في مشهد يعكس كيف يمكن للوهم أن يتحول إلى كارثة، أحالت نيابة شمال الجيزة الكلية شابًا في السابعة والثلاثين من عمره، يعمل فنيًا قضائيًا، إلى محكمة الجنايات، لاتهامه بهتك عرض طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، بعدما استدرجها عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي مستغلًا رغبتها في الحصول على “تسريبات الامتحانات”.
بداية الحيلة: “معلم وهمي” ووعود كاذبة
التحقيقات كشفت، عن أن المتهم تواصل مع الطفلة في شهر أبريل 2025 عبر إحدى المجموعات الإلكترونية، مدعيًا أنه معلم ولديه القدرة على تسريب أسئلة الامتحانات، وبحيلة رخيصة، طلب منها أن ترسل له صورًا ومقاطع ذات طبيعة جنسية مقابل تمكينها من الامتحانات، فاستجابت، مدفوعة بحداثة سنها وعدم وعيها.
يقظة الأسرة ودور الأمن
أسرة الطفلة لم تتأخر في كشف الأمر، إذ سارعت إلى إبلاغ الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، وبالفعل باشرت الأجهزة الأمنية تحرياتها، وتوصلت إلى المتهم الذي تم ضبطه واعترف بارتكاب الواقعة.
جاء التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات جاء ليحسم الشك باليقين، فالهاتف المحمول الخاص بالمتهم احتوى على رقم المجني عليها، كما تبين وجود محادثات مسجلة عبر تطبيق “واتساب” تضمنت عبارات وطلبات استدرجها بها لإرسال الصور والفيديوهات.
اتهامات مشددة ورسالة قانونية
النيابة العامة نسبت إلى المتهم تهمًا ثقيلة، وهي هتك عرض طفلة لم تبلغ 18 عامًا بغير قوة أو تهديد، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة عبر طلب وحيازة صور ومقاطع جنسية تخصها.
وأكدت النيابة أن ما ارتكبه المتهم لا يمثل فقط اعتداءً فرديًا على المجني عليها، بل هو تهديد لمجتمع بأسره، لأن ترك مثل هذه الأفعال دون عقاب رادع يشجع على تكرارها ويعرض المزيد من الأطفال للخطر.
الردع العام.. الحماية قبل العقوبة
القضية لم تُطرح فقط كواقعة جنائية، وإنما كرسالة ردع عام: أن أي شخص تسوّل له نفسه استغلال ضعف الأطفال أو إغواؤهم عبر وسائل التواصل لن يفلت من العقاب.
خبراء قانونيون أوضحوا أن العقوبة المنتظرة قد تصل إلى السجن المشدد لسنوات طويلة، بموجب نصوص قانون العقوبات وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وهو ما يمثل إنذارًا رادعًا لأي متهم محتمل.
خطورة الفضاء الإلكتروني
الواقعة فتحت باب التساؤلات حول خطورة ترك الأطفال دون رقابة على الإنترنت، في ظل انتشار مجموعات وهمية تعدهم بالنجاح السهل أو المكاسب السريعة. وتؤكد الأجهزة الأمنية أن متابعة نشاط الأبناء الرقمي لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحمايتهم من فخاخ الابتزاز والاستغلال.
القانون يحمي المجتمع
قضية “فني قضائي الوراق” ليست مجرد ملف جنائي عابر، بل محطة تؤكد أن العدالة تتدخل بقوة لحماية القاصرات، وأن النيابة العامة مصممة على استخدام القانون ليس فقط لمعاقبة الجاني، بل لبث رسالة ردع عام تحمي المجتمع بأسره.