في واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بداية العدوان، تحوّلت غزة إلى ساحة مفتوحة للدمار، حيث اشتعلت الخيام وسُوّيت الأحياء بالأرض، بينما تواصل طيران الاحتلال قصفه المكثف على مختلف مناطق القطاع من شماله إلى جنوبه.
من الصبرة والزيتون شرقًا، إلى جباليا شمالًا، مرورًا بـ دير البلح والنصيرات وخانيونس، لم تسلم أي منطقة. حتى “المناطق الآمنة” التي دُفع إليها النازحون تحوّلت إلى مقابر جماعية بفعل القصف العنيف الذي طاول الخيام المكتظة بالنساء والأطفال.
لكن الجديد هذه المرة كان في الوسيلة: روبوتات انتحارية محمّلة بأطنان من المتفجرات، تزرع في عمق الأحياء قبل أن تنفجر، في مشهد يعكس تحولًا نوعيًا في أدوات الحرب الإسرائيلية، ويثير مجددًا تساؤلات حول تورط الإدارة الأميركية ودعمها غير المشروط لحكومة نتنياهو.
تأتي هذه المجازر في سياق سياسي مشحون، حيث يرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول استثمار التصعيد الدموي لتقديم أوراق اعتماد جديدة داخل أروقة السياسة الأميركية، خصوصًا في إطار تقاربه المتسارع مع السيناتور الجمهوري ماركو روبيو.
ورغم الجوع والدمار، تؤكّد غزة مجددًا أنها لن تركع. لا نزوح جماعي، ولا استسلام، بل إصرار على البقاء في وجه آلة القتل.
غزة تحترق، لكن نيرانها تكشف أكثر فأكثر عن ثمن الصفقات الرخيصة التي تُعقد على جماجم الأطفال.