدية الشعب” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” بمدينة القامشلي، إنه أجرى جولة ميدانية بعد تلقيه شكاوى هاتفية عن وجود حيوانات نافقة على الطريق الزراعي في قرية أم الفرسان.

وأشار إلى وجود عدد “كبير” من الأبقار والأغنام النافقة التي يُعتقد أنها أصيبت بمرض “الحمى القلاعية” شديد العدوى.

وللحد من انتشار المرض، اتخذ المكتب الصحي إجراءات عاجلة بالتنسيق مع شعبة النظافة ومكتب الضابطة، حيث حُفرت حفرة كبيرة لجمع الحيوانات النافقة وحرقها بمادة المازوت لضمان التخلص الصحي منها، ومن ثم رُدمت الحفرة بالكامل.

وأكد مكتب الصحة، وفق ما نشرته “بلدية الشعب” في 22 من آب الماضي، جاهزيته التامة لاستقبال أي شكوى والتعامل معها فورًا حفاظًا على “الصحة العامة للمجتمع”، وفق تعبيره.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.