نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة”، أن سوريا تعمل تحت ضغط من الولايات المتحدة على تسريع المحادثات مع إسرائيل بشأن التوصل إلى اتفاق أمني.
وبحسب ما ذكرته الوكالة اليوم، الثلاثاء 16 من أيلول، نقلًا عن أربعة مصادر، فإن واشنطن تسعى لتحقيق تقدم كافٍ بحلول اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية أيلول الحالي للسماح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالإعلان عن تحقيق اختراق.
ويشارك الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في الدورة الـ80 من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كأول رئيس سوري يشارك في هذا الحدث منذ عام 1967، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية (سانا) في 10 من أيلول الحالي.
وقالت المصادر، إن أي اتفاق حتى وإن كان متواضعًا سيكون بمثابة إنجاز، مشيرة إلى الموقف الصارم الذي اتخذته إسرائيل خلال أشهر من المحادثات وموقف سوريا “الضعيف” بعد أحداث السويداء في تموز الماضي.
“رويترز” ذكرت أنها تحدثت إلى تسعة مصادر مطلعة على المناقشات والعمليات الإسرائيلية في جنوبي سوريا، بمن في ذلك مسؤولون عسكريون وسياسيون سوريون، ومصدران استخباراتيان ومسؤول إسرائيلي.
وقالوا إن الاقتراح السوري يهدف إلى تأمين انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في الأشهر الأخيرة، وإعادة فرض منطقة عازلة منزوعة السلاح تم الاتفاق عليها عام 1974، ووقف الضربات الجوية الإسرائيلية والتوغلات البرية في سوريا.
وذكرت المصادر أن المحادثات لم تتناول وضع مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، لكن مصدرًا سوريًا، قال إن أمر الجولان “سيترك للمستقبل”.
ووفق ما صرح به مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية لـ”رويترز”، فإن واشنطن “تواصل دعم أي جهود من شأنها تحقيق الاستقرار والسلام الدائمين بين إسرائيل وسوريا وجيرانهما”، في حين لم يُجب المسؤول عن أسئلة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ترغب في الإعلان عن تحقيق تقدم خلال اجتماعات الجمعية العامة.
مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قال لـ”رويترز” إن ترامب كان واضحًا عندما التقى الشرع، في أيار الماضي، بالرياض بأنه “يتوقع من سوريا أن تعمل من أجل السلام والتطبيع مع إسرائيل وجيرانها”.
وأضاف، “لقد دعمت الإدارة هذا الموقف بقوة منذ ذلك الحين، فالرئيس يريد السلام في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
الجولان مقابل الجنوب
نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إسرائيلي قوله، إن إسرائيل طرحت اقتراحًا على المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس براك، مفاده التنازل عن الجولان مقابل انسحاب إسرائيل من جنوبي سوريا.
وعرضت إسرائيل التنازل عن الجولان من قبل الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، مقابل الانسحاب من المواقع التي احتلتها في جنوبي سويا بعد سقوط الأسد في 8 من كانون الأول 2024.
وبحسب “رويترز”، فإن هذا المقترح “غير قابل للتنفيذ”، لأن أي تنازل عن الجولان يعني نهاية حكم الشرع.
وقال المسؤول الإسرائيلي، إنه بعد جس نبض سوريا عبر الوسيط الأمريكي تبين أن هذا الاقتراح “غير قابل للتنفيذ”.
مصادر “رويترز” ذكرت أن إسرائيل أبدت خلال المحادثات المغلقة “ترددًا في التنازل عن تلك المكاسب” (المناطق المحتلة بعد سقوط النظام).
المفاوضات بين سوريا وإسرائيل.. انعدام في الثقة و”الاتفاقات الإبراهيمية” بعيدة
يتبع المفاوضون السوريون والإسرائيليون “عملية تدريجية” على غرار الاتفاقات التي توصلت إليها إسرائيل مع مصر والتي مهدت الطريق لتطبيع العلاقات في عام 1980، بحسب “رويترز”.
وتضمن ذلك إعادة شبه جزيرة سيناء التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 إلى مصر، وفق الوكالة.
وقالت ستة مصادر مطلعة على المحادثات، إن إسرائيل لن تكون راغبة حتى في “الأمد البعيد” في إعادة الجولان، الذي اعترف به ترامب من جانب واحد كإسرائيلي في ولايته الأولى.
إسرائيل ترفع سقف “السلام” ودمشق غير مستعجلة
وقال مسؤول سوري لـ”رويترز”، إن الشرع فهم أن “أي تسوية بشأن الجولان تعني نهاية حكمه” وأبلغ براك أن الاتفاق الأمني يجب أن يرتكز على خطوط عام 1974.
وفي حين يبدو الشرع، وفق “رويترز”، مستعدًا لتسريع المحادثات مع إسرائيل لإرضاء واشنطن، فإنه يبقى “حذرًا”، وفقًا لضابط استخبارات غربي والمسؤول الإسرائيلي والمصدر السوري.
وأبلغ المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، أن الظروف ليست مهيأة بعد لاتفاق سلام شامل. وقال المسؤول السوري، “العناصر الأساسية للثقة غير متوافرة”.
تجنب المواجهة
حدّت الحقائق على الأرض من خيارات الرئيس السوري، أحمد الشرع، ومن ناحية أخرى، أدت الغارات الإسرائيلية و”دعمها للدروز” إلى تقوية موقف الرأي العام السوري ضد أي اتفاق، وهو عامل يثقل كاهل الشرع”، بحسب “رويترز”.
ومن ناحية أخرى، تشكل عمليات الاستيلاء الإسرائيلية على الأراضي في سوريا تهديدًا لدمشق، مما يجعل اتفاق “خفض التصعيد” أكثر أهمية بالنسبة للشرع.
ونقلت الوكالة عن مساعد للرئيس السوري، أن الشرع يحرص على عدم استفزاز جاره الجنوبي، مدركًا مدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه جيشه، قائلًا، “إن تجنب المواجهة يشكل عنصرًا أساسيًا في خطته لإعادة البناء والحكم”.
وقال ضابط عسكري سوري متمركز بالقرب من الحدود مع إسرائيل، طلب عدم الكشف عن هويته، إن دوريات الجيش السوري في الجنوب تتجنب مواجهة القوات الإسرائيلية، التي تقوم بانتظام بمداهمات للقرى وتذهب من باب إلى باب لجمع بيانات الأسر والبحث عن الأسلحة.
الشرع: إسرائيل حزينة على سقوط النظام
وكان الشرع قال، في 12 من أيلول الحالي، في حوار مع قناة “الإخبارية” الحكومية، إن بعض السياسات الإسرائيلية تدل على أنها قد حزنت على سقوط النظام السابق.
وأضاف أن إسرائيل كانت تريد من سوريا أن تكون دولة صراع مع دولة إقليمية وميدانًا للصراع المستمر وتصفية الحسابات.
وأشار إلى أن إسرائيل كان لديها مخطط لتقسيم سوريا وكانت تريد أن تكون ميدانًا للصراع مع الإيرانيين، وتفاجأت بسقوط النظام.
بالمقابل، أكد الشرع أن سوريا في طور مفاوضات ونقاش حول موضوع الاتفاق الأمني مع إسرائيل، لافتًا إلى أن دمشق أبدت التزامها باتفاق 1974 وراسلت الأمم المتحدة وطلبت من قوات “الأندوف” أن تعود إلى ما كانت عليه.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي