وصف حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، الحوالات المالية إلى سوريا بأنها “شريان حياة” بالنسبة للاقتصاد السوري، وقال إن التحويلات من الإمارات وحدها تتراوح بين 700 و800 مليون دولار سنويًا.
واعتبر الحصرية في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” نشرتها اليوم، الثلاثاء 16 من أيلول، أن سعر الصرف في السوق الرسمية أصبح متقاربًا مع السوق السوداء.
ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء 11580 ليرة، في حين يثبت مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي للدولار الواحد عند 11000 ليرة منذ أيار الماضي.
توقعات بنمو “كبير”
توقع الحصرية أن يشهد القطاع المصرفي السوري خلال خمس سنوات نموًا “كبيرًا” ليضم ما بين 30 إلى 35 مصرفًا بين محلي وأجنبي وعربي، مؤكدًا أن سوريا ستمتلك حينها سياسة نقدية فعالة قادرة على تحقيق النمو واستقرار الأسعار، مع عودة واسعة للاستثمارات والمشاريع الكبرى.
ولا تزال الشركات العالمية مترددة في العودة للعمل مع سوريا، ما يجعل القطاع المصرفي أمام تحدٍ مزدوج، “نقص السيولة المحلية، وصعوبة إعادة الاندماج مع النظام المالي الدولي”، بحسب الحصرية.
وأضاف أن هناك تقديرات من مسؤولين كبار في صندوق النقد الدولي ووزراء مالية من دول مجموعة العشرين، بأن سوريا قد تكون “نمر المنطقة المقبل”، على غرار تجارب فيتنام وغيرها.
“هناك نقص في البنية التحتية المصرفية، خاصة بعد خروج سوريا من النظام المالي العالمي لمدة 15 عامًا”، بحسب ما قاله الحصرية، مؤكدًا أن إعادة بناء الثقة مع المصارف المراسلة الدولية عملية طويلة تتطلب تطوير التشريعات وتعزيز الالتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الودائع والسحوبات المصرفية
أعلن حاكم المركزي السوري رفضه لأي إجراء يشبه “الخصم القسري للديون” لمصلحة الدولة على أموال المودعين، مبينًا أن الثقة هي أساس التجارة والاقتصاد، وأن اللجوء لمثل هذه الإجراءات ربما يحقق أرباحًا لحظية، لكنه يدمر المستقبل ويقوّض الثقة.
الدولة السورية ملتزمة برد كامل الالتزامات المالية عليها، والحكومة تعمل على إعادة حقوق قديمة للمواطنين منذ عقود، سواء كانت متعلقة بالتأمينات أو بقوانين إيجار مجحفة، قال الحصرية، ولكن القيود الحالية على السحوبات المصرفية التي بدأت عمليًا مع أزمة القطاع المصرفي اللبناني في تشرين الأول 2019، “ليست طبيعية” إلا أنها استمرت حتى تحولت إلى قاعدة في الاقتصاد السوري.
وأكد الحاكم أن المركزي في حوار مستمر مع المصارف المحلية للوصول إلى آلية تضمن حرية السحب دون قيود، معتبرًا أن استمرار الوضع السابق غير اقتصادي ولا يمكن أن يستمر.
اكتناز العملات الأجنبية
دعا الحصرية المواطنين إلى الابتعاد عن السلوكيات الفردية التي قد تفاقم الأزمة، مثل الاكتناز المفرط أو التوجه إلى العملات الأجنبية، لأن التصرف الفردي الأناني يوقف النشاط الاقتصادي ويؤدي إلى الإفقار الجماعي، على حد قوله.
وأكد أن الحكومة السورية اختارت المسار الأصعب والأصح، أي الاعتماد على الاستثمار الحقيقي بدلًا من الإغراء بوعود ودائع خارجية قد تعطي دعمًا مؤقتًا للاقتصاد.
وقال إن برامج تعزيز الشمول المالي، تشمل:
- إدخال خدمات الدفع الإلكتروني والحلول الرقمية.
- تأسيس مكتب للاستعلام الائتماني (Credit Bureau) يسمح بتقييم الجدارة الائتمانية للأفراد والشركات.
- استهداف أربع فئات رئيسة: رواد الأعمال في التكنولوجيا، النساء، الشباب المتعلمين الباحثين عن دعم مالي، والفئات المهمشة.
- توفير منتجات مصرفية متنوعة بما في ذلك الصيرفة الإسلامية، لضمان تنوع الخيارات.
حذف الصفرين وتبديل العملة
قال حاكم مصرف سوريا المركزي، إن قرار حذف صفرين من العملة الوطنية وإصدار ليرة جديدة ليس مجرد تعديل تقني في شكل النقد، وهو لا يعني تغيير قيمة العملة الفعلية أو قوتها الشرائية، فالقرار “لا يغيّر قيمة العملة بل يغيّر قيمتها الاسمية”.
ويتمثل الهدف الأساسي في تبسيط المعاملات المالية، وتسهيل التعاملات اليومية في الاقتصاد الذي تضخمت فيه الأرقام بشكل لافت مع تدهور العملة خلال السنوات الماضية، أضاف الحصرية.
وتستعد سوريا لإطلاق إصدار جديد من عملتها النقدية، يتضمن حذف صفرين من فئاتها، في خطوة تهدف إلى تعزيز ثقة المواطنين بالليرة السورية وإنعاش الاقتصاد المحلي.
مراحل استبدال الليرة السورية
الحصرية أوضح أن المركزي اختار توقيتًا مناسبًا لإطلاق الإصلاح النقدي، وربطه بحجم الإنجاز السياسي الذي تحقق، وأكد أن استبدال العملة القديمة سيتم وفق قانون السلطة النقدية رقم “23”، الذي يحدد مراحل زمنية واضحة هي:
- مرحلة تمهيدية قبل الإطلاق.
- فترة التعايش حيث يتم تداول العملتين معًا.
- مرحلة الاستبدال النهائي التي قد تمتد حتى خمس سنوات.
ويلتزم المصرف المركزي باستبدال أي ورقة نقدية قديمة بأخرى جديدة طوال المدة المحددة، حيث طمأن الحصرية المواطنين قائلًا، “أي شخص يملك ليرة قديمة سيتم استبدالها بليرة جديدة، والالتزام كامل حتى آخر قرش”.
إلغاء القيود على نقل الأموال
كان الحصرية أعلن، عبر صفحته في “فيسبوك” في آب الماضي، إلغاء جميع القيود المفروضة على نقل الأموال بين المحافظات، بما في ذلك القرار الذي كان يلزم المواطنين والشركات بتقديم طلبات مسبقة.
وأوضح أن القرار يأتي في إطار دعم الحركة الاقتصادية وتسهيل المعاملات التجارية والمصرفية، مع استمرار الرقابة على أي أنشطة مشبوهة أو غير قانونية.
وأكد أن الهدف من هذا الإجراء تسهيل حركة السيولة بين المحافظات، ليصبح بالإمكان نقل الأموال داخل سوريا بحرية ودون موافقات مسبقة، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالشفافية واستخدام القنوات الرسمية والآمنة.
وفي حديث سابق إلى ، قال نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة والخبير الاقتصادي، عبد الرحمن محمد، إن أهمية قرار إلغاء القيود المفروضة على نقل الأموال بين المحافظات تكمن في:
- تحفيز السيولة: تسهيل حركة السيولة بين المحافظات، بما يعزز قدرة الأفراد والشركات على الوصول إلى الأموال.
- تعزيز الثقة: القرار يعكس التزام الحكومة بتحسين بيئة الأعمال، ما قد يزيد ثقة المستثمرين والمواطنين بالنظام المالي.
- تسهيل المعاملات: إلغاء الطلبات المسبقة يسرّع الإجراءات المالية، ويتيح للشركات والأفراد إنجاز معاملاتهم اليومية بسهولة.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي